لا تزال المحرقة الإسرائيلية شمال القطاع تقتلع كل ما تبقى من آمال بسيطة في الحياة شمال غزة المكلوم منذ أكثر من عام، خلال حربٍ أسقطت أكثر من 42 ألفًا و700 شهيد. هجمةٌ شرسةٌ شرع جيش الاحتلال في اقترافها بدءًا من الخامس من أكتوبر الجاري، لعدوان ثالث سلطه على شمال قطاع غزة، ليصبح مخيم جباليا ومدينة بيت لاهيا وما حولهما مشروع إبادة جماعية جاءت من بناة أفكار جنرالات في جيش ألف لون الدماء ومشاهد قتل الأبرياء. ونصل اليوم الخميس 24 أكتوبر إلى اليوم العشرين من هولوكوست إسرائيلي فاق في الإجرام محارق النازيين وبطش الجبارين ممن سلفوا في الأولين. ووفقًا لشهود عيان ومصادر رسمية، فقد سقط نحو 800 شهيد في شمال غزة فقط خلال 20 يومًا من الإبادة الإسرائيلية هناك. حصاد إجرام إسرائيلي وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، في بيانٍ صدر عنه أمس الأربعاء، حول تطورات الأوضاع شمال غزة إن جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل أكثر من 770 شهيدًا وأصاب أكثر من 1000 جريح وعشرات المفقودين في جباليا المخيم والبلد ومحيطهما خلال 19 يومًا وأجبر آلاف المدنيين تحت تهديد القتل بالنُّزوح الإجباري من منازلهم وأحيائهم السكينة بمحافظة شمال غزة. وأشار المكتب الإعلامي الحكومي إلى أن جيش الاحتلال مارس التضليل والكذب على المواطنين، مضيفًا أنه "بحسب توثيق روايات ميدانية وشهود عيان أفادوا للمكتب الإعلامي الحكومي يوم الأربعاء 23 أكتوبر، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي طلب منهم الانتقال حسب مسارات وممرات حددها لهم، ووعدهم بأنها ممرات آمنة، ولكن عندما مر النازحون منها قام جيش الاحتلال بإطلاق النار عليهم، وأعدم العديد منهم وتركهم ينزفون حتى الشهادة، كما وأصاب عددًا آخر منهم، واختطف عددًا آخر أيضًا بينهم سيدات فلسطينيات نازحات". ولفت المكتب الإعلامي الحكومي إلى أن أعداد المختطفين من النازحين من شمال غزة حتى الآن تُقدر بأكثر من 200 مختطفٍ اقتادهم الاحتلال إلى جهة مجهولة، معربًا عن خشيته من إعدامهم ميدانيًا كما فعل الاحتلال في مرات عديدة سابقة. كما قام جيش الاحتلال بنسف وتدمير آلاف الوحدات السّكنية ومئات المنازل والأبراج والمؤسسات المختلفة من خلال استخدام كميات ضخمة من المتفجرات ألقتها طائرات حربية مقاتلة من صناعة أمريكية أو من خلال وزرعها بين منازل المواطنين، وبين الأحياء السّكينة المدنية ثم تفجيرها مما تسبب بدمار هائل وغير مسبوق، وذلك وفق ما ذكره المكتب الإعلامي الحكومي في غزة. انعدام مقومات الحياة ويروي الصحفي الفلسطيني إبراهيم مقبل، من شمال قطاع غزة، مستجدات الأوضاع الراهنة الصعبة هناك، فيقول: "في اليوم ال20 للعدوان الصهيوني على شمال غزة، هناك 800 شهيد وما يزيد عن 1000 إصابة وسط أعمال تخريب وتدمير غير مسبوقة بهدف تدمير مقومات الحياة هناك". ويضيف مقبل، في تصريحات ل"بوابة أخبار اليوم"، أن "الدفاع المدني أعلن الليلة عن توقف خدماته جراء اعتقال عدد من العاملين وتوجيه الآخرين نحو مدينة غزة ما سيقود لكوارث إنسانية غير مسبوقة خلال الساعات القادمة جراء تواصل الاستهدافات". ويؤكد إبراهيم مقبل: "أوضاع إنسانية صعبة يعيشها أهلنا في شمال غزة خاصة مشروع بيت لاهيا ومدينة بيت لاهيا (غرب محافظة شمال غزة) إذا دفع الاحتلال المواطنين للنزوح هناك". ويتابع قائلًا: "لا يزال هناك عدد كبير من العائلات في جباليا ومخيمها وسط انعدام مقومات الحياة، فالاحتلال يمنع الماء والطعام عن كامل الشمال منذ 20 يومًا". ويمضي قائلًا: "النازحون والمواطنون هنا لا يزالوا يصرون على البقاء وعدم الانصياع لمخططات الاحتلال بتهجيرهم ودفعهم للنزوح سواء للجنوب كما يسعى الاحتلال أو النزوح لمدينة غزة"، مضيفًا أنه "وفق شهادات وردت من هناك فإن هناك تعاقد من قبل النازحين والمواطنين على عدم الخروج من بيت لاهيا رغم حجم الإجرام الصهيوني هناك". مستشفيات عاجزة عن الخدمة ومن أكبر الكوارث الإنسانية في شمال غزة في الوقت الراهن هو عدم قدرة المستشفيات على تقديم خدماتها للجرحى والمرضى بالصورة الأمثل أو حتى بأدنى الدرجات الطبيعية، في ظل تعنت إسرائيلي واضح ورفض دخول أي مساعدات إنسانية لشمال غزة بما في ذلك المساعدات الضرورية لتشغيل المستشفيات. وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، في بيانٍ له، إن أكثر من 100 ألف من الجرحى والمرضى بمحافظة شمال قطاع غزة يحتاجون إلى الرّعاية الصّحية والطبية العاجلة والسريعة، وهي غير متوفرة حاليًا بسبب قضاء الاحتلال على المنظومة الصحية والمستشفيات الأربعة بشمال غزة، وهي مستشفيات اليمن السعيد والعودة وكمال عدوان والمستشفى الإندونيسي. ويؤكد الصحفي إبراهيم مقبل إن المستشفيات لم يصلها شيءٌ من المستلزمات الطبية، وهي محاصرة ومهددة ولم يتبق فعليًا سوى مستشفى كمال عدوان، منوهًا إلى أن المستشفى يمكن في أي ساعة من الساعات المقبلة أن يخرج عن الخدمة. ومع مرور 20 يومًا من العدوان الثالث في شمال غزة، أصدر رأفت علي المجدلاوي، مدير عام جمعية العودة الصحية والمجتمعية، بيانًا قال فيه: "لليوم العشرين على التوالي، تستمر الهجمة العسكرية التي تشنّها قوات الاحتلال الإسرائيلي على محافظة شمال قطاع غزة ومخيم جباليا والتي بدأت في الخامس من أكتوبر، وأودت حتى هذه اللحظة بحياة أكثر من 770 شهيدًا و1000 مصاب، بالإضافة إلى الإبلاغ عن مئات المفقودين حتى هذه اللحظة، ما زال مستشفى العودة - تل الزعتر وفرقه الطبية والإدارية مستمر بتقديم الخدمات، حيث قدّم خدماته منذ بداية الهجمة حتى الآن ل3585 مواطنًا؛ تضمنت 138 عملية جراحية، واستقبال 541 مصابًا". وأضاف المجدلاني أنه "بسبب الواقع الصعب والمُعقّد في شمال قطاع غزة، فقد قام مستشفى العودة بإدخال 394 مصابًا منذ بداية الهجمة إلى أقسام المبيت، وما زالت الخدمة الصحية تُقدّم ل43 مصابًا حتى الآن". وأكد المجدلاني أن مستشفى العودة تعرض منذ بداية الهجمة على شمال قطاع غزة ومدينة جباليا إلى استهداف مباشر لأقسام المبيت في الطوابق العلوية مما أدّى إلى إصابة أحد موظفيها بإصابة بليغة ومُعقّدة في باحة المستشفى، وتضررت غرف الإقامة في أقسام المبيت، وخزّانات المياه ومحطة فلترة وتعقيم المياه وسيارة الإسعاف الموجودة في باحة المستشفى. تدمير وحصار ومن جانبه، يؤكد الصحفي الفلسطيني خليل عبد الرحمن، المتواجد شمال غزة، إن ما يحدث هناك هو إبادة جماعية وتدمير وتخريب وحصار، مشيرًا إلى أن الاحتلال يمنع إدخال الطعام والماء والمستلزمات الطبية في مشهد كارثي. ويضيف خليل عبد الرحمن ل"بوابة أخبار اليوم"، أن "جباليا ومخيمها أبيدت، وصار لا مقومات للحياة فيها، والمواطنون يفترشون الأرض وينامون على قارعة الطريق، والاحتلال يمضي في خطته بتفريغ ما تبقى من السكان والنازحين في بيت لاهيا وبيت حانون وتحويل منطقة الشمال لمنطقة منكوبة دون سكان وبسيطرة عسكرية إسرائيلية كاملة". كما يتحدث الصحفي الفلسطيني عن تجريف مدارس الإيواء وتهجير عشرات آلاف النازحين منها لمدينة غزة بلا مأوى أو مسكن تحت قصف الطائرات وقذائف الدبابات