كل الشواهد تؤكد أن محادثات وقف إطلاق النار التى تقودها الولاياتالمتحدة لا تؤدى إلا لشراء المزيد من الوقت للإبادة الجماعية التى ترتكبها إسرائيل فى غزة. حتى الآن تعتبر المفاوضات شكلاً من أشكال التمويه الذى تستخدمه إدارة بايدن وهاريس لصرف الانتباه عن حقيقة دعمها للفظائع الجماعية التى ترتكبها إسرائيل هناك. أحدث مسودة اقتراح وقف إطلاق النار التى أعلنها وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن تؤيد بشكل أساسى استمرار الاحتلال الإسرائيلى لغزة دون وقف دائم للحرب. ورغم أن ما طرح كان بمثابة تنازل كبير لنتنياهو إلا أنه يواصل تقويضه. قبل أسبوع واحد فقط من المفاوضات، أعلنت وزارة الخارجية عن بيع أسلحة أمريكية أخرى بقيمة 20 مليار دولار لإسرائيل. إحدى القوى الدافعة وراء كل هذا هو اللوبى المؤيد لإسرائيل، مع شبكته الواسعة من المانحين من ذوى الثروات العالية. ولذلك يتمسك العديد من السياسيين بنقاط الحديث التى يطرحها اللوبى من أجل تجنب مقصلته. فقد قامت مجموعات الضغط المؤيدة لإسرائيل وشبكات المانحين ببناء واقع مشترك بين الحزبين من السياسيين الأمريكيين المؤيدين لإسرائيل الذين يقومون الآن بتمكينها مهما فعلت. إسرائيل لن تتخلى عن هوسها بالإبادة الجماعية، لأن الولاياتالمتحدة سوف تحميها من كل العواقب. ورغم أن بايدن وبلينكن يظهران أمام العالم كوسطاء للسلام إلا أنهما لا يسعيان من أجل وقف حقيقى لإطلاق النار ويرسلان أسلحة بمليارات الدولارات لإسرائيل لتمكينها من إبادة الفلسطينيين. ما يحدث له جذور عميقة تعود لما يسمى بعملية «أوسلو» للسلام، والتى أعطت إسرائيل عقودًا من الوقت لسرقة الأراضى الفلسطينية وتوسيع حدودها من خلال بناء المستوطنات الإسرائيلية فى جميع أنحاء الضفة الغربية الفلسطينية المحتلة. وقد أوضح المحلل الفلسطينى معين ربانى كل هذا مؤخرًا عندما وصف محادثات وقف إطلاق النار الحالية بأنها «عملية أوسلو للإبادة الجماعية... تمامًا كما كانت أوسلو بمثابة ورقة التوت الأساسية التى مكّنت إسرائيل من تكثيف التوسع الاستيطانى وسياسات الضم، بينما كانت واشنطن تدير التدخل لصالح إسرائيل مع عملية السلام التى تهدف إلى عدم التوصل إلى أى نتيجة».