نشطت التحركات العربية خلال الأسبوع الماضي ومع بداية هذا الأسبوع للتعامل مع الواقع الجديد والتطورات المتسارعة في سوريا لخلق حائط صد للتعامل مع تعدد المشاريع والمخططات من أطراف دولية مختلفة انخرطت فى الصراع السوري منذ أكثر من عقد، وتنتظر الآن جنى المكاسب عقب رحيل نظام بشار الأسد، وهو ما جعل هناك تركيزا عربيا على دعم الشعب السوري في تطلعاته المستقبلية والتأكيد على وحدة أراضي الدولة السورية، مع التوافق على رفض توغل الاحتلال الإسرائيلى واستغلاله حالة الفراغ التى تعانيها الدولة مع تدمير مقرات الجيش السوري. ◄ الدعوة لعملية انتقالية تتمثل فيها كل القوى السياسية ◄ الرؤية العربية تستبق مخاطر تمدد خطر الإرهاب وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعا فى مدينة العقبة بالأردن، السبت الماضى، وهى تضم دول (مصر والأردن والسعودية والعراق ولبنان ودولة الإمارات ومملكة البحرين وقطر إلى جانب أمين عام جامعة الدول العربية والرئيس الحالى للقمة). وخرج الاجتماع بمجموعة من التوصيات كانت بمثابة خارطة طريق عربية لخروج سوريا من نفق الفراغ الحالى وتحقيق الانتقال الديمقراطى المنشود، وأكد على احترام إرادة وخيارات الشعب السورى، وضرورة وقف العمليات العسكرية، وشددت الدول العربية على أهمية الوقوف إلى جانب الشعب السورى وتقديم كل العون والإسناد له فى هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته. ◄ لجنة الاتصال العربية ودعمت لجنة الاتصال العربية انطلاق عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدنى بعدالة، وترعاها الأممالمتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته، بما فى ذلك تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سورى، والبدء بتنفيذ الخطوات التى حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسى جديد، يلبى طموحات الشعب السورى بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأممالمتحدة، استنادا إلى دستور جديد يقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التى اعتمدها القرار. وتوافقت الدول العربية على أن المرحلة الدقيقة الحالية تستوجب تدشين حوار وطنى شامل، وتكاتف الشعب السورى بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التى يستحقها الشعب السورى، بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات، مع ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها فى خدمة الشعب السورى، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى. واستبقت الرؤية العربية للتعامل مع الوضع الراهن فى سوريا مخاطر تمدد خطر الإرهاب وإنعاش جماعات غابت عن المشهد خلال السنوات الماضية، مما وضح من خلال التوصيات التى نادت بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون فى محاربته فى ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة، وأكدت اللجنة الوزارية على التضامن المطلق مع سوريا لحماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وأكدت الدول العربية على ضرورة تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأممالمتحدة المعنية، وتحقيق مبادئ العدالة الانتقالية وفق المعايير القانونية والإنسانية ومن دون انتقامية، وحقن دماء الشعب السورى الشقيق الذى يستحق أن تنتهى معاناته. ◄ توغل إسرائيل وأدانت الدول العربية توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها فى جبل الشيخ ومحافظتى القنيطرة وريف دمشق، ورفضه واعتباره احتلالا غاشما وخرقا للقانون الدولى، وشددت على ضرورة العودة لاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل فى العام 1974، والمطالبة بانسحاب القوات الإسرائيلية، وإدانة الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى فى سوريا، والتأكيد على أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، ومطالبة مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات. وقال هانى الجمل، الباحث فى العلاقات الدولية، إن مخرجات اجتماع لجنة الاتصال العربية تبرهن على أن دعم الدول العربية هو أولاً للشعب السورى وتطلعاته، ودعم وجود حوار سورى - سورى يشمل جميع المعارضين سواء فى الداخل أو الخارج مع وجود قوة فاعلة فى صدارة المشهد لا يمكن تجاهلها وتحظى بدعم إقليمى ودولى وهى هيئة تحرير الشام، وأن ما ينقص تلك المخرجات هو وجود آليات تضمن تنفيذها لكى لا تتحول إلى مطالب تبقى مجرد حبر على ورق، مع أهمية أن يكون هناك تفاهمات عربية مع الدول الإقليمية والكبرى وفى مقدمتها الولاياتالمتحدة للحد من الانتشار الإسرائيلى باعتباره احتلالا طبقا للمعايير الدولية، وشدد على أن بيان اللجنة العربية يؤكد على أن الشعب السورى هو المنوط به أولاً وأخيرا بناء دولته المستقلة وفقا للنظام الذى يرونه يناسبهم سواء كان رئاسيا أو برلمانيا أو الفيدرالية، وأن الرغبات السورية خاصة من جانب فصائل المعارضة لديها ترحيب بفكرة الفيدرالية بأن يكون لديها ميزة نسبية لتوسيع الثروات الطبيعية التى تمتلكها طبقا للتوزيع الجغرافى فى شمال وشرق سوريا. ◄ بعض الصعوبات وقال إن الرؤية العربية تواجه بعض الصعوبات لأن الحل السورى منذ العام 2011 لم يكن بأيدى السوريين أنفسهم وإنما دائما ما كان يأتى من الخارج عبر القوى الإقليمية أو الدولية، وأن ذلك ما قاد أخيرا لرحيل الأسد وأتى بالفصائل المسلحة التى جرى تدريبها لتكون فى صدارة المشهد عبر تدريبات تلقتها فى تركيا. وكانت تركيا وروسيا وإيران دولاً ضامنة لخفض التصعيد وفقا لاتفاق أستانة، وأن التوافق بين الدول الإقليمية على رحيل الأسد ساهم فى إسقاط النظام بغضون أيام قليلة وسهل وصول الجماعات والفصائل المسلحة إلى العاصمة دمشق فى غضون أيام قليلة. وبرأى هانى الجمل أن التفاهمات بين أمريكاوتركيا وإسرائيل كانت هى اللاعب الأبرز فى التحول الدراماتيكى فى المشهد السورى، وإلى جانب التوافق على إسقاط نظام بشار الأسد فإن الولاياتالمتحدة لديها رغبة فى تحييد تنظيم داعش وتفويت الفرصة عليه لعدم استغلاله المشهد الضبابى هناك لكى يعيد إنتاج نفسه على الساحة السورية. وذكر أن الولاياتالمتحدة وجدت فى دعمها للجماعات المسلحة فرصة للقضاء على تواجد إيران ووفقا لرؤية الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب، فإن القضاء على إيران يساهم فى حل أزمات الشرق الأوسط بما فيها فلسطين ولبنان وسوريا، وهو ما يخدم إسرائيل أيضا التى حلمت بإنهاء ما يسمى بوحدة الساحات التى كانت تتبناها إيران وأن دعم هذه الفصائل ليس من أجل إسقاط نظام الأسد ولكن للقضاء على ما تبقى من قوة للجيش السورى مع استهداف المستشارين الإيرانيين المتواجدين على الأراضى السورية. من جانب آخر، لفت مدير المرصد السورى لحقوق الإنسان، رامى عبد الرحمن، إلى أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تسيطر حالياً على 20 فى المئة من الأراضى السورية، مع الإشارة إلى أن مدينة منبج ستصبح تحت سيطرة الفصائل الموالية لتركيا، وفى الوقت نفسه، باتت إدارة العمليات تسيطر على 70 فى المئة من الأراضى السورية، وفقاً للمرصد. ◄ قوات سوريا الديمقراطية تنشر الولاياتالمتحدة نحو 900 عسكرى في شمال شرقي سوريا، وتدعم قوات سوريا الديمقراطية التى يشكل الأكراد عمودها الفقرى، وقد هزمت تنظيم الدولة الإسلامية، وتدعم تركيا فصائل مسلحة تقاتل قوات سوريا الديمقراطية التي تعتبرها فرعا لحزب العمال الكردستانى، عدوها اللدود. ورحبت قوات سوريا الديمقراطية بسقوط الرئيس بشار الأسد واعتمدت الإدارة الذاتية الكردية التي أنشأتها فى المناطق الخاضعة لسيطرتها العلم السوري ذا النجوم الثلاث. في الجنوب، أصدر وزير الدفاع الإسرائيلى يسرائيل كاتس، أوامر للجيش «بالاستعداد للبقاء» طوال فصل الشتاء فى المنطقة العازلة فى هضبة الجولان الاستراتيجية المحتلة منذ عام 1967. ونفذت إسرائيل مئات الضربات فى سوريا فى الأيام الأخيرة ضد مواقع عسكرية استراتيجية وبررت ذلك لمنع وقوع معدات الجيش السوري في «الأيدى الخطأ»، وفق ما قال وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن. وأعلن الاتحاد الأوروبي إطلاق جسر جوى إنساني مع سوريا عبر تركيا، بعد أن أطلق برنامج الأغذية العالمى نداء عاجلا لجمع 250 مليون دولار لتوفير «مساعدات غذائية» للسوريين المحتاجين، وقد سجلت الأممالمتحدة أكثر من مليون نازح جديد منذ هجوم الفصائل بقيادة هيئة تحرير الشام. من جهتها، قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين فى سوريا إن السلطات الجديدة أرسلت «إشارة بناءة» من خلال مطالبتها بالبقاء في سوريا ومواصلة عملها.