مازلت أعيش فى رحاب تدبر سور القرآن وأركز اليوم على بعض ما جاء فى سورة البقرة وهى أكثر سورة ورد فيها تفصيل المنهج الربانى ويطلق عليها اسم «السنام» وتعنى أنها أعلى شىء «مكانا ومكانة» وبها آية من قرأها دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت «الله لا إله إلا هو الحى القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم» وبدأت السورة بوصف المتقين «الذين يؤمنون بالغيب وختمت السورة بالمؤمنين «آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله» ويقول العالم عادل محمد خليل فى كتابه تدبر القرآن إن سورة البقرة هى السورة الوحيدة التى جاء فيها ذكر أركان الإسلام كاملة «الشهادتين - الصلاة - الزكاة - الصوم - الحج» وإن أول صفة وصف الله بها القرآن بأنه «لا ريب فيه» وقد تحدى العلماء والصحابة إلى يومنا هذا أن يأتى أحد بخطأ واحد فى القرآن فلم يفلح المتشككون وأن الله وصف المتقين ب»يؤمنون بالغيب». وتتضمن السورة أن الله فضل الإنسان بالعلم فقال الله «وعلم آدم الأسماء كلها» وأن الله منح لعباده رخصة التوبة فيقول «فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم». ومن أروع ما قاله العالم ابن السعدى رحمة الله عليه أن من ترك عبادة الرحمن ابتلى بعبادة الأوثان - وأن من لم ينفق ماله فى طاعة الله أنفقه فى طاعة الشيطان - ومن ترك الذل لربه ابتلى بالذل للعبيد - ومن ترك الحق ابتلى بالباطل ونجد أن الله ذكر اليهود فى كتابه «ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون» البقرة الآية وهى سنة قدرية وحكمة إلاهية. ونلتقى بإذن الله مع سورة آل عمران فى المقال التالى بإذن الله.