«أدرك أن شمعتى التى تركتها بحريصة قد انطفأت لكنى سأعود قريباً إلى سيدة لبنان لأشعل شمعة جديدة.. سأعود إلى بيت الدين وأملأ قلبى بهواء فيروز النقى فى رحلة الصعود الجبلية.. سأذهب إلى سوق جبيل لأحضر اللوز الأخضر الذى لم يكن أوانه قد حان فى رحلتى السابقة.. سأعود إلى بحر البترون الساحرة وبأزقتها العتيقة سأملى ناظرى بجدرانها وأستنشق عبق تاريخها وأجلب من جديد الزعتر الجبلى الذى قارب على الانتهاء.. سأتناول ترويقتى فى المنارة وأرتشف قهوتى على أنغام الأمواج المتلاطمة بصخرة الروشة.. قريباً سوف أعود وألتقى الأصدقاء وسوف يستقبلوننى بابتسامة تشبه حلوى المرصبان.. سلام عليك يا ابنة الفينيقيين والحضارات الثلاث».. ما أحلاها كلمات موجعة، نابعة من القلب، قلب ابنى، قرأتها فى بوست علقه على جدران صفحته بوسيلة التواصل الاجتماعى «الفيس بوك» وذيل البوست بصور رحلته الأخيرة إلى لبنان، فى بدايات الاعتداء الصهيونى الغاشم، كلمات موجعة وصور أكثر إيلاماً لأماكن أثرية تهدمت بنيران الحقد والكراهية من عدو غاشم لا يرحم.. لبنان بلد العشق والهوى.. بلد الحب والجمال.. جروحك يا لبنان تمزق قلوبنا.. تكاد تموت أرواحنا أمام عالم أخرس وضع على أعينه كمامات الغدر وفى آذانه وقرا، فأصبح لا يسمع ولا يرى.. ولا يتكلم، ولم يتبق لنا إلا الدعاء والصلاة فى انتظار أن يأتى الله بأمره. إنهم يتفقون الآن على وقف القتال ومازالوا يتفقون ويختلفون.. ثم يتفقون ويختلفون.. وقد طال أمد الاتفاق.. فهل يتفقون لك أم يتفقون عليك..؟! عزاؤنا يا لبنان قوة تحملك، عزاؤنا أنهم مهما حاولوا أن يطفئوا السلام على أرضك سيعود، ويعود الفرح لجبال بعلبك، ويرقص على شواطئ صيدا التى حاولوا إحراقها.