مع احتفالات العالم برأس السنة فاجأت بلدية مدينة ميلانو -مدينة المال والأعمال والموضة- مواطنيها وزائريها بقرار صارم وصادم لحوالى 20% من سكانها. القرار هو حظر التدخين تمامًا ليس فقط فى الأماكن المغلقة كالبنايات ووسائل المواصلات، بل فى الشوارع والأماكن العامة، ويسرى تنفيذه من أول يناير 2025. المدافعون عن القرار يقولون إن التدخين حتى فى الأماكن العامة يساهم فى تلوث الجو ويعتدى على حرية غير المدخنين، بل يتسبب لهم فى أضرار صحية. كذلك يشيرون إلى قضية التغير المناخى ويؤكدون أن محاصرة التدخين تعد واحدة من أهم الحلول لمواجهته. المعارضون طبعا هم المدخنون الذين يعتبرون أن هذا القرار هو اعتداء على الحرية الشخصية ومنافٍ للقيم الإنسانية التى تتيح للإنسان أن يفعل ما يريد طالما أن حريته لا تتعارض مع حرية الآخرين. الغرامة التى وضعها القانون للمخالفين تتراوح بين 40-240 يورو. لكن هل تستطيع الإدارة والمسئولون فى بلدية ميلانو تنفيذ هذا القرار الجريء؟؛ أشك فى ذلك، فكيف يمتنع مدمن السجائر فجأة عن التدخين؟ وهل سيطارد المنفذون كل تلك الأعداد من المدخنين ليلا نهارا فى الطرقات والشوارع. إن واحدا من كل خمسة إيطاليين يدخنون السجائر، فكيف سيتم تتبعهم؟!. القرار فى ظاهره ممتاز لكنى لا أعتقد أنه قابل للتنفيذ لا فى إيطاليا ولا فى غيرها من البلاد التى حاولت استصدار قرارات مماثلة مثل إنجلترا التى أعلنت أنها فى طريقها لإعلان (إنجلترا خالية من التبغ)، وفرنسا التى تفكر فى قانون ينص على عدم السماح بالتدخين إلا فى الأماكن الخالية بشرط أن تكون المسافة بين المدخن والآخرين لا تقل عن عشرة أمتار. كما تحظر التدخين تماما فى الأماكن التى يوجد بها أطفال أو مسنون. متى نرى قانونا صارما فى مصر يحظر التدخين تماما فى الأماكن المغلقة ويجرم إقامة المقاهى التى تقدم الشيشة تحت العمارات السكنية؟! هذه المقاهى التى تفترش معظم أرصفة شوارع القاهرة وغيرها من المحافظات وتنفث السموم ليلا نهارا فى وجوه وصدور أطفالنا!!.