كتبت مرات عن محمد صلاح، أعظم من أنجبت مصر بمجال الرياضة، وليس كرة القدم فقط، نموذج نتمناه لكل شبابنا، واليوم نطرح فكرة مختلفة، فإذا كنا ندرس بمدارسنا نماذج لشخصيات محلية وإقليمية ودولية، معاصرة وتاريخية، وإذا كان الهدف من ذلك تقديم القدوة والمثل ليحتذى بهم أبناؤنا، فلا أجد غضاضة أن يكون العالمى محمد صلاح مادة بمدارسنا، خاصة بمراحل النشء بالابتدائى والإعدادى، أعرف أن وزارة التعليم وضعت قبل عامين درساً عن جوانب معينة لصلاح ببعض المناهج الإنجليزية للإعدادى والثانوى، لكن أعتقد أن هذا ليس كافياً. بالطبع سيهاجمنى البعض ويسفه الفكرة، كيف يكون مجرد لاعب كرة - مهما كان شأنه - مادة بمدارسنا مثل عظماء صنعوا تاريخاً، وخدموا البشرية وأوطانهم، ولكنى أطالبهم بالنظر أولاً لمسيرة صلاح وإنجازاته وحياته، ورصد الكتب التى تتزايد عنه فى بريطانيا. إن محمد صلاح ليس مجرد لاعب، إنما هو نموذج ما أحوجنا أن يسود بين أبنائنا، خاصة فى ظل معاول الهدم العديدة التى تتربص بهم، مهددة حاضر الأمة ومستقبلها، لا أقول ندرس طريقة لعبه ومهاراته وإنجازاته الرياضية، رغم أهميتها، لكن تدريس صلاح الشخصية الثرية التى لا تتكرر كثيراً. لننظر إلى مسيرته، عندها ستفهمون ما أقصد، كيف صدق حلمه وسعى بكل الطرق ليحقق أكثر مما حلم به، لم يكن الأمر هيناً، وإنما مسيرة مليئة بهزيمة تحديات جسام كانت كفيلة بوأد حلمه بمهده، فكيف تغلب عليها!، نتمعن بتواضعه وعدم الالتفات حوله متجنباً الإنزلاق بمستنقع الجدل، لم نجده مرة مثيراً لمشاكل أو ساعياً لتريند أو محاولاً لفت الأنظار بتصرفات صبيانية، إنما تفرغ لهدفه أن يكون الأفضل باذلاً كل جهد لتحقيقه مع حرمان من ملذات ومتع الصبا والشباب، كيف أصبح الأفضل، ليس بوطنه إنما بالعالم، وليس بجيله لكن بتاريخ اللعبة، لم يلتفت للشائعات أو محاولات إضعافه أو هز ثقته بنفسه، أما وطنيته وانتماؤه وتمسكه بعاداته وقيمه، فبها دروس عدة. إن صلاح ابن قرية «نجريج» الذى أصبح رمزاً وطنياً، وفخر العرب، وحديث العالم، يستحق ما نطلبه، ولنستغل ولع الشباب بالكرة، وهيامهم بصلاح ومكانته.