ينظر الكاتب إسلام صلاح الدين إلى حديقة الحيوانات كأنها جزيرة أو غابة منعزلة مثل قصص: «حى بن يقظان» و«روبنسون كروزو»، وذلك فى كتابه «زيارة متأخرة لجنينة الحيوانات» - الصادر عن ديوان للنشر-، بعدما مرت سنوات طفولته، وفترة دراسته، يزور حديقة الحيوان وهو شاب. اندهش إسلام حين استمع إلى قصص الحيوانات ووجدها تشبه حكاياتنا كبشر، مثل الدب «هانى» يعد «دنجوان» فى عالم الحيوان، كانت دبتان «نبيلة ولولو» تتصارعان على الفوز بقلب هانى الذى رحل عام 2013، قصة زواج الزرافة «سوسن» من العريس «زيزو» - القادم من جنوب إفريقيا- لكنه توفى قبل أيام قليلة من زفافه، تظل سوسن مكتئبة فترة قصيرة ثم تعود إلى حياتها الطبيعية، كما تشهد حديقة الحيوان حادثة الفيل «حسن» الذى قُتل بخرطوم زوجته «نعيمة» الأنثى الشرسة، التى لم يستطع أحد أن يروضها. يرى إسلام أن تلك الحكايات صاغتها الصحافة من أجل التشويق والإثارة، إذا ناقشناها بشكل علمى سنجد أن هانى كان من الممكن أن يتكاثر مع نبيلة ولولو وفرح، ولن يكون هذا حراما. كما يعتمد هذا التركيب الاجتماعى على توافر شركاء الجنس المحتملين والانتقاء منهم بحسب معايير تخص عالم كل نوع من الأنواع واحتجاز الحيوانات فى المقابل بما يؤدى إليه من انعدام توافر الشركاء المحتملين للانتقاء - بسبب ازدياد توترها وتصاعد عنفها، يفوت على هذا النمط من الممارسات الصحفية اعتبار الحقيقة العلمية الأخيرة سبباً محتملاً على الأقل لحادثة الدببة الثلاث، وحادثة قتل نعيمة وليفها غير المرغوب فيه حسن. يطلق الحراس فى الجنينة أسماء على الحيوانات، يكون الاسم قريبا من ثقافتهم، مثل عنتر وحسونة للدببة البنية، وقرد اسمه نادر، كل ذلك من أجل إثبات هؤلاء الكائنات فى ذاكرتهم، كما لو أنه يولد ذاتا إنسانيا داخل الحيوان. كتب إسلام عن تاريخ الحيوانات فى عصر الحضارة القديمة والعصر الإسلامى مثل تحتمس الثالث حين أحضر فيلة حية من صيده، بطليموس الثانى كان يهوى اقتناء الحيوانات البرية: 96 فيلا، 24 أسدا، 30 فهدا، وولع الحكام باقتناء الحيوانات البرية معروف فى التاريخ العربى. يزيد بن معاوية معروف عنه حبه اقتناء القرود والفهود والجوارح وغيرها. الحكام الأمويون عرفوا بهذا الهوس مثل الخليفة الناصر الأموى فى الأندلس كانت لديه محلات للوحوش والسباع واسعة الأرجاء متباعدة السياج، وكذلك العباسيون الذين اهتموا بتجميع الأسود والنمور خاصة فى دور الخلافة عبر زمانهم الممتد من القرن الثامن حتى الحادى عشر. وفى مصر، أقام خمارويه بن أحمد بن طولون بالقرن التاسع الميلادى دارًا للسباع، وكذلك حاكم مصر بالقرن العاشر الخليفة العزيز بالله الفاطمى الذى اجتمع عنده من غرائب الحيوانات ما لم يجتمع عند غيره. هؤلاء الحكام بالتحديد عرف عنهم مبالغتهم فى تعزيز هيبة الحيوانات بالسلاسل والأساور الذهب وبتخصيص أعداد كبيرة من الخدم والحراس، لتعزيز أداء دور الوجاهة السياسية، ومنهم من كان يُحضر حيواناته الشرسة خاصة فى مجالسه أمام العامة أو مع ممثلى الدول الأخرى. ربط إسلام حالة الحيوانات بالأغانى خاصة حيوان إنسان الغاب «تيتي» بأغنيتى «ع المدينة» لمحمد منير و«المدينة» لعمرو دياب، تيتى هاجرت من موطنها غابات جنوب شرق آسيا إلى حديقة الحيوان بالجيزة، تشعر أنها منسية تعيش داخل متاهة مدينة لا تنتمى إلى وطنها، تحتفظ ببقايا صور داخل ذاكرتها، كانت كلمات أغنية منير تعبر عنها «لفو بينا ع المدينة، قالوا لينا قالوا بينا ع المدينة، ولما جينا التقينا كل شىء فيها ناسينا» وكذلك أغنية عمرو دياب «متاهة بشر وشوارع حزينة بقايا صور».