منذ عام 1948، تسعى تل أبيب وبكل الطرق غير المشروعة لضم الضفة الغربية او جوهرة فلسطين كما يطلق عليها الاحتلال تحت السيادة الإسرائيلية. حيث تواصل دولة الاحتلال استخفافها المتكرر بالشرعية الدولية وقراراتها وبالإجماع الدولى الحاصل على حل الدولتين، وتصر على إصدار قراراتها الاستعمارية والعنصرية فى ظل امتداد حرب الإبادة والتهجير ضد الشعب الفلسطينى. وهو ما يعد انتهاكاً سافرا للقانون الدولى وقرار مجلس الأمن رقم 2334 وتصعيداً خطيراً من شأنه إعاقة فرص السلام فى المنطقة، مع استمرار الحرب الوحشية على قطاع غزة وتداعياتها المروعة. ذكرت هيئة البث الإسرائيلية، أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، قال فى اجتماعات مغلقة، إن مسألة ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل «يجب أن تعود إلى جدول الأعمال» مع تسلم الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب مهام منصبه، مطلع العام المقبل. وهو ما يعنى أن نتنياهو ضم صوته إلى الأصوات الأخرى المؤيدة لذلك، فى الائتلاف الحكومى الذى يقوده. ويبدى قادة اليمين الإسرائيلى تفاؤلا بأن عودة ترامب إلى البيت الأبيض ستفسح الطريق أمام ضم الضفة الغربيةالمحتلة، إذ اعتبر وزير المالية الإسرائيلى بتسلئيل سموتريتش، أن انتخاب ترامب يمثل «فرصة لبسط السيادة» على الضفة الغربية. وقد كتب، منشورا ، قائلا «2025 عام السيادة (الإسرائيلية) فى يهودا والسامرة». وقال سموتريتش إنه سيواصل العمل على ما وصفه ب «تطوير الاستيطان وإحلال السيادة على أرض الواقع وإحباط إقامة دولة فلسطينية»، على حد تعبيره. تصريحات سموتريتش «تؤكد أن الحكومة الإسرائيلية تنوى استكمال مخططاتها بالسيطرة على الضفة الغربية فى عام 2025، وأنها لم ولن تتوقف عن جرائمها التى ارتكبتها وترتكبها ضد قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس. تاريخيًا كانت الضفة الغربية خالية تمامًا من المستوطنات حتى عدوان ال 5 من يونيو 1967، وبعده شرعت دولة الاحتلال فى بناء العديد من المستوطنات حتى وصل عددها إلى 176 مستوطنة و186 بؤرة استيطانية، وذلك وفق الإحصاءات الرسمية حتى نوفمبر 2023، إلا أن هذا العدد زاد خلال الفترة التالية بعد سلسلة من القرارات الاستيطانية. وبحسب اتفاقية أوسلو التى عقدت فى سبتمبر 1993 بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلي، فإن المستوطنات الإسرائيلية جميعها تقع ضمن المنطقة (ج) الخاضعة لسيطرة الاحتلال، التى يستوطن بها أكثر من مليون إسرائيلي، إذ تقع أغلب المستوطنات على ثلاثة محاور هى المحور الشرقى غور الأردن، والمحور الغربى المحاذى لخط الهدنة، ومحور أرئيل أو ما يعرف ب عابر السامرة. وتشير أرقام هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية الى أن الضفة الغربيةالمحتلة شهدت منذ بداية العام الجارى مصادرة السلطات الإسرائيلية لنحو 42 ألف دونم من الأراضى لأسباب مختلفة، كإعلانها أراضى دولة تابعة لإسرائيل أو وضع اليد عليها أو تعديل حدود المحميات الطبيعية. وكان سموتريتش قد تعهد من قبل ببناء مستوطنة جديدة مقابل كل اعتراف دولى جديد بدولة فلسطين. ومنذ اتفاقه مع نتنياهو للانضمام إلى الائتلاف الحاكم عام 2022، حصل سموتريتش على منصب وزير فى وزارة الدفاع أيضا، وهو منصب يخوّله بإدارة الاستيطان فى الضفة الغربيةالمحتلة. وأنشأ سموتريتش دائرة منفصلة فى مقر الإدارة المدنية التى تتبع للجيش الإسرائيلى لإدارة شئون الاستيطان والمستوطنين، وشجع إقامة المزارع الرعوية التى تتيح الاستيلاء على أراض شاسعة. وصنفت الحكومة جزءا كبيرا من الضفة كأراضى دولة ومناطق عسكرية مغلقة ومحميات طبيعية، وبعد السابع من أكتوبر صنفت أراض جديدة كمناطق أثرية. يرى غالبية الفلسطينيين أن البنية التحتية والإدارية والقانونية والاقتصادية الفلسطينية أصبحت مربوطة بإسرائيل، ليأتى الإعلان عن قانون الضم الإسرائيلى فى حال حدوث ذلك بمثابة خطوة سياسية تتوج ما تم تطبيقه من «ضم صامت» خلال عقود ماضية. رغم الأصوات المؤيدة لمثل هذه المخططات، فى الائتلاف الحكومى الذى يقوده نتنياهو، فقد ظهرت معارضة بين رؤساء المستوطنات فى الضفة الغربية، باعتبار أنها قد تؤدى فى نهاية المطاف، إلى تعرض إسرائيل لضغوط تستهدف حملها على الاعتراف بدولة فلسطينية، بموجب خطة السلام التى تبناها ترامب خلال فترة رئاسته للولايات المتحدة بين عامى 2017 و2021، والتى عُرِفت باسم «صفقة القرن». يعتبر ضم الأراضى «بالقوة أو التهديد» مخالفا للقانون الدولي، و يحظر ميثاق الأممالمتحدة مثل هذا الأمر. رغم ذلك ليس مستبعدا أن يعترف ترامب، بعدما يتسلم منصبه، بسيادة إسرائيل على الضفة الغربية، إن أقدمت حكومة نتنياهو على اتخاذ هذه الخطوة. فليس لدى ترامب أى مشكلة مع مسألة «الضم»، فسبق واعترف خلال رئاسته للولايات المتحدة قبل سنوات، بالقدس عاصمة لإسرائيل، كما وقع قرارا يعترف فيه رسميا بسيادة إسرائيل، على مرتفعات الجولان المحتلة من سوريا فى عام 1967. لذلك ترى هيئة البث الاسرائيلية، أن خطط الضم هذه ربما تكون جاهزة للتنفيذ، خاصة أن «صفقة القرن»، كانت قد تحدثت وفقا لتسريبات نشرتها وسائل الإعلام عن ضم مناطق من الضفة الغربية إلى إسرائيل. ردا على تصريحات سموتريتش الأخيرة، قالت منظمة «السلام الآن» غير الحكومية الإسرائيلية، إن الحكومة الحالية «خطيرة»، و»تضحى بالرهائن (فى قطاع غزة)، وتواصل إلحاق الضرر بمصالح إسرائيل الوطنية والأمنية، وتحولها إلى دولة فصل عنصري». وترى المنظمة، أن «الضم الرسمى للأراضى الفلسطينيةالمحتلة يخدم أقلية دينية متطرفة، وسيؤدى إلى كارثة ودمار» ما سيدخل إسرائيل فى «دورة لا نهاية لها من الصراع والحرب، التى يرغب معظم الإسرائيليين فى إنهائها». وكانت المنظمة قد قالت فى دراسة سابقة، إنه بعد عام من الحرب فى غزة وما يقرب من عامين من إمساك حكومة نتنياهو بزمام السلطة «أصبحت سياسة الحكومة الإسرائيلية فى الضفة الغربيةالمحتلة واضحة تماما: ضم الضفة الغربية وتقليص المساحة الفلسطينية فى المنطقة ج» الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية فى الضفة. وقالت المنظمة، إنه تم إنشاء «ما لا يقل عن 43 بؤرة استيطانية جديدة (فى الضفة الغربية)، معظمها بؤر استيطانية زراعية، تركز على الاستيلاء على الأراضى والطرد المنهجى للفلسطينيين»، منذ اندلاع الحرب فى قطاع غزة فى السابع من أكتوبر 2023. وأشارت إلى أن عدد البؤر الاستيطانية الجديدة فى الضفة، لم يكن يتعدى فى الفترة ما بين 1996 وحتى أوائل عام 2023، سبع بؤر سنويا فى المتوسط. وقالت منظمة «السلام الآن»، إنه تم التصديق منذ نشوب الحرب الحالية على إنشاء 8681 وحدة سكنية فى مستوطنات الضفة الغربية. كما صادق مجلس الوزراء المصغر الخاص بالشئون السياسية والأمنية فى إسرائيل، فى أواخر يونيو الماضي، على إسباغ الطابع القانونى على خمس بؤر استيطانية فى الضفة. ورصدت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية إنشاء 35 بؤرة استيطانية «رعوية وزراعية « فى مختلف مناطق الضفة الغربية بما فيها القدسالشرقية. وتقدر الهيئة مساحة المناطق المصنفة «ج»، أى التى تخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، ب61 فى المائة من مساحة الضفة الغربية الإجمالية. كما أكدت أرقام الهيئة الفلسطينية أن 42 فى المائة من المساحة الاجمالية للضفة الغربية تسيطر عليها إسرائيل بشكل كامل من خلال «المستوطنات ومناطق غلافها والشوارع الالتفافية ومناطق التدريبات العسكرية للجيش» . فيما تقدر مساحة المناطق المصنفة «أ»، التابعة لسيطرة السلطة الفلسطينية، ب 17.6 فى المائة.