منذ أيام وصلت رواية «السيدة الزجاجية» للأديب عمرو العادلى إلى القائمة القصيرة لجائزة نجيب محفوظ بالجامعة الأمريكية، تعد نقطة مهمة فى مسيرته، فهو يبتكر أبطال عوالمه داخل حكاية شعبية، وهذا ما ظهر فى رواياته: «إغواء يوسف» و«اسمى فاطمة» و«رحلة العائلة غير المقدسة» و«الزيارة»، ويتواصل ذلك فى أحدث رواياته: «السيدة الزجاجية» التى تحكى عن فتاة تعمل فى السيرك، تهرب مع حبيبها، ويتزوجان، وينجبان طفلًا ذا رأس ضخمة، وجسد ضئيل، فتحاول الأم، وابنها أن يواجها معًا قسوة الحياة، ويقول «العادلى» عن روايته الصادرة عن دار الشروق: من الشخصيات التى يعج بها المجتمع المصري، لاسيما فى الأسواق والريف والنموذج المنتشر فى المصانع، العاملات والبائعات، والأرامل، والمطلقات، المرأة المصرية صبورة بطبعها، وكل ما فعلته أننى فقط سلطت عليها الضوء، لكن بذرة هذه الرواية تحديدًا اعتمدت على قصة واقعية، يمكننى القول بنسبة 20٪، وقد كانت بنفس الاسم «أم كلثوم»، وقد كتبت اسمها كاملًا فى الإهداء، وتدفق هذا الحوار التالى: بعد حصولك على جوائز: الدولة التشجيعية والطيب صالح ماذا تعنى لك جائزة نجيب محفوظ؟ - جائزة نجيب محفوظ مهمة لأن الجميع يعلمون قدر موضوعيتها، وقد سعدت لوصول روايتى السيدة الزجاجية إلى قائمتها القصيرة منذ أيام، إضافة لأنها جائزة تُقدم من الجامعة الأمريكية على مستوى العالم العربى وليس مصر فقط، والوصول إلى تصفية مئات الروايات إلى ستة فقط مدعاة للفرح، وكذلك ترجمة الروايات إلى اللغة الإنجليزية يعتبر بوابة جديدة وأفقًا لقراءة أفكار الكاتب بأكثر من عقلية وأكثر من ثقافة، وقد اقترن اسمى من قبل باِسم عملاقين فى الكتابة العربية، الأولى عندما حصلت مجموعتى القصصية «حكاية يوسف إدريس على جائزة ساويرس، والثانية عندما حصلت مجموعتى القصصية «الهروب خارج الرأس على جائزة الطيب صالح، وتُعد هذه هى المرة الثالثة مع نجيب محفوظ. تُعد من الأدباء القادرين على تنظيم وقتهم للكتابة، كيف تنظم وقتك للكتابة؟ - ليس بهذا الشكل المتخيل، فأنا مثل كل المصريين، أعانى من ضيق الوقت وضغوط الحياة، ولكن هناك فرقًا أن يذوب الكاتب مع مشكلاته وينسى مشروعه وأن يعانى ولكنه يعرف أن لديه مشروعًا يجب أن يلتفت إليه، فأنا لست موظفًا ولى مواعيد عمل ثابتة، لكنى أقتنص الوقت بأفضل طريقة من وجهة نظري، فعلى سبيل المثال حين كنت أكتب مجموعتى القصصية حكاية يوسف إدريس كنت أذهب مع ابنتى بالسيارة لبعض أماكن الدروس الخصوصية، ويضطرنى بُعد المسافة أن أنتظرها حتى تنتهي، فيصبح لديَّ وقت من ساعة ونصف إلى ساعتين، خلال دروس ابنتى فى موسم دراسى انتهيت من كتابة المجموعة كمسودة أولى، وحين كنت أقوم بتوضيب شقتى كنت أنفق وقتًا كبيرًا مع الصنايعية لتوجيههم والتأكيد على نقاط معينة، ستة أشهر وأنا أجد لدى أربع ساعات كل يوم جالس معهم نشرب الشاى والقهوة ونحكي، كتبت خلال هذه الفترة مجموعتى القصصية «عالم فرانشي»، وذات مرة حُجز أبى فى المستشفى وكنت مرافقًا معه لأيامٍ طويلة، بدأت خلالها كتابة رواية «الزيارة»، فما أقصده أنه استغلال للوقت أكثر منه تنظيمًا للوقت. كيف تَحَوَّل الشخص العادى إلى كائن أسطورى فى «السيدة الزجاحية»؟ - الأساطير ممتدة حولنا بطول الحياة وعرضها، فأغلب حكاياتنا تنتصر لما هو أسطوري، وأغلب تصوراتنا عن الواقع تعتمد بالأساس على جانب كبير أسطوري، لم يترك الإنسان الخرافة كما يقول رواد عصر العقل والمنهج العلمي، لكن فكرة أن الإنسان كائن سيبقى قليلًا فوق هذه الأرض، ثم يمضى هى فكرة أسطورية، و«ثومة» تحولت إلى أسطورة ليس لأنها فعلت أشياءً خارقة، على العكس من ذلك، بل لأنها كانت تسعى إلى أن تكون إنسانة طبيعية بسيطة، حاولت أن تتعايش مع بيئتها، لكنها لفظتها، وظلت رحلتها هكذا حتى وصلت إلى ما انتهت أحداث الرواية. كلما ذهبت بطلتك إلى مكان خراب، ازدهر فجأة، فهل الإنسان يستطيع أن يغير الواقع بهذه السرعة؟ - فى المطلق لا يستطيع الإنسان ذلك، لكن فى حالة «ثومة» فقد حاولت بالفعل السعى إلى تغيير واقعها، وقد تحسن كل مكان ذهبت إليه وتطور، فقد تعلمت الصيد وتفوقت فيه وأجادت العمل فى عشة لعمل الشاي، وجعلتها مطعمًا يشتهر فى القرية كلها، ثم ما لبثت أن تعلمت الزراعة عندما اضطرتها الظروف إلى ذلك، حتى العمل فى المصنع فقد تفوقت فيه على قريناتها، لكن لظروف خارجة عن إرادتها تركت العمل ثم عادت إليه مرة أخرى عندما احتاجت إلى المال، وقد كان من الممكن أن تعمل مع زوج أمها وأختيها وتعيش مرتاحة البال، لكنها رفضت، لأن شخصيتها مختلفة، وطبيعتها أبت أن تتمايل وترقص للزبائن كى تفوز بالمال. بطلة العمل كانت تعمل فى سيرك، فهل يرمز هذا إلى أن الحياة مجرد سيرك كبير؟ - السيرك هو الإطار العام للرواية بشكل أساسي، فكل شخصية تريد أن تكون «حلوة» من وجهة نظر باقى الأبطال، زوج الأم يريد أن يقدم عرضًا للأب الذى يخاف على بناته، لكنه فى الحقيقة يقدمهن إلى الزبائن بشكلٍ فج وصريح دون مواربة، و«ثومة» تقدم عرضها فى محبة الوحدة والانزواء بعيدًا عن الجميع، والحاج «سلمان» يقدم فى السيرك عرض الزوج المخلص الصبور على زوجته، و«عبده» زوج «لوزة» يقدم عرضًا يناسب احتياجه الدائم للنساء، و«سعد» قدم عرضه طوال الرواية بقدم واحدة، لكنه فى نهاية العرض رأيناه يسير بقدمين. ما مشروعك الإبداعى الجديد؟ - انتهيت منذ أشهر من روايتى الثانية للأطفال، وربما تصدر خلال الأشهر المقبلة، ولديَّ رواية قصيرة «نوفيلا» ربما تصدر بعدها بقليل.