مع تقدم الزمن تغيرت حياة الناس خاصة بعد أن نمت التكنولوجيا نماء الكرة من النار وأصبحت جزءًا أساسيًا في حياة الدول والأفراد لا يمكن الاستغناء عنها بعد أن تلاشت معها سلبيات كثيرة متعددة وباتت معظم الأشياء في متناول اليد. والآن تكنولوجيا التواصل الاجتماعي هي الرائدة في العصر الحالي لكافة الفئات العمرية خاصة النشئ الصغير الذين تعرفوا من خلال هذه التكنولوجيا التي غزت البيوت وأزالت كل حواجز الخصوصية وفتحت أبواب العالم على ثقافات مختلفة متعددة دون قيد أو شرط مما عرض جيل كامل للانحراف لم يستطع أن يستوعب المحيط الخارجي الذي تراجعت فيه القيم والأخلاق وفقدان الثقة. من هنا نستطيع أن نقول خير فعلت وزارة الأوقاف المصرية بإطلاق مبادرات عديدة لمواجهة مظاهر هذا التراجع القيمي والأخلاقي خاصة تلك المبادرة التي أطلقتها الوزارة بعودة كتاتيب تحفيظ القرآن الكريم في القرى والأرياف، لما لهذه الكتاتيب من أثر عظيم كسابق عهدها في تعليم القراءة والكتابة وتعليم القراءة الصحيحة لكتاب الله والتعرف على تعاليم الدين الأساسية الصحيحة، هذه الكتاتيب التي كانت منتشرة في البوادي والقرى ورغم بساطتها فقد محت الأمية وأنارت العقول وخرجت حُفاظا وقُراء وعلماء كبار. والتي كانت رغم صغر مساحتها تتسع لأبناء المجتمع الواحد على اختلاف عقائدهم لتعلم القراءة والكتابة وأصول اللغة العربية السلسلة في اندماج وانسجام وتقاليد حكيمة، وأنماط حياة أصيلة تتفاعل معها الفطرة الإنسانية السليمة قبل العقيدة في مجتمع تتساوى فيه كل الجينات، مما كان لها نتائج إيجابية طويلة المدى سدت الكثير من الفجوات خاصة عندما يتعرض المجتمع لخطر التدخلات. لكن هذه الكتاتيب لاقت التهميش وضعف دورها أمام مدارس التعليم الرسمي وحاصرتها العراقيل حتى بعثت فينا مبادرة الأوقاف الأمل من جديد بعودة الكتاتيب خاصة أننا في خضم تقلبات وتغيرات وانتشار الفتن في المجتمعات والتي بقف أمامها النشئ الصغير حائرا تائها خاصة أمام دعوات التطرف والغلو التي تستغل العقول البيضاء كأرض خصبة للفكر المتطرف البعيد عن صحيح الدين. أتمنى مع إطلاق هذه المبادرة أن تكون هناك متابعة جيدة حتى تتحقق أهدافها بداية من اختيار المعلم أو الشيخ المسؤول عن تربية الطفل على الخلق الصالح والحفظ السليم لكتاب الله والعمل والتخلق به، والحفاظ على لغته العربية وهويته وتعليمه برامج تعليمية متعددة تتناسب مع تركيبته العقلية وبما يحميه من الانزلاق في طرق التطرف والتمييع والنفاق . نؤيد ونبارك لوزارة الأوقاف إطلاق هذا الشعاع الثقافي الذي سيكثر معه الخير والنفع والفضيلة.