أحداث متسارعة تشهدها الساحة السورية خلال الأسابيع القليلة الماضية، وعقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وسيطرة الفصائل المسلحة بزعامة هيئة تحرير الشام وقائدها أحمد الشرع على المشهد السياسي؛ ما يثير التكهنات حول مستقبل تعامل هذه الفصائل ذات التوجهات والمصالح المتعارضة مع بعضها البعض. اقرأ أيضا: عرض عسكري للفصائل المسلحة في ساحتي الأمويين والعباسيين بسوريا |فيديو وصور المصالح المتعارضة ربما تتضح أكثر في علاقة هيئة تحرير الشام والجيش السوري الحر وفصائل آخرى موالية لتركيا من جانب، والأكراد وتمثلهم قوات سوريا الديمقراطية "قسد" من جانب آخر، إذا أن الأكراد يطمحون إلى الحصول على الحكم الذاتي على غرار إقليم كردستان العراق ما يشكل تهديدا للأمن القومي التركي حيث تصنف أنقرة حزب العمال الكردستاني لديها بأنه منظمة إرهابية وتخوض اشتباكات معه منذ 1984 وتخشى وصول عدوى التمرد والمطالبة بالحكم الذاتي لديها. تلك المخاوف التركية ترجمها لقاء وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مع رئيس الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، حيث قال "فيدان" إنه لا يوجد مكان لمسلحي وحدات حماية الشعب الكردية في مستقبل سوريا وإنه يجب تفكيكها، بينما أكد الشرع أنه لن يكون هناك سلاح خارج الدولة في البلاد. التنافر بين الأكراد والإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع اتضحت في لقائه الأخير مع قادة الفصائل لتشكيل الجيش السوري الجديد، حيث توافقت الفصائل المسلحة المنضوية تحت لواء هيئة تحرير الشام على تشكيل جيش سوري جديد وحصر السلاح بيد الدولة فيما غاب أكراد سوريا عن هذا التوافق. وفي تصعيد لافت؛ اندلعت اشتباكات بين قوات سورية الديمقراطية "قسد" من طرف، والفصائل السورية المدعومة من الجيش التركي والمعترف بها من الإدارة السورية في دمشق، في جميع خطوط التماس بينهما في محافظات حلب والرقة والحسكة، والتي تستخدم فيها كل أنواع صنوف الأسلحة الثقيلة والطيران المسير. وبحسب "سبوتنيك"، فإن الاشتباكات مستمرة بين "قسد" والتشكيلات العسكرية التابعة لها من جهة، والفصائل السورية المدعومة من الجيش التركي جهة أخرى، وتتركز هذه الاشتباكات بشكل أكبر وبالأسلحة الثقيلة والمتوسطة وقذائف صاروخية مناطق وقرى على عين العرب (كوباني) ومحيط جسر قرقوزاق وسد تشرين في ريف حلب الشرقي، خصوصاً بعد سيطرة الفصائل السورية على مدينتي منبج وتل رفعت وعلى عدد كبير من القرى. وبحسب "سبوتنيك" فإن التصريحات التركية وقيادة الفصائل السورية تؤكد خلال الأيام الماضية على نيتها السيطرة على مدينة عين العرب وسد تشرين بهدف إخراج قوات "قسد" من كامل الجغرافية الإدارية لمحافظة حلب. كما أن الاشتباكات المستمرة بين الطرفين منذ 15 يوماً، تتزامن مع اشتباكات وقصف متبادل عبر سلاح المدفعية وقذائف الهاون والطيران المسير في ريفي تل أبيض وعين عيسى في ريف محافظة الرقة، وتل تمر وأبو راسين في ريف محافظة الحسكة، مع وقوع خسائر بشرية ومادية كبيرة من الطرفين. وكشفت مصادر مقربة من قوات "قسد" لوكالة "سبوتنيك" بأن الاشتباكات والتعزيرات العسكرية، تتزامن مع تحركات تقوم بها القوات الأمريكية في منطقة عين العرب في ريف حلب، من خلال الدوريات الراجلة، مع نية القوات الأمريكية إحداث نقطة عسكرية لها، في مبنى مؤقت من أجل الإشراف على المفاوضات والوساطة بين القوات التركية والفصائل السورية المدعومة من الأخيرة من طرف، وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" من طرف آخر للحد من التصعيد في المنطقة، لكن دون أي نتائج على أرض الواقع. ويسعى الأكراد في سوريا إلى الحفاظ على مكاسب سياسية حققتها خلال الحرب على مدى 13 عاما، حيث سيطروا على ما يقرب من ربع مساحة البلاد وقادوا جماعة مسلحة قوية تعد حليفا رئيسيا للولايات المتحدة في مواجهة تنظيم "داعش".