على مر العصور، أثبت الشعب المصرى أنه صلب لا يقبل بالهزيمة، ورغم نكسة 1967، استطاع الجيش المصرى أن يكسر حاجز الخوف وتغلب على فوارق القوة، حارب وانتصر واستعاد الأرض، التاريخ يروى لنا فترة حرب الاستنزاف من 1967 إلى 1973، ويوضح أن مصر لم تنتصر فقط بل قفزت للتفوق فى الحرب، والتفوق لم يكن عسكريًا فقط. وقف الشعب يساند الجيش بكل ما أُوتى من قوة.. متمسكين بالقيم التى بُنيت على الإيثار والفداء والإيمان بالوطن. هناك فتاة تتبرع بأموال زواجها للمجهود الحربي، وعامل يُضاعف إنتاجه أثناء صيامه، وسيدة تتبرع بتنظيف أرضية المستشفى من آثار الدماء، ولص يتوب حين سمع بيان العبور، وفقير يتبرع بقوت يومه، وجندى يصر على أن يحمل زميله المصاب إلى الجبهة الأخرى حتى يطمئن عليه، والخياطة التى تنازلت عن أجرها للمجهود الحربى رغم أنها كانت فى أمس الحاجة إليه. عندما وصف الرئيس السادات اعتداء الصهاينة على الأرض العربية ب «الغزوات البربرية» فى بيانه الذى أصدره بعد أن خرق العدو اتفاقية وقف إطلاق النار، وقتها دفع العاملون فى شركات البترول 90 ألف جنيه لدعم المجهود الحربي، فى وقت ألغيت فيه إجازة عيد الفطر، وصنعت جمعية الأسر المنتجة 2500 جلابية، و500 بيجامة، و500 بلوفر، وألف طاقية، وتَمَّ تسليمها لوزارة الشئون الاجتماعية لتوزيعها على الجنود، بينما اشترى نادى سيدات القاهرة سندات الجهاد بمبلغ ألف جنيه كدفعة أولى، وقام بتصنيع كميات من الملابس وتمّ تسليمها للهلال الأحمر. شعب كله يحارب، تبدلت أحوال التعليم والحالة الاقتصادية للبيت المصري، وتَحوَّلت سلوكيات الناس فى يومٍ وليلة حين تيقنوا من بدء الحرب واستعدادهم للتضحية بكل غالٍ والاستغناء عن كل ضروري..رغم الأزمات التى مرت بالمصريين إلا أن إرادتهم لم تنضب، ويتجدد شبابه ليحطم الأزمات ويقف صامدًا شامخًا حاملًا لرايات النصر لأنه يعى بالمؤامرات التى تُحاك بالوطن ويرى المتربصين بالوطن الغالى.. لم تكن هذه النماذج سوى جزء بسيط لحكاية الشعب المصرى الذى أثبت للعالم أجمع أن المصريين قادرون دائمًا ولديهم الكثير.. سلامًا وتحية لشعب مصر وشهدائها الأبرار وتحية إعزاز وتقدير للقوات المسلحة المصرية الذين ضحوا ومازالوا - من أجلنا.