حقوق اللاجئين مكفولة فى وطن الإنسانية أكثر من 9 ملايين لاجئ يعيشون على ضفاف دلتا مصر ووداى نيلها، بعدما أجبرتهم الحروب والصراعات على ترك ديارهم والفرار من أوطانهم، هربًا من الجحيم، وبحثًا عن الأمان، وفتحت لهم مصر أبوابها واحتضنتهم كضيوف على أرضها، فوجدوا فيها ملاذهم وأمنهم، ووجدوا الكرامة فى مجتمع يحتضنهم دون أن يضعهم خلف أسوار المخيمات أو يعزلهم عن نسيج المجتمع المصرى رغم تحدياته وأزماته الاقتصادية الطاحنة.. فى شوارع القاهرة المزدحمة، يتردد صدى حكايات اللاجئين، وتتجسد قصصهم بين أوجاع الماضى وأحلام المستقبل، التقينا فى شوارع منطقة العتبة المُكتظة بوجوه تجسد معانى الألم والصبر والإصرار، شاب سودانى فَرَّ من الصراعات والحروب الأهلية ويسعى لبدء حياته من جديد، وفتاة فلسطينية تتسوق الأمل لأطفال وطنها الجريح.. وفى مدينة السادس من أكتوبر، لمسنا معاناة السوريين قبل وصولهم مصر التى كانت الملاذ الآمن، يروون قصص نجاحهم فى وطنهم الثانى بعدما وجدوا الأمان والاستقرار.. وإلى تفاصيل أخرى فى الملف التالى: فى زاوية مزدحمة من شوارع منطقة العتبة، وقف الشاب السودانى أحمد حسن -33 عامًا- خلف طاولته الخشبية التى يعرض عليها بضاعته من الإكسسوارات والمشغولات اليدوية، وقد انتهى من ترتيبها لتلفت انتباه المارة والزبائن، وقف بابتسامته البسيطة التى تحمل آلام وجروح الماضى وتطلعًا إلى المستقبل. اقرأ أيضًا| «شارع درب البرابرة».. قلب القاهرة القديمة وشاهد على التعايش الثقافي | فيديو بدأ أحمد حديثه بأن الحياة فى السودان لم تُعد ممكنة، بعدما أكلت الحرب، الأخضر واليابس، وقال وهو يحاول السيطرة على أنفاسه المتقطعة: «لم يعد هناك أمان حتى فى بيوتنا، شاهدت أصدقائى يُقتلون أمام عينى.. كنت أعيش مع زوجتى وابنتى الصغيرة، وحياتنا كانت بسيطة وسعيدة».. يضيف أحمد أن قرار الرحيل عن وطنه لم يكن سهلًا، لكنه كان الخيار الوحيد، والطريق كان طويلًا وصعبًا. قائلاً: عبرنا الحدود وسط مخاطر كثيرة، لكننا كنا نعلم أن مصر هى المكان الذى يمكن أن نجد فيه الأمان، لم أشعر أنا وزوجتى وطفلتى بالأمان إلا عندما عبرنا إلى الحدود المصرية، وعندما وصلنا إلى مصر شعرت لأول مرة بأننى آمن، المصريون استقبلونا بطيبة قلب، وكان هذا أكثر ما نحتاجه فى تلك اللحظة. وصل أحمد إلى القاهرة، واندمج سريعًا مع المجتمع المصرى وسط شعور بالدفء والأمان، وتنقل بين العديد من الأعمال، إلى أن استقر على هذه الطاولة الخشبية الصغيرة بمنطقة العتبة ليبيع عليها بضاعته. ورغم استقراره حاليًا فى مصر، لا يزال أحمد يحلم بالعودة إلى السودان، مؤكدًا: «نعم فى مصر وجدت الأمان، لكن قلبى ما زال عالقًا هناك بالسودان، هناك حيث الأهل والأرض والسماء، مصر أعطتنى ملاذًا، لكنها لم تأخذ منى الشوق.. بلدى فى قلبى، وسأعود إليه عندما يعود السلام، وحتى يأتى ذلك اليوم سأبقى مُمتنًا لمصر وأعمل فيها بجد لأمنح ابنتى مستقبلًا أفضل.