شهدت الفترة الأخيرة اختفاءً ملحوظًا للجماعات التكفيرية المسلحة مثل القاعدة، وداعش، والنصرة، وجند الإسلام، وغيرها من الساحة الإقليمية. هذا الاختفاء المفاجئ أثار تساؤلات عديدة حول الأسباب الحقيقية وراء تراجع نشاط هذه الجماعات التي لطالما أرعبت المنطقة وأثرت بشكل كبير على استقرار مناطق عديدة منها ليبيا، السودان، جنوب السودان، وغزة. على مدار السنوات الماضية، عانت هذه المناطق من تواجد هذه الجماعات التي نفذت العديد من العمليات الإرهابية، مستهدفة المدنيين والعسكريين على حد سواء. وقد أثرت هذه العمليات على الحياة اليومية للسكان وأدت إلى تراجع السياحة والاستثمارات في بعض هذه المناطق. ومع ذلك، فإن التراجع الملحوظ لنشاط هذه الجماعات يفتح الباب أمام تحليل عميق للأسباب الكامنة وراء هذا التغير. من الممكن تفسير هذا الاختفاء المفاجئ بأن هذه الجماعات كانت تُستخدم كأدوات لتحقيق أهداف سياسية واستراتيجية معينة. فعلى مر التاريخ، لطالما كانت هناك اتهامات بتورط قوى خارجية في توجيه هذه الجماعات لتحقيق مصالحها في المنطقة. عندما تحققت الأهداف أو تغيرت المعطيات، لم تعد هناك حاجة لاستخدام هذه الجماعات، وبالتالي اختفت من المشهد. إحدى النقاط المهمة في هذا السياق هي دور السياسات الدولية في استغلال الجماعات المسلحة. تستخدم القوى الكبرى هذه الجماعات كوسائل لتحقيق أهدافها الجيوسياسية، وعندما لا تعود هناك حاجة لها، يتم التخلص منها بسهولة. هذا يضعنا أمام مسؤولية كبيرة لفهم هذه الديناميكيات والعمل على التصدي لأي محاولات لاستغلال بلادنا وأمننا. في هذا السياق، يجب أن ندرك أن هناك دائمًا دورًا خفيًا ومؤامرات تُحاك من وراء الكواليس. استخدام الجماعات المسلحة كأدوات لتحقيق مصالح القوى الكبرى ليس بجديد في التاريخ، ولكن الأهم هو أن نكون على وعي بهذا الأمر وأن نتعاون جميعًا للتصدي لأي محاولات لاستغلال بلادنا وأمننا. يجب أن تكون السياسات الدولية التي تستغل الجماعات المسلحة لأغراض خاصة محل نقد ومراجعة. لا يمكن السماح لهذه القوى بأن تعبث بأمن واستقرار الدول لتحقيق مصالحها على حساب الشعوب. يجب على المجتمع الدولي أن يتكاتف لوقف هذه الممارسات التي تؤدي في النهاية إلى المزيد من الفوضى وعدم الاستقرار. ليبيا والسودان، ومصر،والعراق كانت من بين المناطق التي عانت بشدة من تأثير هذه الجماعات المسلحة. العمليات الإرهابية المتكررة والاشتباكات مع القوات المسلحة أثرت على استقرار وأمن هذه المناطق لسنوات طويلة. ولكن مع اختفاء هذه الجماعات، بدأ يظهر بصيص من الأمل في تحقيق الأمن والاستقرار. وهذا يتطلب منا جميعًا أن نكون دائمًا على حذر ووعي بما يدور حولنا، وأن نتعاون لحماية أمننا واستقرارنا من أي تهديدات خارجية أو داخلية. في ظل هذه التحولات، يجب على الحكومة المصرية أن تتبنى استراتيجية شاملة لتعزيز الأمن والاستقرار. ويجب تعزيز التعاون الأمني بين القوات المسلحة والشرطة لتأمين الحدود ومنع تسلل العناصر الإرهابية، مع وجود تنسيق مستمر وتبادل للمعلومات بين الأجهزة الأمنية لضمان فعالية العمليات. ومن الضروري أيضًا توفير فرص عمل وتحسين البنية التحتية في المناطق الحدودية لرفع مستوى المعيشة وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، حيث تسهم التنمية الاقتصادية بشكل كبير في تجفيف منابع الإرهاب من خلال تقديم بدائل حقيقية للشباب. بالإضافة إلى ذلك، يجب تعزيز حملات التوعية المجتمعية لزيادة وعي السكان بمخاطر التطرف والإرهاب، وتشجيعهم على التعاون مع الأجهزة الأمنية، كما أن العمل على تعزيز التعاون مع الدول الصديقة والشقيقة في مجال مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات والخبرات لتعزيز الأمن الإقليمي هو أمر مهم أيضًا. وأخيرًا، يجب ضمان تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين في المناطق المتأثرة، مما يعزز ثقتهم في الدولة ويقلل من احتمالات انضمامهم إلى الجماعات المتطرفة. في ظل التحولات الراهنة، هل يتحلىصانع القرار المصري بالحذر ويتخذ التدابير اللازمة للتعامل مع أي ترتيبات محتملة من القوى الدولية؟ فمن الضروري تبني سياسة استباقية وشاملة لتعزيز الأمن والاستقرار في مصر والمناطق المحيطة، والتعاون مع الشركاء الدوليين لتعزيز تبادل المعلومات والخبرات، وضمان أن تكون مصر مستعدة لمواجهة أي تهديدات محتملة.