أصحبت السوشيال ميديا، أسرع طريق للتواصل مع المواطنين، من مختلف الأعمار والجنسيات، ويستغل البعض مواقع التواصل الاجتماعي، للترويج لأعمال غير قانونية، ومنها انتشار صفحات للعلاج بالسحر والشعوذة، والعلاج الروحاني، أو ما يعرف ب «الدجل الإلكتروني» يدعي القائمين عليها، رد المطلقات وجلب الحبيب، وإخراج الجن، وغيرها من الأعمال الأخرى. ويُعد الدجل الإلكتروني من الأنشطة غير القانونية التي تتم عبر الإنترنت، حيث يستخدم المشعوذون والدجالون أساليب متنوعة من الإغراءات والكلمات الرنانة لجذب الضحايا، خصوصًا من الفئات التي ليس لديها وعي علمي أو ديني، وأصحاب النفوس الضعيفة. ◄ دراسة بحثية وكشفت دراسة أعدها مركز البحوث الاجتماعية والجنائية، أن هناك أكثر من 300 ألف شخص تقريبًا في مصر يدّعون القدرة على علاج المرضى، بتحضير الأرواح وإخراج الجن من جسد الإنسان، بالإضافة إلى عدد مماثل يزعمون قدرتهم على علاج المرضى باستخدام آيات من القرآن والإنجيل، تحت مسمى الدجل الإلكتروني.
وأكدت الدراسة أن العديد من المصريين لا يزالون يؤمنون بالخرافات والدجل، وأنفقوا ما يقرب من 10 مليارات جنيه على الدجالين والمشعوذين لحل مشاكلهم. وأظهرت الدراسة أن الأشخاص ذوي المستويات الثقافية الرفيعة والتعليمية المتقدمة، يترددون أيضًا على هؤلاء الدجالين، وبالفعل أصبح المعدل تقريبًا دجالًا واحدًا لكل 240 مواطنًا وفقًا للدراسات، وخصوصًا في ظل انتشار صفحات تدعي العلاج ب «الدجل الإلكتروني». ◄ ناقوس خطر وأشارت الدراسة إلى أن هذه الأرقام في تزايد مستمر، وتعكس قناعة بعض فئات المجتمع في الدجل الإلكتروني والخرافات، مما يدق ناقوس الخطر أن هناك حاجة لتعزيز الوعي والتثقيف لمكافحة هذه الظواهر غير الصحية، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة مع الدجالين والمشعوذين.
وتواصلت «بوابة أخبار اليوم»، مع بعض المختصين، لمعرفة أسباب لجوء المواطنين لأعمال الدجل الإلكتروني والشعوذة، أيضًا العقوبة القانونية التي يواجهها مرتكبي تلك الجرائم. ◄ الأفكار الخاطئة قال الدكتور حسن الخولي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورًا كبيرًا في نشر أعمال الدجل الإلكتروني والأفكار الخاطئة، وكثير من الناس ينساقون لهذا الطريق، ظنًا منهم في وجود حل لمشكلاتهم التي يعانون منها، متابعًا: «زي الغريق اللي بيتعلق بقشاية»، لافتا إلى أن بعض المواطنين الذين يعانون من مشاكل بعضهم يسلك طريق رشيد وآخر بمختلف مستوياتهم الاجتماعية والثقافية يلجئون للمشعوذين، ويصبحوا فرائس لمصيدة هؤلاء النصابين. اقرأ ايضا| ضبط المتهم بالنصب على المواطنين ب «السحر والدجل» في الإسكندرية
وأوضح أستاذ علم الاجتماع، أنه مما زاد الأمر سوءًا، انتشار إعلانات لهؤلاء المشعوذين تروج لأعمال النصب الخاصة بهم على وسائل التواصل الاجتماعي، موضحًا أن تأثير هؤلاء المشعوذين خطير وسلبي على روادهم لدرجة أنه يصل لمرحلة الأذى الجسدي والنفسي، وقد تصل أساليبهم الهمجية في بعض الحالات إلى القتل، ويتم استقطاب الضحايا عبر صفحات تروج ل «الدجل الإلكتروني». ◄ رأي الدين من جانبه، أكد الشيخ محمود شاهين أحد علماء الأزهر الشريف، أن الذهاب إلى الدجالين والمشعوذين أو ما يسمى «الدجل الإلكتروني» أمر خطير ومنكر عظيم، ومن كبائر الذنوب، مشيرًا إلى وجود أحاديث نبوية تحذر من هؤلاء النصابين؛ كما في الحديث الذي رواه مسلم عن صفية عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنهن - قال: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة».
وأضاف أن علماء الدين يشعرون بالتقصير في الحديث عن الدجل الإلكتروني والشعوذة للمواطنين، مكتفين بما سبق الحديث عنه من قبل، مما أدى لانتشاره بطرق مختلفة ومتعددة، مؤكدًا ضرورة توعية الناس من خلال منابر المساجد ووسائل التواصل الاجتماعي، لنشر الوعي بين الفئات المختلفة في المجتمع المصري. ◄ عقوبة الدجل وفي ذات السياق، أكد ياسر حفني الخبير القانوني، أن القانون المصري لا يعاقب على جرائم السحر والشعوذة والدجل الإلكتروني بشكل مباشر، سواء بصورته التقليدية أو الإلكترونية، ولكن أدرجه ضمن جرائم النصب، مشيرًا إلى أن العقاب فيها بالحبس مدة 3 سنوات مع الشغل والنفاذ. وأشار إلى أن الشخص الوحيد الذي يحق له مقاضاة الدجال هو الشخص المتعامل معه بصفته، لأنه من تعرض للنصب من المشعوذ عن طريق صفحات الدجل الإلكتروني، وتحصل منه على أموال نظير أعمال وهمية لم تتحقق، مؤكدًا أن القانون واضحًا وصارمًا في معاقبة الأفراد، الذين يقومون بممارسة الدجل والشعوذة والنصب على الآخرين.