كشفت صحيفة واشنطن بوست أن البنك الفيدرالي الأمريكي بدأ في دراسة معمقة لتأثير هذه سياسات دونالد ترامب الأقتصادية المحتملة على معدلات التضخم في العام المقبل 2025، في حين ان هذه الخطوة غير المسبوقة من البنك المركزي تأتي في وقت حساس. ويستعد ترامب للعودة إلى البيت الأبيض بعد فوزه في انتخابات نوفمبر 2024، حاملاً معه حزمة من السياسات الاقتصادية التي قد تغير المشهد الاقتصادي الأمريكي بشكل جذري. تحذيرات الفيدرالي وتحديات السياسة النقدية في خضم هذه التطورات المتسارعة، برزت تصريحات جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، كمؤشر واضح على حجم المخاوف داخل أروقة البنك المركزي، وفي هذا الصدد كشفت واشنطن بوست أن باول، وفي تحول لافت عن حذره المعتاد، أقر بأن العديد من مسؤولي البنك المركزي قد شرعوا في تحليل التأثيرات المحتملة للسياسات المالية المرتقبة للرئيس ترامب. وفي مؤتمر صحفي عقب اجتماع الفيدرالي الذي استمر يومين، أوضح باول أن بعض المسؤولين قد بدأوا بالفعل في "دمج تقديرات أولية مشروطة للغاية للآثار الاقتصادية للسياسات المقترحة." هذا التصريح الحذر يخفي وراءه قلقاً متزايداً من احتمالية أن تؤدي السياسات المالية لترامب إلى تأجيج معدلات التضخم بشكل غير مسبوق. اقرأ أيضًا: وسط تهديدات ترامب.. ملف الهجرة يترقب مخاطر«أبعد من إنفاذ القانون» المخاطر المتصاعدة والتحديات الاقتصادية كشفت الصحيفة عن مجموعة معقدة من التحديات التي تواجه الاقتصاد الأمريكي، إذ أن البرنامج الاقتصادي المرتقب لترامب، والذي يتضمن ثلاثية مثيرة للجدل، وهي رفع التعريفات الجمركية، وخفض الضرائب، وتشديد سياسات الهجرة، يثير مخاوف عميقة لدى الخبراء الاقتصاديين وصناع السياسة النقدية على حد سواء. وقد أعرب جون ويليامز، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، عن هذه المخاوف بشكل صريح في تصريحات لشبكة CNBC، مؤكداً أن هذه السياسات تمثل "محركات مهمة للتفكير حول المستقبل الاقتصادي". وأضاف ويليامز أن "مخاطر التضخم أعلى أيضاً لأننا لا نعرف حقاً ما الذي سيحدث العام المقبل". تداعيات السياسات التجارية والتوقعات المستقبلية في تحليل معمق للوضع الاقتصادي المرتقب، كشف تقرير حديث للمكتب الكونجرسي للميزانية عن نتائج مقلقة، مشيرا ان الرسوم الجمركية المرتفعة التي يعتزم ترامب فرضها على الواردات الصينية وغيرها من الواردات قد تؤدي إلى ارتفاع مؤشر التضخم الرئيسي بنسبة 1% بحلول عام 2026. هذه التوقعات تأتي في وقت أقر فيه ترامب نفسه، في مقابلة مع برنامج "ميت ذا برس" على شبكة NBC، بأنه لا يمكنه تقديم ضمانات بعدم ارتفاع الأسعار في الولاياتالمتحدة نتيجة لسياساته التجارية المقترحة. وقد علق جو بروسويلاس، كبير الاقتصاديين في RSM، على هذه التطورات قائلاً إن "المخاطر المحيطة بالتوقعات الاقتصادية مرتبطة بشكل واضح بالسياسة المالية التوسعية وسياسة التجارة وتشديد سياسة الهجرة." صراع الاستقلالية والتوازن الاقتصادي في خضم هذه التحديات المتصاعدة، يواجه البنك الفيدرالي معركة شرسة للحفاظ على استقلاليته، إذ كشفت واشنطن بوست عن تاريخ طويل من محاولات ترامب للتأثير على سياسات البنك المركزي، حيث نشر ما يقرب من 100 منشور على منصة X منتقداً فيها باول والفيدرالي خلال فترة رئاسته الأولى. وفي محاولة للرد على هذه المخاوف، أكدت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم الفريق الانتقالي لترامب-فانس، أن الرئيس المنتخب حقق اقتصاداً مزدهراً وخفض الأسعار للعائلات خلال فترة رئاسته الأولى، متعهدة بأنه "سيضع العمال الأمريكيين في المقام الأول، ويخفض التضخم، ويرفع الأجور الحقيقية، ويخفض الضرائب، ويقلل القيود التنظيمية، ويطلق العنان للطاقة الأمريكية" منذ اليوم الأول لتوليه المنصب. ومع اقتراب موعد نشر محاضر اجتماع الفيدرالي في يناير المقبل، يترقب المراقبون والخبراء الاقتصاديون المزيد من التفاصيل حول كيفية تعامل البنك المركزي مع هذه التحديات غير المسبوقة، إذ ان الطبيعة الاستثنائية للرسوم الجمركية التي يفكر ترامب في فرضها تجعل من الصعب التنبؤ بتأثيراتها الدقيقة على الاقتصاد الأمريكي، مع احتمال أن تؤدي إلى مزيج معقد من النمو البطيء والتضخم المرتفع، وهو سيناريو يضع البنك المركزي أمام اختبار صعب في موازنة أهدافه المتعددة للحفاظ على استقرار الأسعار ودعم النمو الاقتصادي.