في هذا العام، لم تغير هيئة الشارقة للكتاب ما اعتادت عليه فى تنظيم معرضها الدولى للكتاب، ففى كل عام تحرص على تقديم الجديد، سواء من حيث الأنشطة الثقافية أو الفنية التى يتم تقديمها، أو من حيث أسماء الشخصيات الكبيرة بمعايير الثقافة والفكر والفن التى يحرصون على تواجدها. دورة هذا العام التى افتتحها الدكتور الشيخ سلطان بن محمد القاسمى وبدأت يوم 6 نوفمبر وتستمر حتى 17 نوفمبر الجارى، تحت شعار «هكذا نبدأ» كانت حافلة بالجديد من اللحظة الأولى لانطلاق هذا المعرض الذى أصبح يحتل مكانة لا يستهان بها فى عالم النشر. ■ منى الشاذلي تحاور الموسيقار عمر خيرت في ندوة حول كتاب المتمرد في حفل الافتتاح، فاجأ حاكم الشارقة الحضور بإعلان إنجاز مشروع ثقافى من العيار الثقيل، وهو اكتمال إنجاز أول معجم تاريخى للغة العربية، الذى كان مقررًا له أن ينجز فى 20 عاما، لكنه خرج للنور فى أقل من سبع سنين، محققًا حلمًا لكل المتحدثين بالعربية، وقام القاسمى بتوقيع المجلد رقم 127 من أجزاء المعجم التاريخى للغة العربية، معلناً اكتمال هذا المشروع العربى الكبير الذى يؤرخ لألفاظ اللغة العربية وتاريخ استخدامها وتطور دلالاتها عبر العصور. معرض الشارقة الدولى للكتاب فى دورة هذا العام التى تحمل رقم 43 شارك فيها 2522 ناشراً وعارضاً من 108 دول، وينظم أكثر من 1357 فعالية متنوعة، كما يشارك فيه 250 ضيفاً من 63 دولة، منها 500 فعالية ثقافية، تتضمن جلسات وورش عمل وندوات حوارية يناقش فيها الأدباء أبرز القضايا الثقافية والأدبية، وأحدث التوجهات الأدبية العربية والعالمية. ◄ اقرأ أيضًا | بدور القاسمي: التحول الرقمي محورًا أساسيًا في استراتيجية الهيئة وهناك ما يمكن أن نعتبره من ثوابت معرض الشارقة الدولى للكتاب هذا العام، وربما كل عام، وهو الحضور المصرى القوى الذى لا تخطئه عين منذ اللحظة الأولى التى تطأ فيها قدماك أرض المعرض، سواء من حيث الوفد المصرى الثقافى والفكرى الذى يتحلق حول حاكم الشارقة المثقف والمفكر والباحث، أو من حيث عدد دور النشر المشاركة، فمصر تحتل المرتبة الثانية ب172 ناشراً بعد دولة الإمارات ب234 ناشراً، وأهمية الأمر تتبدى عندما نعرف أن هذا يتم ترجمته فى أن نصيب الأسد من المنحة الأميرية (5.4 مليون درهم) التى يخصصها الحاكم للمكتبات الحكومية لكى تقتنى بها كتبًا من الدول المشاركة، يذهب إلى دور النشر المصرية. كما تظهر المشاركة المصرية جلية فى التواجد الثرى للمثقفين المصريين من أجيال مختلفة، حيث يستضيف المعرض نخبة من كبار الأدباء والمفكرين والمثقفين والفنانين، بينهم حاصلون على جوائز عربية وعالمية رفيعة المستوى. من بين الأسماء المصرية البارزة، الروائى الكبير إبراهيم عبدالمجيد متحدثًا عن الحرية التى يمارسها المبدع أثناء الكتابة، والروائى الشاب أحمد مراد، متحدثًا ومشاركًا فى ورش للكتابة، والروائى والسيناريست عبدالرحيم كمال، والدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة السابق متحدثا عن تجربة مسلسل «الحشاشين»، باعتباره نموذجًا للمرجعية الفكرية التى تحكم الجماعات المتطرفة التى تتخذ من الدين وسيلة للسيطرة على الناس، وكما هى العادة كل عام أيضًا كان حرص جمهور المعرض على حضور أمسية الشاعر المصرى هشام الجخ، أما الجديد فكان حضور ومشاركة الموسيقار الكبير عمر خيرت، مؤلفًا لكتاب يحمل عنوان «المتمرد»، ناقشته فيه الإعلامية منى الشاذلى، وموسيقارًا، حيث قدم حفلة كاملة العدد فى القاعة الكبرى لمعرض إكسبو الشارقة، تسببت فى شلل مرورى كامل فى المنطقة المحيطة بالمعرض. وشهد المعرض إطلاق كتاب فريد «مليحة» وهو إصدار مشترك بين هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق) برئاسة الشيخة بدور وبحضور أحمد عبيد القصير المدير التنفيذى للهيئة وبالتعاون مع دار النشر الدولية (أسولين). وعلى هامش المعرض قامت الشيخة بدور القاسمى رئيس مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب بتوزيع جوائز المعرض وفاز كتاب «غريب فى بغداد» الصادر عن دار نشر الجامعة الأمريكية بجائزة أفضل كتاب أجنبى. أما الروائية الجزائرية أحلام مستغانمى فكانت شخصية المعرض الثقافية، وألقت كلمة عبرت عن الهم الثقافى العربى، وعن تعلقها بالشارقة تلك الإمارة التى ترعى الثقافة والمثقفين، وكانت المغرب ضيف الشرف، وكان حضورها مميزًا وملفتًا. ومن الأشياء المميزة التى تحسب للقائمين على تنظيم المعرض، تخصيص مساحة لا يستهان بها من أنشطة المعرض وندواته لدراسة تأثيرات الذكاء الاصطناعى على الحياة، وعلى الإبداع بصفة خاصة، كما خصص مؤتمر المكتبات الدولى الذى عقد موازيًا للمعرض جلساته كاملة لمناقشة تأثيرات ال (AI) على مكتبات المستقبل، وحركة النشر. وعقد المؤتمر تحت عنوان «دمج الذكاء الاصطناعى فى خدمات المكتبات وتعزيز المعرفة بأساسيات الذكاء الاصطناعي»، مما يبرز أهمية استخدام التكنولوجيا الحديثة فى تطوير خدمات المكتبات وتسويق وإنتاج المحتوى الصوتى، والذكاء الاصطناعي فى النشر، واستراتيجيات التوزيع الرقمى الفعّالة، وتحديات وفرص النشر العربى، بالإضافة إلى الاستدامة فى النشر. جمال وتفرد معرض الشارقة يتبدى فى أحد جوانبه فى عدد الأنشطة التى تستهدف الأطفال، لذلك تحرص إدارة المعرض على وجود فعاليات جاذبة من ذلك حيث تتوزع ما بين 465 ورشة عمل مخصصة للكبار والأطفال، بالإضافة ل135 ورشة موجهة لمرحلة الطفولة المبكرة. وتجد نماذج متحركة للببغاوات والبلورة السحرية، بداخلها الشخصيات الأسطورية لجذب انتباه الأطفال ما يضفى أجواء جميلة تكون جاذبة للشرائح العمرية الصغيرة.