كتبت : أسماء ياسر فى ظل التحديات والركود العالمى وتفاقم أزمة التضخم توقع صندوق النقد الدولى انخفاض معدل التضخم فى مصر عام 2024، كما توقع الصندوق نمو الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى فى مصر من 2.7% فى 2024 إلى 4.1% فى عام 2025. يؤكد د. خالد الشافعى رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية أن الاقتصاد المصرى يمر حاليًا بمرحلة دقيقة وفارقة، نتيجة الأزمات العالمية المتلاحقة، ورغم تلك التحديات استطاع تحقيق نمو إيجابى خلال السنوات الثلاث الماضية، مشيرًا إلى أن توقعات صندوق النقد الدولى بارتفاع النمو الاقتصادى المصرى ليصل إلى 4.1% خلال عام 2025 يعود إلى نجاح السياسات الإصلاحية التى جعلت الاقتصاد أكثر استقرارًا، وهو ما شهدت به مؤسسات التصنيف الدولية، إلى جانب شهادة صندوق النقد، وتأتى تلك التقييمات الإيجابية فى ظل أزمة عالمية شديدة نتيجة التوترات الجيوسياسية وتفاقم أزمة التضخم. اقرأ أيضًا | الاتفاقية الدولية لمكافحة التآكل الضريبي تُتيح لمصر 5 مليارات دولار سنويًا وبالتزامن مع الصراع الروسى الأوكرانى الذى أضر بالموارد الدولارية لمصر، إلا أن الاقتصاد المصرى لديه القدرة على مواصلة تحقيق نمو إيجابي، موضحًا أن المرحلة الحالية تُعد صعبة على كافة دول الشرق الأوسط- وليس مصر وحدها- التى تأثرت بالنزاعات، ورغم ذلك نجحت الحكومة فى إدارة الوضع بذكاء، والدليل على ذلك تقارير مؤسسات التصنيف العالمية التى تشير إلى استقرار الاقتصاد المصرى، وكان آخرها تقرير ستاندرد آند بورز الذى عدل النظرة المستقبلية لمصر إلى إيجابية على المدى القصير والطويل، مما يعكس ثقة المؤسسات الدولية فى السياسات الاقتصادية المصرية. ويرى الشافعى أن الضغوط الاقتصادية العالمية مرشحة للاستمرار خلال العام المقبل، خاصةً مع توقعات ركود اقتصادى عالمى وزيادة معدلات التضخم، مما يشكل ضغطًا إضافيًا على الموازنة العامة للدولة، ومع ذلك ستستمر مصر فى مسيرتها نحو تحقيق معدلات نمو موجبة رغم التحديات، مؤكدًا أن الاقتصاد المصرى تمكن من تجاوز أزمة فيروس كورونا بنجاح محققًا نموًا إيجابيًا، فى وقت كان فيه الاقتصاد العالمى يواجه تراجعات كبيرة، إلا أن الأزمة الحالية المتمثلة فى التضخم العالمى وتوترات الشرق الأوسط تمثل تحديًا أكبر، ولذلك لا بد من تبنى سياسات أكثر مرونة لدعم الأنشطة الاقتصادية المحلية التى تسهم فى تعزيز النمو. وأوضح أن الحكومة عملت على تطوير البنية التحتية وضخ استثمارات ضخمة فى هذا المجال، لجذب المزيد من الاستثمارات القطاعية، مؤكدًا أن الاهتمام الحكومى شمل كافة القطاعات الاقتصادية المهمة مثل القطاع الصناعى والزراعى والصناعات التحويلية واللوجستية، فهذه القطاعات تمتلك ميزة تنافسية لمصر، ويجب أن يستمر التركيز عليها لتحقيق معدلات النمو المطلوبة، مشددًا على أن تقارير التصنيف الائتمانى لم تأتِ من فراغ، إذ تسير مصر بخطى ثابتة نحو تحسين مؤشرات النمو، مما يعكس قدرات الاقتصاد الوطنى على مواجهة التحديات واستيعاب التغيرات الاقتصادية العالمية. ويؤكد د. مصطفى أبو زيد مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية أن توقعات صندوق النقد الدولى بزيادة النمو الاقتصادى فى مصر خلال العام المقبل تأتى بناءً على مجموعة من العوامل الرئيسية، أولها استمرار مصر فى تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الشاملة، بما فى ذلك جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وزيادة الحوافز الضريبية والاستثمارية، وهو ما يعزز من ثقة المستثمرين فى الاقتصاد المصري، مضيفًا أن هذه الإصلاحات تأتى مدعومة بتقارير المؤسسات الدولية للتصنيف الائتماني، وكان آخرها تقرير ستاندرد آند بورز الذى حافظ على التصنيف الائتمانى لمصر مع نظرة مستقبلية مستقرة، وهذا الاستقرار الائتمانى يعد عاملاً رئيسيًا فى دعم الاستثمار الأجنبى المباشر، مما سينعكس إيجابيًا على حجم الناتج المحلى الإجمالى خاصةً فى القطاعات الرئيسية مثل الصناعة، والزراعة، وتكنولوجيا المعلومات، وقطاع البناء والتشييد. وأضاف أبو زيد أن هذه القطاعات الرائدة تلعب دورًا كبيرًا فى دفع عجلة النمو الاقتصادى وتحقيق استدامته، وهو ما تستهدفه الدولة من خلال استراتيجيات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مشيرًا إلى أن زيادة التدفقات الدولارية بفضل ارتفاع معدلات الاستثمار والدعم الدولى ستسهم فى تحسين موارد الاقتصاد المصري، وتعزيز قدراته على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، مؤكدًا أن الجهود المبذولة لجذب الاستثمارات، إلى جانب شهادات مؤسسات التصنيف الدولية، ستساعد فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ورفع مستوى النمو الاقتصادى فى مصر بما يتماشى مع التطلعات المستقبلية للحكومة. ويرى د. على الإدريسى أستاذ الاقتصاد بمدينة الثقافة والعلوم وعضو الجمعية المصرية للتشريع والاقتصاد أن توقعات صندوق النقد الدولى بنمو الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى بمصر تعتمد على عدة عوامل أساسية يمكن أن تسهم فى تحقيق هذا النمو الملحوظ، بداية من الإصلاحات الاقتصادية المستمرة التى تنفذها الحكومة، والتى تشمل تحسين بيئة الأعمال ودعم القطاعات الإنتاجية، فهذه الإصلاحات تسهم فى تعزيز دور القطاع الخاص وزيادة معدلات الاستثمار، مما يرفع معدلات النمو الاقتصادى بشكل ملحوظ، كما أن تعافى قطاع السياحة يلعب دورًا حيويًا خاصةً مع تحسن الأوضاع الأمنية والجهود المتواصلة فى الترويج السياحي، مضيفًا أن السياحة مصدر رئيسى للنقد الأجنبي، ولها تأثير مباشر على دعم الاقتصاد من خلال الإيرادات المتولدة من هذا القطاع. وأشار الإدريسى إلى أن تحفيز الصادرات يمثل ركيزة أخرى، فتحرك الدولة نحو زيادة حجم الصادرات وتقليل الواردات يساعد فى تحسين ميزان المدفوعات ويعزز النمو، كما أن تعزيز القدرة التنافسية للصادرات والاتفاقيات التجارية يمكن أن يساهم بشكل كبير فى زيادة العائدات، لافتًا إلى أهمية زيادة الاستثمارات الأجنبية، فتوقعات تحسن مناخ الاستثمار فى مصر تسهم فى جذب المزيد من التدفقات الاستثمارية الأجنبية، خاصةً فى القطاعات الاستراتيجية مثل الطاقة المتجددة، البنية التحتية، والتكنولوجيا، مما يدعم النشاط الاقتصادي، ويخلق فرص عمل. وأضاف أن مشروعات البنية التحتية الكبرى مثل مشروعات الطرق والكبارى والمدن الجديدة تُعد من المحفزات الاقتصادية الكبيرة، حيث تساهم فى خلق فرص عمل وتدعم النمو الاقتصادى على المدى القصير والمتوسط، مشيرًا إلى أن تحسين السياسات النقدية من خلال استقرار أسعار الفائدة ومرونة السياسة النقدية يساعد على تخفيف الضغوط التضخمية ودعم الاستثمار، مما يدعم النمو الاقتصادي، موضحًا أنه بالرغم من هذه الفرص فإن الاقتصاد المصرى يواجه تحديات يجب التغلب عليها لضمان استدامة هذا النمو، من بينها السيطرة على التضخم، وتحسين القدرة التنافسية للصناعات المحلية، وزيادة الإنتاجية.