مع تزايد اهتمام العالم بتغير المناخ، تطور مؤتمر الأممالمتحدة من تجمع صغير نسبياً للدبلوماسيين إلى قمة عالمية كبرى، مع زيادة عدد الوفود من البلدان النامية التى تنتج الوقود الأحفورى والتى هى عرضة بشكل خاص لتلوثه. وتشارك مصر بشكلٍ كبير فى مؤتمر المناخ كوب 29هذا العام، حيث يرأس الوفد المصرى الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء نائباً عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبحضور الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة. اقرأ أيضًا | صرخات استغاثة شمالى غزة ..وكارثة إنسانية بخان يونس :إعلام عبرى: إسرائيل تحولت لدولة منبوذة ويأتى مؤتمر هذا العام، الذى انعقد فى العاصمة الأذربيجانية باكو، بأذربيجان، الدولة النفطية التى لا تهتم كثيراً بترك الوقود الأحفورى المضر بالمناخ فى باطن الأرض، فى ظل درجات حرارة عالمية قياسية وانتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، مما دفع المفاوضين إلى الخوف من تراجع الولاياتالمتحدة عن التزاماتها بشأن المناخ. وسيسعى دبلوماسيون من نحو 200 دولة عضو إلى التوصل إلى اتفاقٍ بشأن تمويل المناخ لدعم انتقال الطاقة النظيفة فى الاقتصادات النامية. ويقول موقع «يورو نيوز»: إنه مع بدء المحادثات بشأن التفاصيل الدقيقة للصفقات والأهداف التى سيتم التوصل إليها فى مؤتمر المناخ كوب 29 بدأت مشاريع النصوص فى الظهور. ولكن هناك هدف كبير ما زال مفقوداً الهدف الكمى الجماعى الجديد، وهو الهدف المالى الجديد الذى من المقرر أن تتفق عليه البلدان فى هذه القمة، وسوف يحل هذا الهدف محل الهدف السابق المتمثل فى جمع 100 مليار دولار (91.4 مليار يورو). وترى صحيفة «نيويورك تايمز»: أن مصدر هذه الأموال يشكل نقطة خلاف رئيسية، فقد صرح العديد من زعماء الدول النامية بأن أغنى اقتصادات العالم تتحمل مسئولية توفير الجزء الأكبر من هذه الأموال. ولكن الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبى أشارا إلى أنهما يريدان من دول مثل: المملكة العربية السعودية والصين، التى أصبحت الآن أكبر مصدر للغازات المسببة للانحباس الحرارى العالمي، أن تقدم حصة متزايدة من الأموال، وبموجب الاتفاقيات التى أبرمتها الأممالمتحدة قبل عقودٍ من الزمان، تعتبر هذه الدول الأخيرة من الدول النامية، وهذا يعنى أنها لم تُطلَب رسمياً من هذه الدول المساهمة فى المساعدات المناخية. واقترحت الدول الأكثر ثراء أنه بالإضافة إلى الأموال الجديدة من دول مثل: المملكة العربية السعودية والصين، فإن الجزء الأكبر من الأموال ينبغى أن يأتى من القطاع الخاص. لكن مجموعة متزايدة من زعماء العالم دعت إلى فرض سلسلة جديدة من الضرائب العالمية على الوقود الأحفورى وغيره من الصناعات الملوثة. وبحسب موقع «يورو نيوز» ، فقد أظهر تقرير جديد صادر عن مشروع الكربون العالمى أن البشرية ستضخ 300 مليون طن إضافية من ثانى أكسيد الكربون فى الهواء من حرق الوقود الأحفورى مقارنة بما فعلته فى عام 2023. وقال العلماء الذين أعدوا التقرير أثناء تقديمه فى باكو: إن هذه الزيادة السنوية ليست كبيرة مثل 1.4% التى شهدناها العام الماضي، ولكن إذا استمر العالم فى حرق الوقود الأحفورى بنفس المستوى الذى نحرقه به اليوم، فلن يتبقى لنا سوى ست سنوات حتى نتجاوز رسمياً 1.5 درجة مئوية من الاحترار فوق مستويات ما قبل الصناعة. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش لقادة العالم فى مؤتمر المناخ كوب 29: « إن الوقت قد حان «لدفع الثمن، وإلا فإن البشرية ستدفع الثمن». «إن الصوت الذى تسمعه هو صوت الساعة التى تدق. نحن فى العد التنازلى النهائى للحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية والوقت ليس فى صالحنا.» وذكرهم بأن هذا العام من المُتوقع أن يكون الأكثر سخونة على الإطلاق، وكان حتى الآن بمثابة «درس متقدم فى تدمير المناخ». بدأ المؤتمر فى ظل غياب كبار زعماء الدول الثلاث عشرة الأكثر تلوثاً بثانى أكسيد الكربون وهى المجموعة المسئولة عن أكثر من 70% من الغازات المسببة للاحتباس الحرارى والتى انبعثت العام الماضي. ولكن بالرغم من غياب العديد من الدول ذات الوزن الثقيل، تملأ دول أخرى الفراغ، ومن أبرز القادة الذين حضروا المحادثات: رئيس الوزراء البريطانى كير ستارمر، الذى أعلن عن هدف خفض الانبعاثات بنسبة 81% عن مستويات عام 1990 بحلول عام 2035، بما يتماشى مع هدف اتفاقية باريس للحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية (2.7 درجة فهرنهايت) فوق مستويات ما قبل الصناعة. وهذا أعلى من نسبة 78% التى تعهدت بها المملكة المتحدة بالفعل، ويرجع ذلك أساسًا إلى الإزالة شبه الكاملة للفحم من توليد الكهرباء. ورحب العديد من المحللين المناخيين بهذا الإعلان، وقالت ديبى هيلير، مسئولة السياسة المناخية العالمية فى مؤسسة «ميرسى كوربس» : «إنه يضع معياراً قوياً للدول الأخرى»، وقال نيك مابى من مؤسسة «إى ثرى جى البحثية المعنية بالمناخ « : «ينبغى للدول الأخرى أن تحذو حذوها من خلال تحديد أهداف طموحة للغاية». كما قدمت البرازيل خطتها الوطنية المُحدثة للمناخ، وتتضمن هذه المساهمات المحددة وطنياً الجديدة من الدولة المضيفة لمؤتمر الأممالمتحدة للمناخ فى العام المقبل تعهداً بخفض الانبعاثات بنسبة تتراوح بين 59 و67% بحلول عام 2035 مقارنة بعام 2005. وهى زيادة فى الطموح بنسبة تتراوح بين 13 و29% عن هدف 2030 السابق. ويُعد الاتحاد الأوروبى من بين الدول التى أحرزت أكبر قدر من التقدم فى معالجة أزمة المناخ. ففى العام الماضي، حقق انخفاضًا بنسبة 8.3 فى المائة فى انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحرارى العالمى وهو انخفاض لم نشهده منذ جائحة كوفيد-19 فى عام 2020. وفى المجمل يعنى هذا أن الانبعاثات فى الاتحاد الأوروبى أصبحت الآن أقل بنسبة 37% مقارنة بالعام الأساسى 1990. ولكن هذا لا يزال بعيداً كل البعد عن هدف عام 2030 المتمثل فى خفض انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحرارى العالمى بنسبة 55% على الأقل. وتقول الوكالة الأوروبية للبيئة: إن هذا يرجع بشكل رئيسى إلى انخفاض حرق الفحم إلى جانب النمو فى مصادر الطاقة المتجددة مثل: طاقة الرياح والطاقة الشمسية. ولكن التقرير وجد أيضاً أن التدابير المناخية الحالية من شأنها أن تؤدى إلى انخفاض الانبعاثات بنسبة 43% بحلول عام 2030. وحتى التدابير الإضافية «المخطط لها ولكن لم يتم إطلاقها بعد» التى قدمتها 22 دولة عضواً، من شأنها أن تخفض الانبعاثات بنسبة 49% فقط. كما وصف ميشيل الاتحاد الأوروبى بأنه صديق للدول الفقيرة، داعياً الدول الغنية إلى زيادة تمويل المناخ، ويُعد الاتحاد الأوروبى والدول الأعضاء فيه أكبر مقدمى تمويل المناخ فى العالم، وفى العام الماضي، ساهم الاتحاد الأوروبى بمبلغ إجمالى قدره 28.6 مليار يورو من مصادر عامة وحشد 7.2 مليار يورو إضافية فى تمويلٍ خاص. ولكن فى العام الماضى فقط، تخلت الكتلة عن معارضتها لإنشاء صندوق لدفع ثمن الأضرار الناجمة عن تغير المناخ. وأضافت صحيفة «نيويورك تايمز»: أنه من المتوقع أن يتوصل المفاوضون إلى اتفاق ويختتموا المؤتمر فى الثانى والعشرين من نوفمبر، رغم أن مؤتمرات المناخ تميل إلى العمل لساعاتٍ إضافية. ووفقاً لعدة أشخاص يتابعون المفاوضات فى باكو، فإن أحد السيناريوهات المُحتملة هى التوصل إلى اتفاق نهائى يتضمن رقماً محدداً ورقماً أكثر طموحاً، إن الرقم المحدد، والذى قد يكون فى حدود 300 مليار دولار سنوياً، من شأنه أن يمثل حجم الأموال التى ستقوم بنوك التنمية وصندوق النقد الدولى وغيرها من الكيانات التى ترعاها الدولة بحشدها لدعم جهود المناخ فى العالم النامي. أما الرقم الأكبر، والذى قد يصل إلى تريليون دولار سنوياً، فسوف يشمل هذا التمويل، فضلاً عن مئات المليارات من أموال القطاع الخاص التى من المتوقع أن تتدفق إلى الاقتصادات الناشئة من خلال الاستثمارات فى الطاقة النظيفة والبنية الأساسية وحماية العالم الطبيعي. وستجتمع الدول فى نوفمبر المقبل فى البرازيل، للمشاركة فى الجولة التالية من مفاوضات المناخ التى ترعاها الأممالمتحدة منذ ثلاثين عاماً، وفى مؤتمر الأطراف الثلاثين، ستكون المهمة الرئيسية هى جولة جديدة من المساهمات المُحددة وطنياً التى ترقى إلى الهدف المُتفق عليه عالمياً المتمثل فى الحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة. وسوف يمثل هذا الفرصة الأخيرة للبشرية للبقاء ضمن هذه العتبة الحاسمة.