فى وقت تسعى فيه الدولة إلى إعادة تشغيل المصانع المتعثرة، فإنه فى المقابل هناك مصانع نشطة للغاية، يجب العمل ليس فقط على إغلاقها، ولكن مساءلة كل من تسول له نفسه التعامل معها، وهى ما يسميه مجتمع البحث العلمى ب»مصانع الأوراق البحثية». وتلك المصانع، هى مكاتب مشبوهة تبيع الأوراق البحثية والبيانات والصور المزيفة للباحثين ويضمنون النشر فى المجلات ذات السمعة الطيبة. وقبل نحو أسبوعين كتبت فى هذا المكان عن تلك المشكلة، والتى أصبحت عالمية، وتهدد بتقويض ثقة المجتمع فى البحث العلمي، ونقلت شكوى بعض محررى المجلات العلمية فى أحد المؤتمرات الدولية من وجود صعوبة فى اكتشاف الأوراق البحثية المنتجة بواسطة تلك المصانع. ولم يمر وقت طويل، حتى وجدت نقاشًا علميًا على صفحة أحد الباحثين، يشير فيه أحد الخبراء فى مجال النشر العلمى، إلى طريقة يمكن من خلالها تتبع هذه المنتجات الرديئة، واكتشاف صاحبها. ويقول الخبير واسمه د.محمد شعبان، الأستاذ بجامعة مالايا بماليزيا، إن تتبع مسار النشر البحثى، قد يكون طريقًا سهلًا لاكتشاف منتجات مصانع الأوراق البحثية، مشيرًا فى هذا الإطار، إلى أنه عندما تتبع النشر البحثى لأستاذة فى كلية الهندسة بجامعة الفيوم، وجد أنها فى فترة الماچستير أثناء عملها كمعيدة من 2011 إلى 2014، لم تنشر شيئًا، ثم نشرت بحثًا واحدًا فى 2015، وآخر فى 2016، وثالث فى 2017، ثم بحثين فى 2018، وكلها فى مجال واحد ومحدد. ويضيف أن «بداية الانطلاقة الحقيقية لهذه الأستاذة كانت فى 2019 ، عندما نشرت 9 أبحاث فى دوريات علمية ذات معامل تأثير، حتى وصل عدد الأبحاث المنشورة حتى الآن إلى 40 بحثًا، لم يكن ما ذكره شعبان بحاجة إلى تعليق، فبينما يعانى الباحثون فى مصر أشد المعاناة لمدة قد تصل لثلاث سنوات لإتمام بحث واحد، فليس من المنطقى حدوث هذا التحول المفاجئ والسريع فى مسار النشر البحثى لتلك الباحثة، فعادم مصانع الأوراق البحثية يفوح من تلك الأوراق البحثية. وليس أقل من أن تتم المراجعة الدقيقة لمثل هذه الحالات، لأن خطورة ما يفعلونه أنهم يقوضون ثقة المجتمع فى البحث العلمى، ويدمرون أى مسعى لتحقيق تقدم حقيقى.