إذن المشكلة ليست فى الدين ولكن فى ذلك الفكر الدينى الموروث وجد الإنسان قبل الأديان فواجه أخطار الطبيعة (أمطار. براكين. زلازل ...الخ) بمعرفة الإله (الله) بفطرته وذاك قبل معرفته بالأديان. وذلك لأن العلاقة بين الله وبين الإنسان علاقة فطرية. وهذا يعنى وحدانية الله ووحدانية الإنسانية بكل تعددية أديانها وأجناسها وانتماءاتها. ولذلك وجدنا الله سبحانه وتعالى قد أوجد الإنسان مطلق إنسان وكرمه وسخر له سائر المخلوقات. والأهم أن الأديان بكل مسمياتها جاءت للإنسان ومن أجل الإنسان ولذلك وجهت كلها للإنسان والإنسانية بلا تفرقة. فالله هو رب العالمين وليس ربا لأصحاب دين بذاته دون باقى الأديان. أما التعددية الدينية فهى إرادة الله والتى هى فى صالح الإنسان حتى يكون الإنسان صاحب إرادة حرة حتى يمكن أن يحاسب على أعماله خيرا كانت أم شرا. (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين) (من ليس لهم ناموس هن ناموس لأنفسهم). هذا هو الله وذاك هو الإنسان وتلك هى الأديان والتى تشترك فى عقيدة واحدة وهى عقيدة الألوهية (الله الواحد) بالرغم من المسميات والطقوس والممارسات. فالعبرة بالأعمال وعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان. ( ليروا أعمالكم الصالحة فيمجدوا أباكم الذى فى السماوات) (الإيمان ما وقر فى القلب وصدقه العمل). هنا ومن الطبيعى أن يؤمن كل صاحب دين بحقيقة دينه أكثر من الأديان الأخرى حيث إن هذا نتاج لاختياره لهذا الدين. ولكن هل هذا يعنى أن يرفض كل صاحب دين الآخر الدينى؟ وهل هذا يجعل هناك ما يسمون أنفسهم بحراس الأديان وكأنهم بديل لله الذى هو واجد وحارس لكل الأديان التى جعلها للإنسان الذى كرمه؟ إذن لا ولن يجب أن يستغل الدين كحالة انتقامية من الآخر غير الدينى وأحيانا للآخر المشترك فى الدين!!! إذن المشكلة ليست فى الدين ولكن فى ذلك الفكر الدينى الموروث والذى يعتمد على تحويل الدين إلى أيدلوجية أخذت تلك الأيدلوجية مسارات متعددة على الأرضية الدينية والاجتماعية والثقافية اعتمدت ليس على رفض الآخر فقط ولكن تحولت إلى أصحاب قرار يصنفون فيه ويمنحون من خلاله صكوك الكفر والإيمان!! فتحول الأمر إلى رفض كامل للآخر بل الأخطر أصبح هناك تصور خاطئ ومغلوط بأن من يرفض الآخر فهو يمارس صحيح العقيدة!!! فحولوا الدين الذى أوجده الله لصالح الإنسان إلى نقمة وحقد وحسد للإنسان ضد أخيه الإنسان!! فوجدنا كل طرف يفسر حتى الظواهر الطبيعية التى لها مساراتها الطبيعية حسب قوانين الطبيعة وليس حسب الأمانى والتخيلات إلى صراع تخيلى للأطراف كل طرف ضد الآخر بأن الله ينتقم منه لصالح الطرف الآخر. وكأنه الله يفضل هذا عن ذاك. شاهدنا ذلك كثيرا عندما حدثت براكين وتسونامى يابانى بأن الله قد انتقم منهم لأنهم غير مسلمين!! وأخيرا كان نفس السلوك مع إعصار يهدد إحدى الولاياتالأمريكية. وقيل إن هذا نتيجة لمساعدة أمريكا لإسرائيل فيما يحدث من إبادة غير إنسانية للفلسطينيين. هنا على نفس القياس لماذا لا يتم هذا لإسرائيل ذاتها؟ وما ذنب غير اليهود أو المسيحيين فى تلك الولاية من المسلمين الأمريكان؟ وعلى نفس القياس (اللهم ارحم موتانا وأموات المسلمين) (يارب ارحم شعب كنيستك)!! هذا سلوك طائفى وفكر دينى خاطئ لا يتوافق مع مقاصد الله العليا التى أرادها للدين وللإنسان. هذه متاجرة تدينية بالدين لن تكون فى صالح الدين ولا صالح الإنسان ولا صالح الأوطان. هذا سلوك توكلى استرخائى يعتمد على التمنى. الحقد والانتقام ليس فعلا دينيا أو إنسانيا أو أخلاقيا. فالصراعات خاصة السياسية لا تدار بالتمنى ولكن بالعلم والعمل والاجتهاد والابتكار وقبول الآخر حتى يكون هناك توافق وتوحد وطنى يجعلنا قادرين على مواجهة تلك التحديات التى تواجه الوطن بعيدا عن الحقد والانتقام الذى لا يفيد أحدا. حفظ الله مصر وشعبها العظيم.