أسرى الطوفان الإسرائيليون هم الورقة الوحيدة الباقية فى أيدى المقاومة والذين يتناقص عددهم يوماً بعد يوم بسبب القصف الإسرائيلى. أيام قليلة ويمر عام على الأحداث الدامية فى غزة وتزايد احتمالات اتساع الصراع ليشمل المنطقة كلها. ولأننا شعوب تعشق العواطف الجياشة فإن أهم ما حققته عملية طوفان غزة هو مظاهرات الغضب التى اجتاحت بلدانا كثيرة. مظاهرات التنديد بحرب الإبادة التى تشنها إسرائيل فى غزة والتى امتدت للضفة والتحرش المستمر بلبنان وحزب الله وصولاً لأنصار الله فى اليمن وإيران. مظاهرات حماسية للشعوب لم تحرك جفناً للساسة والقادة فى معظم بلدان العالم والذين يجهرون فى لامبالاة أو اكتراث بأنهم سيظلون حماة إسرائيل من خلال جسور الأسلحة الفتاكة التى تورد إليها والتى تمول أيضا من جماعات الضغط الصهيونية هناك. دعونا نكن أكثر جرأة ومصداقية عندما نقول إن ما تشهده غزة والضفة اليوم هو حرب إبادة. نعم لقد حققت حماس زخماً غير معتاد للقضية الفلسطينية عندما شنت عملية الطوفان ولكن هذا الزخم ظل حبيساً لمظاهرات هنا أو هناك دون أى رد فعل حقيقى يجبر إسرائيل والغرب لوقف العدوان. فبعيداً عن دغدغة المشاعر دعونا نرصد كل الحسابات فربما يحتاج بعضها إلى إعادة تدقيق ومراجعة. بداية فإن هناك أسئلة تطرح نفسها حول هدف عملية الطوفان!! ولعل الإجابة تكمن فى مطالب الأشقاء فى حماس الآن والتى تتمثل فى ضرورة خروج إسرائيل من غزة والإفراج عن بعض المعتقلين فى السجون الإسرائيلية ووقف إطلاق النار ثم تقديم المساعدات الإنسانية وأخيراً إعادة الإعمار. يخطئ كثيراً كل من يعتقد أن حسابات المكسب والخسارة لا تطبق فى حالات الحروب ومجرد رصد دقيق لحرب الإبادة فى غزة والضفة كفيلة بأن نسارع بإعادة الحسابات قبل فوات الأوان. إن الدفاع عن الأوطان لا يعنى انتحاراً مثلما يحدث الآن للمدنيين والذين تجاوز عدد ضحاياهم أكثر من 42 ألف شهيد وأكثر من مائة ألف مصاب وعشرة آلاف مفقود. كلها أرقام أمكن حصرها لكن الأعداد الحقيقية أكثر بكثير بالإضافة التدمير الكامل للبنية الأساسية والعمران فى قطاع غزة والذى يمتد اليوم للضفة وجنوب لبنان. للأسف الشديد فإن مقولة اليوم التالى للحرب كانت ذريعة للهجوم على نتنياهو على حين أنها تصدق تماماً على الأشقاء فى حركة حماس وقوى المقاومة التى دخلت لعملية الطوفان دون السؤال عن ماذا بعد؟! ماذا بعد نفاد كميات كبيرة من أسلحة حماس واستشهاد عدد غير قليل من المقاومين. أسرى الطوفان الإسرائيليون هم الورقة الوحيدة الباقية فى أيدى المقاومة والذين يتناقص عددهم يوماً بعد يوم بسبب القصف الإسرائيلى. أيضا لاتزال تطربنا مظاهرات الغضب التى تجتاح العالم ضد إسرائيل والتى يتوقف تأثيرها على المشاعر الفياضة للمتظاهرين على حين تقوم معظم دول الغرب بمد جسور المساعدات العسكرية لإسرائيل. لكن الأمور تحولت إلى حالة من الفوضى العارمة قد تجر المنطقة كلها إلى أقوى حرب إقليمية، بالإضافة لمولد بعض الحركات الإرهابية الجديدة بالمنطقة.