مر أكثر من 9 أشهر على الحرب الإسرائيلية التى شنتها على قطاع غزة، فترة يمكن من خلالها تقدير الموقف الإسرائيلى من عدة جوانب بصورة كاملة. فإسرائيل التى فشلت فى التنبؤ بهجوم يوم السابع من أكتوبر بالرغم من المعلومات الاستخباراتية التى تم الإفراج عنها والتى تقول إن أجهزة الأمن الإسرائيلية كانت على علم مسبق بمثل هذا المخطط بالمواعيد والشكل التقريبى للحدث. فكيف لثلاث أجهزة أمنية؛ وهى الشاباك والموساد وأمان أن يفشلا جميعاً فى التنبؤ بهذه الهجمات رغم ادعائها طوال الوقت بأنها الأجهزة الأقوى فى العالم. إسرائيل لم تفشل بالتنبؤ بحرب من دولة ما ولا اعتداء خارجى يبعد عنها آلاف الكيلومترات، ولكن فشلت فى التبؤ بهجوم ميليشيا محدودة العدد ضعيفة التسليح معدومة التكنولوجيا تعتبر داخل إسرائيل نفسها، وقد خصصت لهم إسرائيل وحدات استخباراتية وعملياتية كاملة لإحباط مثل هذه المخططات. مليارات الدولارات التى رصدت لهذه الأجهزة الأمنية، وأحدث التكنولوجيا فى العالم، ودعم استخباراتى أمريكى، وآلاف عناصر الاستخبارات والأمن والعملاء المخصصين لمراقبة قطاع غزة ونشاط حركة حماس فى الضفة... أين ذهبت كل هذه الإمكانيات؟! هذه واحدة.... أما الفشل الثانى فكان عسكريًا حينما قررت إسرائيل أن تدفع بأربع فرق كاملة داخل القطاع، هجمت عليه براً وبحراً وجواً، أرسلت نخبة قواتها من لواءات الوحدات الخاصة الإسرائيلية، أحدث وأقوى طائرات العالم، أشد الصواريخ والقنابل فتكًا، أقمار صناعية كاملة سلطت جميعها على القطاع، طائرات استطلاع وتجسس أمريكية وبريطانية، دعم لا محدود من الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الأوروبية من حيث التسليح، دبابات ومدافع ومدرعات وجنود جولانى وجفعاتى والمظليين والمستعربين. والهدف؟ ..الهدف تمثل فى ثلاثة أشياء مازال نتنياهو يتحدث بهم ليلاً نهاراً وهو استعادة الرهائن، تدمير حماس، ضمان عدم تكرار هذه الهجمات مرة أخرى. والنتيجة؟ .. النتيجة كانت هى الفشل بعينه.. لم تستطيع إسرائيل بكل ما حشدت من جيوشها وقوتها إلا أن تستعيد أربعة رهائن، ولم تستطيع أن تدمر حماس التى عادت للشمال ثلاث مرات متتالية ومازالت تشن هجمات على الجيش الإسرائيلى وكأننا فى بداية الحرب، ولم تستطع إسرائيل أن تضمن ولو حلماً يقول إن مثل هذه الهجمات لن تتكرر. فإن لم يكن هذا فشلاً فكيف يكون الفشل إذاً؟!.. أما الثالثة وهى سياسيًا.. فشلت إسرائيل سياسيًا فى الداخل فى توحيد الصف الإسرائيلى بشكل فاضح، فانقسم المجتمع الإسرائيلى بشكل غير مسبوق ورأينا وسمعنا فضائح النظام من المعارضة والعكس صحيح، لم تتوقف المظاهرات والدعوات التى تطالب الحكومة بالرحيل بسبب فشلها فى كل الملفات، مشاكل لا تنتهى اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً ولا يظهر لها أى أفق للحل ولا لتوحد المجتمع الإسرائيلى الذى أصبح هشاً بشكل لم يحدث من قبل.. أما سياسيًا فى الخارج فحدّث ولا حرج... فقدت إسرائيل سمعتها السيئة أصلاً من أغلب دول العالم، فضائح أخلاقية وجرائم حرب جعلت الدول توجه سهامها نحو إسرائيل بوصفها دولة الجريمة والقتل والإبادة والتجويع. حتى حلفاء إسرائيل سئموا منها واعتبروها حملًا ثقيلًا وعبئًا يجب التخلص منه اليوم قبل الغد وفرض البعض عقوبات عليها. ودوليًا فمجلس الأمن والأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية قد وصفوا إسرائيل جميعهم فى ساحتهم بأنها دولة القتل والإبادة والإرهاب. أليس فى إسرائيل رجل رشيد؟! رجل يُدرك أن إسرائيل قد هزمتها ميليشيا محلية على كافة المستويات؟! وفى النهاية أتساءل بتعجب... هل بعد كل هذا الفشل تحاول هذه الحكومة الإسرائيلية الفاشلة الاحتكاك بمصر ومحاولة استفزازها؟؟؟ هل لإسرائيل التى هزمتها حماس طاقة بالجيش المصرى والدولة المصرية والشعب المصرى!!! لعل رجلًا رشيدًا فى إسرائيل يُدرك هذا الأمر ويقول لهم جملة واحدة (توقفوا الآن).