للأسف السلام مع إسرائيل لابد أن يكون له ثمن يدفعه من يطلبه !! السلام لا يمكن أن يتحقق بالأمانى والأحلام أو الاستمرار فى وضع الرؤوس فى الرمال. لا يتحقق بالتمسك بخيوط العنكبوت أو ما يسمى بالشرعية الدولية وقرارات عفا عليها الزمن ولم تعد تواكب النظام الجديد الذى لا يعترف إلا بمن يمتلك مقومات القوة أو القدرة على التجاوب والتفاعل مع المتغيرات المتلاحقة التى يعيشها عالمنا اليوم. السلام لا يمكن أن يتحقق بالتشدق بمقولة إن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة وهى المقولة التى نرددها دون أى سعى أو حتى محاولة لتحقيقها. كان من الطبيعى أن تندثر هذه المقولة مع طوفان شعارات الشجب والإدانة والتنديد الذى أصبح سيداً لكل المواقف. دعونا نعترف بحقيقة وخطورة الأوضاع فى منطقتنا والتى لا يمكن أن تستمر طويلاً أمام الحركة السريعة التى يعيشها عالمنا اليوم والتى تجاوزت كل الحدود المتعارف عليها بما فيها المبادئ والشرائع الأخلاقية التى كانت تحميها فى الماضى المنظمات الدولية والأممية والتى فقدت تماماً قدرتها على الحركة والتأثير. دعونا نعترف بأنه لم يعد لدينا رفاهية الوقت أمام طوفان المتغيرات والصراعات الإقليمية والدولية والذى يجب أن نتعامل معه بواقعية وبنفس لغة المصالح التى يتم التعامل بها معنا. لقد تابعنا جميعاً الانتخابات الأمريكية دون أى خوض فى حقيقة النتائج وما تكشف عنه اختيارات ترامب لفريقه الرئاسى وهو الاختيار الذى لا يعنى سوى حقيقة واحدة وهو ميلاد الولاياتالمتحدة الإسرائيلية. هذا الميلاد سوف يرتبط بمتغيرات تصب كلها فى مصلحة إسرائيل ليتحول الصراع العربى الإسرائيلى تلقائياً إلى مواجهة أمريكية عربية. وهنا لا أعنى المواجهة العسكرية ولكنها مواجهة استنزاف الثروات العربية وتنفيذ الحلم الإسرائيلى فى التوسع والذى يبدأ بعملية التهجير للفلسطينيين بعد وصول عمليات الإبادة إلى الأهداف التى يسعى إليها نتنياهو وكل دعاة التطرف الإسرائيلى. ولن أكون مبالغاً عندما أقول إن عمليات التدمير والإبادة فى فلسطينالمحتلة ثم فى لبنان هى جزء أصيل من حلم إسرائيل الكبرى والتى حتماً ستمتد لمناطق أخرى. إن وقف كابوس التوسع الإسرائيلى يمثل هدفاً يجب أن يحتاط له كل العقلاء العرب وما أخذ بالقوة قد يسترد بغير القوة ولكن كيف؟! سؤال تحمل إجابته حقيقة أن الطوفان الصهيوأمريكى لن يستثنى أحداً. سؤال تتمثل إجابته فى إعداد صفقة متبادلة قد تكون بداية حقيقية لتنفيذ حل الدولتين. الدول العربية تضع عملية التطبيع فى مقابل وقف الحرب غير المتكافئة فى غزةولبنان. سؤال تحمل إجابته إيضا وقف جميع الأنشطة المسلحة التى تقوم بها جماعات مسلحة خارج القوات النظامية فى كل دول المنطقة، من الجماعات التى بدأت سياسية ثم تحولت للعمل المسلح. للأسف السلام مع إسرائيل لابد أن يكون له ثمن يدفعه من يطلبه!!