وسط قلق من اتساع رقعة الصراع فى الشرق الأوسط لتشمل إيران، حيث تترقب إسرائيل المدعومة من واشنطن بشكل كبير، رداً من إيران بسبب اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحركة حماس فى طهران 31 يوليو الماضي. لهذا كثفت دول غربية مثل ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، دعواتها إلى إيران لعدم توجيه ضربة لإسرائيل، فيما تؤكد طهران أنها تملك حق الرد وأنه سيكون حتمياً ولا رجعة عنه. أثارت احتمالات اندلاع حرب بالمنطقة مخاوف من تعرض الشحن عبر مضيق هرمز للخطر، فنادراً ما يكون هذا الممر المائى الضيق عند مصب الخليج العربى بعيدًا عن بؤرة التوترات العالمية. اقرأ أيضًا | الشرق الأوسط بين «التصعيد المنضبط» و«الصفقة المعلقة» ..استعراض أمريكى للقوة وحشد عسكرى غير مسبوق فهو طريق شحن رئيسى يتعامل مع ما يقرب من 30٪ من تجارة النفط العالمية، ما يجعله محل مراقبة دائمة تحسباً لأى اضطراب، فهو يشكل أهمية استراتيجية بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي، وقد ظل عبر التاريخ محط صراعات دولية، ويشكل نقطة محورية للتوترات الدولية بين طهران والغرب، وأصبح موضوع رهان إستراتيجى بين الدول الكبرى، وفى قلب التوترات والأزمات يظهر ورقة مهمة فى لعبة المناورات السياسية والنفطية والإستراتيجية. وقد دخل دائرة القلق مجدداً مع تصاعد التوترات الجيوسياسية الناتجة من استمرار العدوان الإسرائيلى على الفلسطينيين فى غزة. استهدفت إيران مراراً وتكراراً السفن التجارية التى تمر عبر مضيق هرمز على مر السنين وهددت بمنع العبور فى السنوات الماضية. هذه المرة لم تهدد طهران بشكل خاص حركة المرور عبر مضيق هرمز، لكنها تدعم بقوة الحوثيين فى اليمن الذين يهاجمون السفن بالقرب من المدخل الجنوبى للبحر الأحمر، مما يشير إلى أن إيران مستعدة لعرقلة الشحن العالمى إذا ما تم استهدافها من قبل إسرائيل أو الأمريكيين الذين حركوا حاملات الطائرات لحماية تل أبيب أو مهاجمة طهران. .فقد استهدفت عدة هجمات سفينتين تجاريّتين فى البحر الأحمر على بُعد 63 ميلاً بحرياً جنوب غربى سواحل الحُديدة فى اليمن، الخاضعة لسيطرة الحوثيين. وتؤثر الهجمات الحوثية فى البحر الأحمر تأثيرات كبيرة على حركة الشحن فى المنطقة، ما دفع واشنطن ولندن إلى إنشاء تحالف بحرى دولى باسم «تحالف الازدهار» لحماية الملاحة البحرية.. ومنذ يومين، كشف موقع «ذا ماريتايم إكزكيوتيف» (the maritime executive) المتخصص فى اللوجيستيات البحرية، عن استمرار جماعة الحوثيين، منذ الخريف الماضي، فى بناء سلاسل إمداد جديدة تدعم عملياتهم البحرية فى البحر الأحمر، رغم محاولات القوات الأمريكية وحلفائها تقييد هذه العمليات، وصولاً إلى اعتمادهم على مصادر أخرى، إلى جانب الدعم الإيراني. وتوجِّه القوات الأمريكية والبريطانية ضربات على مواقع تابعة للحوثيين فى اليمن منذ 12 يناير، وتستهدف مواقع عسكرية ومنصات إطلاق الصواريخ والطائرات المُسيَّرة، فى مدن ومناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين. وتوجد حالياً حاملة الطائرات «يو إس إس ثيودور روزفلت» قبالة سواحل اليمن، بينما انطلقت «يو إس إس أبراهام لينكولن» من جوام للانضمام إلى القوات الإقليمية، كما وصلت السفينة الهجومية «يو إس إس واسب» إلى ميناء ليماسول فى قبرص، استعداداً لاحتمالات الإجلاء فى حالة حدوث أزمة كبيرة.. وقد رصدت التقارير الدولية حالة من التنوع فى طرق الهجمات الحوثية المتبعة ضد السفن على مدار الأشهر الماضية، فهناك هجمات تمت باستخدام قراصنة ومجموعات قتالية تعتلى القوارب السريعة، فيما كانت هناك هجمات باستخدام الصواريخ المضادة للسفن والمسيرات الموجهة، وكانت هناك أيضًا هجمات ذات طابع مزدوج مكون من استخدام للصواريخ والمسيرات فى هجوم واحد، أو استخدام للصواريخ والقراصنة فى هجوم واحد. وتعد الصواريخ البحرية الموجهة والبالستية أكثر أنواع الأسلحة استخدامًا فى الهجمات المسجلة ضد السفن، ويعتبر نشاط القراصنة والمجموعات القتالية من أقل الأدوات المستخدمة ضد السفن التجارية. ومن شأن دخول إيران على خط الصراع فى الشرق الأوسط، من خلال ضربها أهدافاً إسرائيلية أو رد الأمريكيين عليها، أن يهدد الشحنات النفطية لها ولجيرانها، وسيهدد مسارات الخام المنقول بحراً من المنطقة لدول العالم المختلفة. وهى خطوة من شأنها أن تقفز بأسعار النفط. ويربط مضيق هرمز الواقع بين عمانوإيران، الخليج العربى بخليج عمان وبحر العرب، ويعد أهم ممر للنفط فى العالم لأن كميات كبيرة من النفط تتدفق عبر المضيق. كما يعتبر ورقة ضغط إيرانية تلوح بها عند نشوب أى توترات مع الغرب، بصفته ممراً رئيساً لحركة معظم النفط المنتج فى دول الخليج العربى والعراق. وتقود فرضية عدم قدرة النفط على عبور ممر رئيسى مثل مضيق هرمز جراء أى عراقيل جيوسياسية أو لوجستية، ولو مؤقتاً، إلى تأخيرات كبيرة فى الإمدادات وزيادة تكاليف الشحن، ما يؤدى إلى زيادة أسعار الطاقة العالمية. يعد مضيق هرمز ضروريا لتجارة النفط العالمية. حيث تشحن الناقلات ما يقرب من 15.5 مليون برميل يومياً من الخام من المملكة العربية السعودية والعراق والكويت والإمارات العربية المتحدةوإيران عبر المضيق فى الربع الأول من عام 2024، وفقاً للبيانات التى جمعتها وكالة بلومبيرج الأمريكية. كما يعد المضيق أيضاً أمراً بالغ الأهمية للغاز الطبيعى المسال، حيث يمر أكثر من خُمس إمدادات العالم - معظمها من قطر خلال نفس الفترة من هناك. لم تقم إيران حتى الآن بإغلاق مضيق هرمز، ويشكك تجار النفط فى أن إيران قد تغلق المضيق بالكامل، لأن ذلك سيمنعها من تصدير نفطها أيضاً. بالإضافة إلى ذلك، فإن البحرية الإيرانية لا تقارن بأسطول البحرية الأمريكية الخامس والقوات الأخرى فى المنطقة. ومنذ أواخر سنة 2023، تحوّل الكثير من التركيز على حماية الشحن بعيدًا عن مضيق هرمز نحو البحر الأحمرالجنوبى ومضيق باب المندب الذى يربط البحر الأحمر بخليج عدن والمحيط الهندي. وقد أصبحت الهجمات التى يشنها الحوثيون فى اليمن على السفن التى تدخل أو تخرج من البحر الأحمر مصدر قلق أكبر من مضيق هرمز.