حين حكى والد الباحث حسين منصور قصة «جحا المنوفى.. مبيض النحاس»؛ شعر حسين أنها تشبه نص «كلاوس» الكبير، و»كلاوس» الصغير لأديب الأطفال الدنماركى «هانز كريستين أندرسون»؛ التى تروى عن «كلاوس» الكبير الذى وضع الصغير داخل جوال حتى يغرقه فى النهر، بينما تحكى قصة «جحا المنوفى» عن أن أهل القرية وضعوه فى جوال، ثم ألقوا به فى البحر. فسأل منصور والده، هل زار «أندرسن» المنوفية، وسمع حكاية جحا! كان ذلك أثناء تحضيره لكتاب «حكايات شعبية فى محافظة المنوفية» الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. استطاع منصور أن يجمع 33 حكاية شفاهية من أهالى محافظة المنوفية: والده منصور السخاوى مواليد عام 1924، فلاحين، ربات البيوت، معلمين، موظفين، وأطفال لم يتجاوزا سن العاشرة؛ هم: منى أيمن، وبسملة محمد رخا ومنة أسامة. حكوا عن البنات التى خرجت من حبات الليمون، والفتاة الحبيسة فى بيت الغول، وعقلة الإصبع يساعد والده، رجل تحول ذراعه إلى شجرة تطرح جواهر، ماذا يحدث حين يرى الإنسان كلب أسود، امرأة نوبية تزور زوجها الذى يعيش داخل بحر المنوفية، فتاة تتنكر على شكل ولد، ترتدى ملابس خشب، كيف حول الشاطر حسن وردة بيضاء إلى وردة حمراء، الدجاجة التى تبيض بيضة ذهب، ولماذا يركض جحا وراء كلب أعور، وما سر طرطوره، كيف حكى المنايفة قصة الزير سالم. يرى «حسين» أن الحكايات الشعبية جزء مهم فى ثقافتنا التى أنتجها الآباء والأجداد، نستطيع أن نستنطق البيئة الخرساء، فإن البيئة قد تكون خرساء، ولكنها تنطق بالإنسان. وكما نمتلك تراثا حكائيا هائلا من الحواديت والأساطير، نملك ثروة ورافدا وجدانيا لا يمكن إغفاله أو التنازل عنه، بإهماله نفقد أهم لبنة فى بناء تطورنا، هذا التراث يمثل قوة الدقع؛ نستطيع مسايرة شعوب العالم حضاريا إذا بنينا عليه، ارتفع بنا إلى قمة الحضارة.. ويضيف «حسين» أن الحكاية الشعبية تعبر عن وجدان الجماعة وثقافتها، نجد الحكمة، الدين، وصايا الخير والحث عليه، تبغيض الشر، والنهى عنه، مفهوم الشعب عن الحق والباطل، ونجد فى نهاية كل «حدوتة» تنتهى موقفا أخلاقيا تدعمه الجماعة، تتبناه بغرض بثه فى الأجيال التالية، وهى بذلك تعبر عن الضمير الجمعى للشعب، والحكاية الشعبية المصرية غنية أنشأها الضمير الجمعى لبث الحكمة، وهى مسلية، ظريفة غير جارحة، الجدات حين يؤلفن الحواديت فإنهن يرمين إلى تنشيط خيال الصغار والكبار. يطرح منصور سؤالًا كيف نتعامل مع الحكايات الشعبية الموروثة، أو ما الطريقة التى نحفظ بها هذا التراث من الحكايات؟