رغم مرور 23 سنة على أحداث 11 سبتمبر 2001، إلا أن المنطقة لا تزال تحصد نتائجها السيئة، ولن تنسى أمريكا أبداً أن إمبراطوريتها العظيمة كادت أن تسقط، على أيدى «تنظيم القاعدة»، وهل من عقاب أقسى مما يحدث فى المنطقة الآن؟ كانت أمريكا تخطط قبل هذا التاريخ لحرب «النجوم» لمواجهة الصين وكوريا الشمالية، ففوجئت بأن الطائرات المدنية التى هدمت برجى التجارة أصبحت صاروخاً أقوى من الأسلحة النووية، وأن الخطر يأتى من «الكهوف» و«ليس النجوم» من الشرق «الأوسط» الذى أنجب بن لادن وعصابته وليس «الأقصى». بعد أحداث 11 سبتمبر انقلبت نظريات الأمن القومى الأمريكى رأساً على عقب، وأن المخاطر تأتى من الشرق الأوسط ، على أيدى العرب والمسلمين أو ما أسماهم بوش الابن الإرهابيين «أعداء البشرية والإنسانية والحضارة والتقدم»، والقضاء عليهم لا يتطلب حرب النجوم وأشعة الموت، بعد أن استخدم الإرهابيون الطائرات المدنية فى تفجير برجى التجارة، وعجزت برامج الدفاع الاستراتيجي، عن مواجهة وسائل بدائية لم تكن فى الحسبان، ولا ينفع معها برنامج ريجان، الذى اعتمد على خياله السينمائى باعتباره ممثلاً قديماً، وسارت وراءه هوليود بإنتاج عشرات الأفلام عن حرب النجوم، حققت معدلات جماهرية بالملايين وإيرادات بالمليارات، غير مسبوقة فى تاريخ السينما الأمريكية . سيناريو 11 سبتمبر على أرض الواقع، فاق الخيال السينمائي، و»بن لادن» البطل الشرير تغلب على «جورج لوكاس» أستاذ إخراج الحيل السينمائية، وأمريكا فتوة العالم أخذت علقة ساخنة على أيدى غلمان الإرهاب، واختبأ قادتها فى جحورهم، فى مشهد يشبه نهاية العالم، وفتحت بوابة جهنم، باعتقال آلاف الأشخاص من أصول شرق أوسطية، وأصدرت قانون «باتريوت» الذى يمنح الإدارة سلطات غير محدودة فى الاعتقال والتنصت، دون إتباع إجراءات قانونية. وفتح الكونجرس خزائنه ومنح الرئيس الأمريكى 40 مليار دولار، دفعة أولى لحملة الحرب ضد الإرهاب، وتبلورت فكرة «محور الشر» فى أفغانستان والعراق وإيران، وأصبحت هدفاً ثابتاً فى الحرب العالمية الجديدة، التى شكلت انعطافة خطيرة وغير مسبوقة فى التاريخ لكونها حرباً غامضة وتختلف عن الحروب التقليدية لتعدد الأبعاد والأهداف، وظلت كرة النار تتدحرج حتى الآن، وأنجبت « داعش « وأخواتها، صناعة أمريكية مائة فى المائة. 11 سبتمبر 2001 لم يكن يوماً أسود على أمريكا فقط، بل العرب والمسلمين، فقد كان بوش الابن - الذى تولى الحكم فى يناير من نفس العام - مشدوداً لإحياء برنامج «حرب النجوم» أو «القوة تستيقظ»، الذى أنشأه الرئيس ريجان سنة 1983، لمواجهة الخطر السوفيتي، وخصص له 26 مليار دولار، وتوقف بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، محدداً عدوه الأول هو الصين، ولم يتضمن برنامجه الانتخابى سطراً واحداً، عن الشرق الأوسط أو القضية الفلسطينية، وانتقل الغضب الأمريكى من جنوب شرق آسيا إلى الشرق الأوسط. وللحديث بقية.