أثيرت تساؤولات عدة، عن إصدار الرئيس الأمريكي جو بايدن عفوًا رئاسيًا عن ابنه هانتر بايدن، بسبب قضايا متدوالة بالمحاكم، حول ماهية القرار، لاسيما وأن بايدن تعهد في أكثر من مناسبة، بعدم استخدام صلاحياته والتدخل في قضايا ابنه. ووفق الكاتب سيمون جينكينز في صحيفة «الجارديان»، فإن الدستور الأمريكي مبني على حقوق وحريات صريحة، يحميها مبدأ الفصل بين السلطات، حيث كان الغرض من المادة الدستورية، تعزيز سلطة الرئيس في التعامل مع جيش الاتحاد وميليشيات الدولة. ويضيف أن بايدن ليس الوحيد الذي أساء استخدام العفو، حيث سبقه رؤساء سابقين، إذ إصدر بيل كلينتون عفواً عن أخيه غير الشقيق، وشخصيات أخرى تبرعت عائلاتها للديمقراطيين؛ كما أصدر دونالد ترامب عفواً عن والد صهره وعدد كبير من مساعديه. وتوقع «جينكينز» أن يستخدم ترامب محاولة العفو عن نفسه من مختلف الملاحقات القضائية المعلقة، وربما حتى مثيري الشغب في الكابيتول هيل عام 2021. ◄ نص مادة العفو في الدستور ترجع خلفية العفو الرئاسي منذ صياغة الدستور عام 1787، ودخوله حيز التنفيذ عام 1788، وكان الهدف منها تمكين الرئيس من تصحيح أي ظلم محتمل، أو المساهمة في المصالحة الوطنية، مع معالجة لقضايا سياسية واجتماعية حساسة. ويعد هذه الإجراء، صلاحية ممنوحة لرئيس الولاياتالمتحدة بموجب المادة الثانية، القسم 2 من الدستور الأمريكي «يمنح للرئيس سلطة إرجاءات وعفو عن الجرائم» وتسمح له بالعفو عن الأشخاص المدانين بجرائم اتحادية، بما في ذلك تخفيف أو إسقاط العقوبات، مع عدم تضمنها الجرائم التي تُرتكب على مستوى الولايات؛ فهي تقع ضمن اختصاص حكام الولايات، كما لا يشمل إلغاء إجراءات العزل التي يتخذها الكونجرس ضد الرئيس أو المسؤولين الآخرين. ◄ كيفية سير العمل؟ يقوم مكتب العفو التابع لوزارة العدل بمراجعة الطلبات وتقديم التوصيات للرئيس، على الرغم من أن الرئيس غير ملزم باتباع هذه التوصيات. كما لا يتطلب قبول العفو من المستفيد الاعتراف بالذنب، لكن المحكمة العليا الأمريكية قضت بأن القبول بالعفو يتضمن اعترافًا ضمنيًا بالذنب «قضية Burdick v. United States، عام 1915». ومن حالات العفو المثيرة للجدل، منحها للشخص بعد الوفاة، وهو ما حدث في عام 1999، في قرار الرئيس بيل كلينتون بالعفو بعد الوفاة ل «هنري أو. فليبر»، أول خريج أمريكي من أصول إفريقية من أكاديمية وست بوينت. ◄ الأوقات المناسبة لإصدار العفو يفضل العديد من الرؤساء، إصدار دفعات من العفو في الأيام الأخيرة من ولايتهم، لتجنب التداعيات السياسية والانتقادات، مثلما فعل دونالد ترامب وبيل كلينتون. كما تفرض الحالات الإنسانية أو معالجة الأخطاء القضائية، أو العفو قبل الإدانة ويطلق عليه «عفو وقائي»، نفسها كنوع من الاستجابة في توقيتاتها، مثل عفو الرئيس جيرالد فورد عن ريتشارد نيكسون قبل توجيه التهم رسميًا. ◄ وقائع تاريخية عن العفو منذ تأسيس البلاد، أصدر رؤساء الولاياتالمتحدة أكثر من 20 ألف عفو وتخفيف للعقوبات، وهو ما يأخذنا إلي نوعية القضايا، وطبيعتها، وأكثر الفترات التي حظيت بأكبر عدد من قرارات العفو، وفقا لمكتب العفو التابع لوزارة العدل، علي سبيل المثال لا الحصر: اقرأ ايضا| بايدن يصدر عفوًا عن نجله في قضايا احتيال ضريبي وحيازة أسلحة نارية - في أواخر حقبة الستينات وأوائل السبعينات من القرن الماضي، تهرب آلاف المواطنين من الخدمة العسكرية خلال الحرب الفيتنامية وهو ما دفع الرئيس جيمي كارتر خلال حملته الانتخابية عام 1976 إلى الوعد بالعفو عن المتهربين وذلك لوضع حد من الانقسامات الداخلية التي حدثت بسبب الحرب وبعد نجاحه أصدر 566 عفوًا شاملاً ما اعتبر أكبر فترة رئاسية يستخدم فيها قرارات العفو. - رونالد ريجان 1981- 1989: أصدر 406 قرارات عفو خلال فترتيه الرئاسيتين من عام 1981 إلى 1989، وركزت على الأفراد الذين تورطوا في قضايا غير عنيفة أو التي تمت تسويتها قانونياً بالفعل، ومع ذلك، تعرضت بعض قراراته لانتقادات بسبب تناقضها مع صورته كرئيس يدعو إلى فرض القانون بالقوة. - بيل كلينتون 1993- 2001: أصدر 396 عفوًا خلال ولايتيه، بما في ذلك قرارات مثيرة للجدل مثل العفو عن مارك ريتش في آخر يوم له في المنصب ، وأخيه غير الشقيق. - جيرالد فورد 1974-1977: تضمنت قراراته في العفو عن 382 حالة، كان أبرزها سلفه الرئيس ريتشارد نيكسون، أهدافًا لتحقيق المصالحة الوطنية، خصوصاً في سياق ما بعد فضيحة ووترغيت والحرب في فيتنام، لكنها كانت مثار جدل كبير حول مدى عدالتها أو تأثيرها على سمعة النظام السياسي الأمريكي. - باراك أوباما 2010- 2017: أصدر 212 عفوًا رئاسيًا و1,715 تخفيفًا للأحكام، معظمها خلال فترة ولايته الثانية، خاصة للجرائم غير العنيفة المتعلقة بالمخدرات كجزء من إصلاح العدالة الجنائية. - أما جورج دبليو بوش (الابن)2001-2009: منح 189 عفوًا و11 تخفيفًا للأحكام خلال فترتيه الرئاسيتين. - دونالد ترامب 2017- 2021: أصدر خلال ولايته 143 عفوًا و94 تخفيفًا للأحكام، ليصل إجمالي حالات الرأفة إلى 237، الغالبية العظمى منها تم إصدارها في الأيام الأخيرة من فترته الرئاسية، بما في ذلك دفعة كبيرة في 22 ديسمبر 2020 و20 يناير 2021. - جورج إتش. دبليو بوش «الأب» 1989 - 1993: أصدر 74 عفوًا و3 تخفيفات للأحكام، بما في ذلك قرارات مرتبطة بفضيحة "إيران-كونترا". - جو بايدن 2021- 2025: استخدم سلطاته الرئاسية للعفو 24 مرة حتى الآن منذ بداية ولايته في يناير 2021. كما أصدر 130 قرارًا بتخفيف العقوبات، وفقًا لتقارير رسمية من مكتب العفو التابع لوزارة العدل الأمريكية. الأوامر التنفيذية هذه شملت أفرادًا أدينوا بجرائم غير عنيفة مثل تجارة المخدرات أو تجاوزات مالية، وتركزت على إعادة تأهيلهم وجهودهم للإسهام في مجتمعاتهم بعد قضاء العقوبة. ◄ العفو الأول تم إصدار العفو الأول في أبريل 2022 وشملت الحالات شخصيات مثل أبراهام بولدن، وهو أول عميل أسود في جهاز الخدمة السرية، الذي أدين في الستينيات. أما العفو الأحدث فصدر في ديسمبر 2024 ، بشأن ابنه هانتر، كما شمل حالات مماثلة من الجرائم البسيطة مع التركيز على الإصلاح الاجتماعي. هذا التفاوت في استخدام سلطة العفو يعكس سياسات كل رئيس تجاه العدالة الجنائية وظروفهم السياسية خلال فترة الحكم.