هذه الحرب يجب أن تنتهى ، يجب أن تنتهى ، يجب أن تنتهى هكذا قال الرئيس الأمريكى بايدن أخيرا بعد أن ظل شهورا طويلة يرفض إنهاءها ويصر على استمرارها ويجهض كل محاولات إيقافها داخل وخارج مجلس الأمن .. غير أنه قالها فى الوقت الذى أرجأت اسرائيل اتخاذ موقف تجاه الحرب فى غزةولبنان إلى مابعد الخامس من نوفمبر ، موعد الانتخابات الأمريكية لتعرف من هو الساكن الجديد للبيت الأبيض لأرتب أمورها وتحدد شروطها ومطالبها لإنهاء تلك الحرب البشعة التى دمرت مقومات الحياة فى قطاع غزة وشردت أهله وحولت ثلث سكان لبنان الى نازحين ولاجئين ! فكل الجهود التى تجرى الآن سواء للتوصل إلى هدنة فى قطاع غزة أو للتوصل إلى اتفاق سياسى لإنهاء الحرب فى لبنان ليس من المتوقع أن تسفر عن شىء فى غضون الأيام القليلة المتبقية على الخامس من نوفمبر .. بل إن اتفاق إنهاء الحرب فى لبنان الذى يراه بايدن الأقرب من هدنة غزة يقول الأمريكيون إنه يحتاج لأسابيع للتوصل إليه ! .. ولعل الحديث المكثف عن جهود هدنة غزة واتفاق لبنان مقصود الآن فى حد ذاته لأنه يوحى للناخبين الأمريكيين ، خاصة من منهم من أصول عربية ، أن الإدارة الأمريكية تفعل مافى وسعها لوقف الحرب لتحسين الموقف الانتخابى لمرشحة الحزب الديمقراطى هاريس فى ظل التقارب بينها وبين ترامب فى نتائج استطلاع الرأى ، والفارق بينهما فى إطار هامش الخطأ فقط فى هذه الاستطلاعات حتى الآن ! ونحن لا ننتظر الخامس من نوفمبر لنعرف متى تنتهى الحرب البشعة فى غزةولبنان فقط ، وإنما الأهم لنعرف أيضا كيف تنتهى .. فهناك تباين كبير بين رؤية كل من هاريس وترامب .. نعم قال كل منهما إنهما سيعملان لوقف تلك الحرب .. لكنهما اختلفا فى ترتيبات وقفها وما سيترتب على وقفها مستقبلا للفلسطينيين والإسرائيليين واللبنانيين بل والإيرانيين أيضا وبالطبع لنا نحن العرب هاريس أعلنت انها تؤيد حل الدولتين ، وترامب أعلن أنه يؤيد توسيع مساحة إسرائيل ولم يدعم صراحة حل الدولتين .. لذلك من المؤكد أن الأمر سيختلف بفوز أى منهما فى انتخابات الخامس من نوفمبر وإن كان كلاهما أعلنا بوضوح دعمهما لإسرائيل، ونتنياهو يفضّل ترامب الذى سوف يمنحه أكثر مما ستمنحه هاريس ولذلك هو ليس فى عجلة من أمره لإنهاء الحرب سواء فى غزة أو لبنان حتى ولو قبل حزب الله كما يتردد مؤخرا التنازل عن وحدة الساحات ووافقت إيران على ذلك .. لذلك سوف ينتظر نتنياهو لحسم موقفه من جهود التسوية السياسية فى لبنان والهدنة فى غزة الى ما بعد الخامس من نوفمبر ، رغم أنه قال إنه مستعد للقبول بهدنة اليومين للإفراج عن أربعة من المحتجزين الإسرائيليين فى قطاع غزة ! بل إن نتنياهو يمكنه الانتظار ايضا لبداية العام وهو موعد دخول الساكن الجديد المنتخب البيت الابيض ، وهذا أمر يدركه الأمريكيون جيدا لذلك تحدثوا عن الحاجة لأسابيع لوقف الحرب فى لبنان الذى يعتبره بايدن أسهل من وقف الحرب فى غزة الذى يحتاج لترتيب أوضاعها بعد وقف الحرب ، وهناك خطط إسرائيلية أعدتها حكومة نتنياهو لذلك ترى ضراوة تنفيذها ، وسيمكنها ترامب اذا انتخب رئيسا لأمريكا من تنفيذها بالفعل بينما ستدعمها هاريس بدرجة أقل ! وحتى يستقر الرئيس الجديد فى المكتب البيضاوى للبيت الابيض سوف نشهد مزيدا من الوحشية الإسرائيلية فى غزةولبنان وتوسعا فى حرب الإبادة للفلسطينيين وحرمانهم من المساعدات الإغاثية وفصل شمال القطاع لتحويله الى منطقة عازلة ، واستمرارا لمحاولات اقتحام الجنوب اللبنانى والسيطرة على قراه واخلائها من السكان تماما لتصير هى الاخرى منطقة عازلة مع إسرائيل . وكل ذلك يتم برعاية أمريكا التى تقدم السلاح والمال لإسرائيل وايضاً الحماية السياسية الدولية وتقدم لنا نحن العرب مجرد تصريحات تتحدث فيها الآن عن ضرورة وقف الحرب كما فعل بايدن أخيرا !