فى اليوم التالى، قابلت وزير العمل الأردنى، الذى كان متفهمًا وأبدى تقديره للعمالة المصرية. رن جرس تليفونى على الطرف الآخر كان المستشار أحمد رئيس نيابة حوادث شمال الجيزة.. كان يدعونى لتغطية إجراء المعاينة التصويرية التى ستقوم (سهير) قاتلة زوجها التى قامت بقتله وتقطيع جثته أجزاء وتخلصت منها بإلقاء حقائب بلاستيكية بها بعض أجزاء الجثة بمناطق مختلفة فى إمبابة. وبعد تجميع الأجزاء بمعرفة الطب الشرعى، تبين أنها تشكل جسد رجل. وخلال يومين نجح رجال المباحث فى كشف السر بعد حصر بلاغات الغياب وانحصرت الشبهات فى الزوجة الجميلة الشابة بعدما أكد الجيران اشتعال الخلافات الحادة مؤخرا بينها وبين زوجها.. وانتهت الإجراءات إلى اعترافها بقتل زوجها وتقطيع جثته ونثرها فى أماكن مختلفة حتى يصعب التعرف على جريمتها. وطبعا أصبحت جريمتها حديث الشارع المصرى ليس فقط لبشاعة الجريمة وإنما لسبب الإقدام على ارتكابها بسبب حبها الشديد له.. ولكنها اكتشفت رغم كل مساندتها له أنه ينوى الزواج بأخرى وهددته إما بتراجعه عن زواجه وإلا فلن يكون لأحد غيرها.. وقد كان بالفعل ما أقدمت عليه... المهم أننى وصلت ظهر اليوم الثانى لعنوان القاتلة حيث ارتكبت جريمتها. كانت سهير قد وصلت فى حراسة مشددة واقتادوها للشقة التى فتحت لأول مرة منذ القبض عليها وطبقا لتوجيهات المحقق بدأت تمثل كيف خدرت الزوج ثم ذبحته وظلت طوال يوم كامل تقطع جثته وتعبئتها فى حقائب. وأثناء توقف العمل للراحة، فكرت فى فتح الثلاجة للشرب فقد كان الوقت منتصف أغسطس حار جدا.. ولكن كانت التصرف الغريب للقاتلة بمجرد اقترابى من الثلاجة للشرب حتى تعالى صراخها رافضة فتحى للثلاجة بأسلوب أثار انتباه وريبة الموجودين من الشرطة ورجال النيابة. ورغم ابتعادى عن الثلاجة فقد حذرت أنها لن تواصل اعترافاتها إذا حاول أحد فتح الثلاجة. وهو ما فع رئيس النيابة ليطلب من رئيس المباحث فتح الثلاجة وكانت المفاجأة هى وجود طبق فى الفريز به قلب آدمى. اعترفت الزوجة القاتلة (سهير) بأنها احتفظت بقلبه فقط ليبقى معها طوال العمر لأنها تحبه ولا تقدر على الحياة بدونه ليتم إضافة الواقعة إلى التحقيق كدليل آخر على ارتكابها للجريمة. معلوماتى أسقطت سائح الإيدز كانت قضية «وليم تشارلز» السائح الأمريكى الذى تم ترحيله خارج البلاد بعد ضبطه بتهمة إفساد أطفال أحداث من خلال إقامة علاقات غير سوية معهم، وقيل وقتها إن تصرفاته كانت تهدف لنشر الإيدز (الذى قيل إنه يحمله) فى مصر من خلال هذه العلاقات مع الأطفال. واختفت أخباره تمامًا بترحيله من مصر، ولكن بعد شهور اشتممت رائحة أن أكثر من جهاز أمنى يبحث بكثافة وفى سرية تامة عن «وليم تشارلز» الذى عاد وتمكن من دخول البلاد مرة ثانية، ولكن بجواز سفر مختلف منتحلًا اسمًا جديدًا. ولأننى كنت مشاركًا فى تغطية قضيته قبيل ترحيله، فقد عزمت على المشاركة فى الإيقاع به.. لم يكن الأمر سهلًا حتى عثرت على مصدر مهم جدًا استطعت الحصول منه على معلومات مهمة عن اسمه الجديد وهو «ماتيو أندرو كارتر»، وكذلك صورة فوتوغرافية له بذقن أطلقها للتمويه. ونشرت المعلومات الجديدة فى أخبار اليوم تحت عنوان (وليم تشارلز عاد بالإيدز مرة أخرى إلى مصر) وعقب صدور وتوزيع أخبار اليوم تكهرب الجو. فقد أصبح كل مواطن يتفحص من حوله.. أما وليم الذى كان مقيمًا مستقرًا فى الإسكندرية، وفوجئ أكثر من مرة بأن هناك من يمسك بجريدة أخبار اليوم المنشور بها قصته.. ونجح فى الابتعاد عن ملاحقة أنظارهم وقرر العودة للقاهرة حتى يهرب من ضبطه.. كانت المكالمات تنهال على سويتش أخبار اليوم من مواطنين يؤكدون رؤيتهم لتشارلز فى مناطق مختلفة. فى الساعات الأولى للصباح وتحديدًا فى الثانية قبل الفجر استيقظت من نومى على رنين التليفون الذى لا يريد أن يتوقف على الجانب الآخر. كان موظف سويتش أخبار اليوم يخبرنى أن ثمة مكالمة يلح صاحبها فى الحديث معى لأمر مهم جدًا معى. بسرعة قال إنه موظف بفندق شيراتون القاهرة بالدقى وأن تشارلز يجلس أمامه الآن فى البار حيث وبحكم عمله عرف أنه يستعد للسفر إلى إسرائيل برًا عبر منفذ رفح بواسطة سيارة تاكسى مستأجرة له بواسطة السفارة الإسرائيلية بالقاهرة. أعطانى المتحدث بياناته الشخصية لمراجعته وتقديم مساعدته، قائلًا إنه سوف يستمر فى متابعته حتى لا يختفى عن أنظاره.. بسرعة اتصلت باللواء محمد نور الذى كان مع ضباطه يحاول الوصول إليه منذ فترة طويلة.. وأبلغته بأمر وجود تشارلز ليبدأ على الفور بالتواصل مع ضباطه ويكلفهم بالتوجه إلى بار الفندق وضبط تشارلز وهو ما حدث بالفعل. وكما حكى لى الضباط بعدها أن تشارلز انتابته حالة هيستيرية من الضحك بمجرد رؤيته للضباط الذين كان يعرفهم بدقة منذ ضبطهم له أول مرة وأحيل للنيابة التى وجهت له تهم انتحال شخصية غير شخصيته، ولكنه أكد أن تغيير اسمه تم بطريقة قانونية من خلال المحاكم الأمريكية، ولكن النيابة قررت إبعاده فورًا خارج البلاد وهو التصرف الذى تم بفضل ما نشرته أخبار اليوم. أوضاع صعبة للمعتمرين فى صيف 2003، كُلّفت بتغطية أزمة تكدس المعتمرين فى نويبع بعد أن اكتشفت السعودية أن آلاف المعتمرين المصريين يحملون تأشيرات مزيفة. كانت الأوضاع صعبة، إذ لم تستطع مدينة الحجاج فى نويبع استيعاب الأعداد الكبيرة. وفى حواراتنا مع العائدين، اكتشفنا أن الوضع فى ميناء العقبة الأردنى كان أسوأ بكثير، حيث واجه المعتمرون تعسفًا من الشرطة الأردنية واستغلالاً من التجار والمطاعم الذين ضاعفوا الأسعار بصورة مبالغ فيها. بعد إنهاء تغطيتنا فى العقبة، توجهنا للقنصلية المصرية بالمدينة للاستفسار عن دورها فى حل الأزمة. اتصل القنصل بالسفير المصرى فى عمان ليبلغه بوجودنا، وفوجئت بالسفير يطلب منى الحضور فورًا إلى العاصمة الأردنية، قائلاً إن لدى مسئولية أكبر من أزمة المعتمرين. أخبرنى القنصل أن السلطات الأردنية قررت إما أن توفق العمالة المصرية أوضاعها أو يتم ترحيلهم، مما يهدد بترحيل 800 ألف عامل مصرى. وصلت إلى عمان بعد رحلة استغرقت أربع ساعات. استقبلنى السفير المصرى شخصيا فى منزله وبعد تناول الافطار الرمضانى مع اسرته تحدث معى عن الازمة التى تواجه العمالة المصرية والتى استدعانى من أجلها وشرح لى خطورة الوضع قائلا: إن الأردن كان يستوعب أعدادًا كبيرة من العمالة المصرية، خاصة بعد إغلاق أسواق العمل فى العراق والخليج. وأوضح أن عودة هؤلاء العمال إلى مصر فى هذا الوقت الصعب قد تزيد من الضغوط الاقتصادية فى البلاد. أشار السفير إلى أن المجتمع الأردنى يقدّر العمالة المصرية ويعترف بإسهاماتها، وأن الحكومة الأردنية تبحث عن حلول تجنب ترحيل العمال، مثل فرض رسوم لتقنين أوضاعهم. وطلب منى السفير، بصفتى صحفيًا، أن أنقل اهتمام الرأى العام المصرى بهذه القضية، مؤكدًا أن الإعلام يمكن أن يلعب دورًا كبيرًا فى حل الأزمة. كما رتب لى السفير لقاءً مع وزير العمل الأردنى لمناقشة الأزمة وتوضيح موقف الأردن من العمالة المصرية. فى اليوم التالى، قابلت وزير العمل الأردنى، الذى كان متفهمًا وأبدى تقديره للعمالة المصرية. وأكد أن الأردن يسعى لتوفيق أوضاع العمالة بدلاً من ترحيلهم، مشيرًا إلى الثقة والاحترام المتبادل بين المجتمع الأردنى والعمال المصريين. تحدث الوزير عن دور العمالة المصرية فى المجتمع الأردنى، موضحًا أن الكثير من الأسر الأردنية تعتمد على العمالة المصرية فى حياتها اليومية. بعد اللقاء، أرسلت تقريرى إلى «أخبار اليوم»، حيث تم نشر الحوار مع الوزير على صفحة كاملة. وأعلنت الحكومة الأردنية فى وقت لاحق قرارها بالسماح للعمالة المصرية بتوفيق أوضاعها مقابل سداد رسوم، وبدء تنفيذ تعليمات الحكومة الاردنية فى الحال وهو ما منع ترحيلهم.