تواترت أنباء على مدار الأيام الماضية، حول قيام الرئيس الأمريكي جو بايدن ب"فتح الشفرة النووية"، وسط التصعيد المتبادل بين روسيا والصين من جهة، وأوكرانيا والناتو من جهة أخرى. ويُعد الإعلان عن فتح هذه الشغرات خطوة متقدمة ضمن نظام استخدام الأسلحة النووية في الولاياتالمتحدة، وهو الأمر الذي أثار قلقاً متنامياً حول العالم. ووسط هذا القلق المتنامي، فإن الفرصة سانحة من أجل تسليط الضوء على النظام النووي الأميركي من مختلف الجوانب. أولاً: الحقيبة النووية: تعرف أيضاً ب "كرة القدم النووية"، وهي حقيبة تحتوي على أدوات الاتصال و أكواد الإطلاق الضرورية للرئيس لاتخاذ قرار بشأن استخدام الأسلحة النووية في حالات الطوارئ. هذه الحقيبة ترافق الرئيس الأمريكي في كل مكان، ويحملها ضابط عسكري بشكل دائم. اقرأ ايضا| كوريا الشمالية تندد بخطة استراتيجية نووية أمريكية جديدة ثانيا: نظام التحكم والإطلاق: النظام النووي الأمريكي يعتمد على سلسلة من الخطوات والإجراءات التي تضمن السيطرة المحكمة على الأسلحة النووية. لا يمكن إطلاق أي سلاح نووي دون أمر مباشر من الرئيس، وحتى بعد ذلك، يجب على العسكريين تنفيذ سلسلة من التحقق الثنائي، أي أن أفراداً آخرين في التسلسل القيادي يجب أن يؤكدوا الأمر. ثالثاً: إجراءات السلامة والتأكد: لتجنب الأخطاء أو الاستخدام غير المصرح به، تُستخدم عدة إجراءات أمان، بما في ذلك الرموز المزدوجة والتحقق من الهوية باستخدام شفرات سرية يعرفها الرئيس وفريقه المقرب فقط. هذه الشفرات تكون مشفرة بشكل عميق وتخضع لحماية صارمة. رابعاً: التاريخ والمعايير القانونية: منذ الحرب الباردة، أصبحت الأسلحة النووية موضوعاً حساساً يخضع لمعايير قانونية ودولية صارمة. الولاياتالمتحدة والعديد من الدول الأخرى وقعت على معاهدات تحد من استخدام الأسلحة النووية، مثل معاهدة حظر الانتشار النووي. خامساً: سياق الاستخدام: استخدام الأسلحة النووية يعتبر الملاذ الأخير، وغالباً ما يرتبط بظروف قصوى مثل هجوم نووي على الولاياتالمتحدة أو حلفائها. قرار إطلاق الأسلحة النووية يعتبر من أخطر القرارات التي يمكن أن يتخذها الرئيس، لأنه يحمل عواقب هائلة على الصعيد العالمي. الأطر الدستورية والقانونية: يخضع النظام النووي الأمريكي لعدة بنود وأطر قانونية وتنظيمية تهدف إلى تنظيم كيفية استخدام الأسلحة النووية والتحكم فيها. هذه البنود تشمل السلطات الدستورية، القوانين الفيدرالية، الأوامر التنفيذية، والمعاهدات الدولية. فيما يلي بعض البنود الرئيسية المتعلقة بالنظام النووي الأمريكي: أولاً: الدستور الأمريكي: - بموجب المادة الثانية، فإن الرئيس الأمريكي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ما يمنحه السلطة الحصرية لاتخاذ القرارات المتعلقة باستخدام الأسلحة النووية. وبينما يمنح الدستور الكونغرس سلطة إعلان الحرب، لكنه لا يمتلك سلطة مباشرة للتحكم في الأسلحة النووية أو كيفية استخدامها دون تشريع جديد. - التعديل ال 25 للدستور: يسمح هذا التعديل بعزل الرئيس مؤقتًا إذا كان غير قادر على أداء واجباته، بما في ذلك سلطته على الأسلحة النووية، ونقل السلطة إلى نائب الرئيس. قد يتم تفعيل هذا التعديل إذا اعتبر نائب الرئيس وأغلبية أعضاء الحكومة أن الرئيس غير قادر على أداء واجباته بشكل صحيح. ثانياً: قوانين وسياسات التحكم - ينظم قانون الطاقة الذرية لعام 1946 و1954 تطوير الأسلحة النووية، واستخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية. كما يحدد كيفية إدارة الأسلحة النووية في الولاياتالمتحدة ويضع الأسس للرقابة على نقل المواد النووية. - ينظم قانون مراقبة الأسلحة النووية، كيفية تصنيع وتخزين واستخدام الأسلحة النووية، ويتطلب موافقة الكونغرس على بعض الأنشطة المتعلقة بالأسلحة النووية. ثالثا: سياسات الردع النووي - تتبع الولاياتالمتحدة سياسة "الردع" النووي، التي تقوم على امتلاك قدرات نووية قوية بما يكفي لردع أي عدو محتمل عن استخدام الأسلحة النووية ضدها. - أحد المبادئ الأساسية للردع النووي الأمريكي، يتمثل في القدرة على توجيه ضربة نووية مضادة حتى بعد هجوم نووي أولي، ما يجعل العدو يتردد في شن هجوم نووي، وهو ما يعرف ب " الضربة الثانية". رابعاً: الأوامر التنفيذية والتوجيهات الرئاسية - يحدد الأمر التنفيذي 13526 كيفية تصنيف وحماية المعلومات المتعلقة بالأمن القومي، بما في ذلك الأسلحة النووية. كما تشمل توجيهات الأمن القومي الرئاسية السياسات العامة المتعلقة باستخدام الأسلحة النووية، بما في ذلك الشروط التي يجب أن تتحقق قبل اتخاذ قرار باستخدامها. خامساً: إجراءات إطلاق الأسلحة النووية - الرئيس هو الوحيد الذي يمتلك سلطة إصدار أمر باستخدام الأسلحة النووية من خلال استخدام الرموز النووية المعروفة باسم "البسكويت النووي" و"الحقيبة النووية" التي ترافقه دائمًا. - يمنع أي شخص، بما في ذلك الرئيس، من إصدار أمر بإطلاق الأسلحة النووية دون إشراك شخص آخر من القيادة العسكرية العليا في تنفيذ الأمر. سادساً: المعاهدات الدولية - تنص معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية على التزام الولاياتالمتحدة بمنع انتشار الأسلحة النووية والعمل على نزع السلاح النووي. - تهدف معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية، إلى تقليص عدد الأسلحة النووية الاستراتيجية لدى الولاياتالمتحدةوروسيا. - رغم أن واشنطن لم تصادق على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، لكنها تلتزم إلى حد كبير بعدم إجراء تجارب نووية. سابعاً: الوكالات الحكومية المسؤولة - البنتاغون:مسؤول عن إدارة الترسانة النووية العسكرية للولايات المتحدة، بما في ذلك القوات الجوية والبحرية التي تدير أنظمة الإطلاق النووي. - القيادة الاستراتيجية الأمريكية: مسؤولة عن القيادة والسيطرة على الأسلحة النووية وعمليات الردع الاستراتيجي. - وزارة الطاقة: من خلال الإدارة الوطنية للأمن النووي تدير وزارة الطاقة تطوير وصيانة الأسلحة النووية، وتضمن أمانها واستدامتها. - وكالة الأمن القومي: تشارك في مراقبة الاتصالات الحساسة وضمان الأمن السيبراني للبنية التحتية النووية. ثامناً: بروتوكولات استخدام الأسلحة النووية - الخط الأحمر: وهو نظام اتصال مباشر بين الرئيس الأمريكي ونظرائه في الدول النووية الأخرى مثل روسيا والصين لتجنب التصعيد النووي. - خطة العمليات النووية الموحدة: هي مجموعة من الخطط العسكرية التي تحدد كيفية استخدام الأسلحة النووية في مختلف السيناريوهات الاستراتيجية. تاسعاً: الضوابط الداخلية - نظام المراجعة المزدوجة:يفرض هذا النظام التحقق من الأوامر الصادرة عن الرئيس من قبل قادة عسكريين آخرين لضمان أنها قانونية. - المشاورات مع قادة الأمن القومي:قبل اتخاذ أي قرار باستخدام الأسلحة النووية، يتم عادةً إجراء مشاورات مع كبار مستشاري الأمن القومي، بما في ذلك وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان المشتركة. حالة الطوارئ الأمريكية حينما يتم الحديث عن السلاح النووي الأمريكي، لابد من التطرق إلى عدد من المصطلحات المرتبطة بذلك، من بينها حالة الطوارئ النووية، حيث تشير إلى أي وضع أو حادث يتطلب استجابة عاجلة تتعلق بالأسلحة النووية أو المنشآت النووية أو المواد النووية، وهناك 3 حالات لهذه الطوارئ: أولاً: تتعلق بالأسلحة النووية - تشمل هذه الحالة احتمال استخدام الأسلحة النووية ضد الولاياتالمتحدة أو أحد حلفائها. في مثل هذه الظروف، قد يتم تفعيل الإجراءات التي تسمح للرئيس بإصدار أوامر باستخدام الأسلحة النووية للرد على التهديد. - تتعلق هذه الحالات بحوادث غير مقصودة بالأسلحة النووية، مثل إطلاق صاروخ نووي عن طريق الخطأ أو تسرب مواد مشعة من أحد الرؤوس الحربية. في مثل هذه الحالات، يتم تفعيل بروتوكولات الأمان لمنع تفاقم الكارثة. ثانياً: الطوارئ النووية المدنية - وقوع حوادث في المفاعلات النووية، مثل تلك التي حدثت في تشيرنوبيل في الاتحاد السوفيتي 1986 أو حادثة محطة الطاقة النووية "ثري مايل آيلاند" في بنسلفانيا عام 1979. هذه الحوادث تتطلب تفعيل استجابات سريعة لإجلاء السكان والسيطرة على التسرب الإشعاعي. - تسرب أو فقدان مواد نووية: يمكن أن يحدث تسرب إشعاعي أو فقدان مواد مشعة من منشآت أو مختبرات نووية، مما يستدعي إجراءات فورية للحد من المخاطر وحماية السكان والبيئة. ثالثا: الطوارئ الأمنية النووية الهجمات الإرهابية: تشير إلى أي هجوم على منشآت نووية أو محاولات للاستيلاء على مواد نووية من قبل جماعات إرهابية. مثل هذه الحوادث تتطلب استجابة عسكرية وأمنية فورية لمنع الوصول إلى المواد النووية واستخدامها في هجمات قذرة أو قنابل نووية بدائية. - في السنوات الأخيرة زادت القرصنة السيبرانية زادت الهجمات الإلكترونية التي تستهدف المنشآت النووية أو أنظمة التحكم في الأسلحة النووية. في حالة حدوث اختراق سيبراني يؤثر على الأنظمة النووية، يتم التعامل مع ذلك كحالة طوارئ وطنية. إدارة حالة الطوارئ النووية إدارة الطوارئ النووية في الولاياتالمتحدة تتطلب تفعيل مجموعة من الجهات الحكومية، بما في ذلك:القيادة الاستراتيجية الأمريكية، وهي المسؤولة عن التحكم في الأسلحة النووية وتنسيق الردود العسكرية. بجانب ذلك هناك وكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية، التي تدير استجابات الطوارئ المدنية، بما في ذلك الإجلاء، وتنسيق المساعدات عند وقوع حادث نووي مدني. وزارة الطاقة باعتبارها مسؤولة عن إدارة المنشآت النووية المدنية وضمان سلامتها. كما أن لديها فرق استجابة للطوارئ المتخصصة في التعامل مع المواد النووية. وزارة الأمن الداخلي التي تتولى حماية المنشآت النووية في البلاد وتنسيق الجهود بين الجهات الفيدرالية والمحلية. بالإضافة إلى وزارة الدفاع التي تشارك بشكل مباشر في حالة الطوارئ المتعلقة بالأسلحة النووية، بما في ذلك الدفاع ضد الهجمات النووية وإدارة الردع النووي.