تحتفل مصر يوم 21 ديسمبر من كل عام ب«يوم العلم المصري»، الذي يوافق ذكرى افتتاح جامعة القاهرة عام 1908، رمزًا لحرص الدولة على دعم التعليم والبحث العلمي، هذا الاهتمام بالعلم ليس جديدًا على مصر، التي كانت منذ فجر التاريخ منارة للعلوم والفنون، وموطنًا للعلماء والمثقفين. في هذا السياق، يعرض المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية ضمن مبادرة «قطعة الشهر» تمثالًا فريدًا لشاعر أو مثقف من العصر الروماني، ليأخذنا في رحلة إلى عمق الثقافة الهلنستية والرومانية التي تركت بصمة واضحة على التراث المصري. أهمية التمثال وارتباطه بيوم العلم يعكس تمثال المثقف المعروض في المتحف اليوناني الروماني جزءًا من التراث الثقافي لمصر في العصر الروماني. يُبرز هذا الاختيار احتفاء المتحف بالعلم والفكر الإنساني، ويتزامن عرضه مع "يوم العلم المصري"، مما يعيد إلى الأذهان مكانة مصر كمنارة للثقافة والحضارة منذ آلاف السنين. وصف التمثال التمثال المنحوت من الرخام يعود إلى القرن الرابع الميلادي، وهو أحد أواخر المنحوتات الرومانية في مصر. يصور شخصية مثقف يرتدي عباءة يونانية (الهيماتيون)، التي تُظهر الذراع الأيسر وتخفي الذراع الأيمن، رمزًا للعلم والمعرفة في الثقافة اليونانية القديمة. تعكس هذه العباءة مكانة المثقف كمثال للمواطن الصالح، المتحدث بهدوء والعامل بحكمة. الموقع التاريخي تم اكتشاف التمثال في منطقة مينا البصل بالإسكندرية، التي كانت مركزًا حضاريًا وثقافيًا هامًا خلال العصرين اليوناني والروماني. الإسكندرية، عاصمة الثقافة الهلنستية، شهدت تداخلًا بين الثقافات المصرية واليونانية والرومانية، ما يظهر بوضوح في القطع الأثرية مثل هذا التمثال. رمزية التمثال يشير تمثال المثقف إلى أهمية التعليم والفكر في المجتمع الروماني. فالشخصية المصورة ليست مجرد شاعر أو مفكر عادي، بل هي رمز للقيم المثلى التي روجت لها الحضارة اليونانية والرومانية، حيث ارتبطت الفلسفة والثقافة بالسلوك القويم والتهذيب الشخصي. الهيماتيون والرمزية الثقافية تمثل العباءة (الهيماتيون) التي يرتديها المثقف رمزًا للهوية اليونانية والرومانية. كان ارتداء هذه العباءة تقليدًا يعكس الانتماء إلى الطبقة المثقفة، ويُبرز الالتزام بالقيم الفكرية والفلسفية. التصميم الفني يُظهر التمثال براعة فنية في النحت والتفاصيل الدقيقة، مما يعكس تقنيات النحت المتقدمة التي سادت في القرن الرابع الميلادي. الرخام المستخدم يضفي عليه طابعًا من الفخامة، ما يشير إلى مكانة صاحب التمثال في المجتمع. المتحف اليوناني الروماني: بوابة إلى الماضي يُعد المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية أحد أهم المتاحف التي تعرض مزيجًا فريدًا من التراثين اليوناني والروماني في مصر. تأسس عام 1892 ويضم مجموعة مميزة من القطع الأثرية التي تعكس التفاعل الثقافي بين الحضارات. من خلال مبادرة "قطعة الشهر"، يسلط المتحف الضوء على كنوز أثرية تحكي قصصًا عن التاريخ والفكر الإنساني. العصر الروماني في مصر العصر الروماني (30 ق.م - 641 م) كان حقبة من التداخل الثقافي والحضاري بين المصريين والرومان. تركت هذه الحقبة آثارًا فنية ومعمارية تُبرز تأثير الفن اليوناني والروماني على التراث المصري، مع احتفاظ المصريين بهويتهم الثقافية. رسالة القطعة إن عرض هذا التمثال في إطار الاحتفاء بيوم العلم يهدف إلى إحياء قيمة الثقافة والتعليم كعناصر أساسية في بناء المجتمعات. يعكس التمثال رسالة خالدة عن أهمية الفكر والمعرفة في تعزيز الوعي الإنساني، وهي رسالة تستمر مصر في حملها عبر العصور. يمثل تمثال المثقف في المتحف اليوناني الروماني رمزًا للارتباط العميق بين الحضارات القديمة والقيم الإنسانية الخالدة. من خلال هذا التمثال، يُذكّرنا المتحف بدور العلم والثقافة في تشكيل التاريخ والمجتمعات. وفي "يوم العلم المصري"، يصبح هذا التمثال شاهدًا على عظمة مصر كمنارة للعلم والعلماء، تراثًا وحاضرًا ومستقبلًا. اقرأ أيضا | المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية ينظم ورشة رسم وتلوين لنشر الوعي السياحي والأثري