لماذا لم تبذل الأممالمتحدة مزيدا من الجهد لإنهاء العنف فى غزة؟ أو لوضع حد للصراعات فى سوريا والعراق وجمهورية إفريقيا الوسطى وجنوب السودان وليبيا وأفغانستان وأوكرانيا؟ هذه هى الأسئلة التى يجد مسئولو الأممالمتحدة أنفسهم مضطرين للإجابة عليها. ليس هناك بالتأكيد تقصير فى الجهود الدبلوماسية، لكن يبدو أن الرحلات المكوكية ودبلوماسية المكالمات الهاتفية السريعة للأمين العام للأمم المتحدة، لم تثمر عن نتائج ملموسة حتى الآن. وأصبحت المنظمة غير فعالة. وباتت التصريحات شبه اليومية بشأن غزة مثل الضوضاء الغامضة التى لا يستمع إليها الناس بأى اهتمام. فالأممالمتحدة عبارة عن كتلة من الأجزاء وعندما تعمل هذه الأجزاء ضد بعضها البعض فإن النتيجة الحتمية ستكون الجمود والعجز. لكن مرة أخرى، إنه خطأ الدول وليس الأممالمتحدة. فى الصراع الحالى الذى يدور فى غزة، تؤوى الأممالمتحدة أكثر من 180 ألف شخص فى مدارسها، فردود الفعل الدولية على العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة قد أظهرت ازدواجية المعايير لدى دول العالم وخاصة الدول الغربية، هناك عراقيل قائمة وجمود فى تسوية الصراعات المسلحة فى البلدان العربية المأزومة، إذ لا توجد حتى الآن مؤشرات توحى بأنَّ الصراعات بهذه البلدان فى طريقها للحل أو للتسوية، مع استمرار ديناميكية الخلافات بين أطراف الصراع بهذه البلدان. اقرأ أيضا| «لازاريني»: لدى الأونروا أموال لمواصلة العمل حتى سبتمبر وكذلك الحال بالنسبة للصراع فى اليمن، إذ مازالت حالة الخلافات والاشتباكات بين قوات الشرعية المدعومة من قوات التحالف العربى والميليشيا الحوثية تخيم على المشهد اليمني، رغم توقيع «هدنة» شملت وقف الأعمال القتالية بين الطرفين برعاية الأممالمتحدة فى أبريل 2022، وتمديدها أكثر من مرة، إلا أنَّها أثبتت «هشاشتها» لعدم التزام أى من طرفى الصراع بها. وعقب إعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران فى مارس 2023، اتجهت الأنظار إلى اليمن وإلى الدور الذى يمكن أن تلعبه طهران فى التأثير على جماعة أنصار الله (الحوثيين) بالأراضى اليمنية من أجل وقف أعمالها التصعيدية والتفاوض مع الشرعية لتسوية الأزمة اليمنية التى دخلت عامها التاسع. أما الصراع السوري، فمازالت حالة الجمود السياسى بين الأطراف المتصارعة تخيم على المشهد فى البلد الذى يعانى من أزمات على الأصعدة كافة؛ السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، ورغم خفوت التصعيد المسلح بين طرفى النزاع فى سوريا إلا أنَّ الحديث عن عملية تسوية سياسية لم يأذن بعد نظرًا لكون النظام السورى يعتبر أنَّ المعارضة قوى عميلة للخارج، فى حين ترفض المعارضة أن يكون النظام جزءًا من عملية التسوية السياسية. ولاتزال تدخلات القوى الإقليمية والدولية فى الأراضى السورية مستمرة ضمن عملية «توازنات المصالح المشتركة»، خاصة فى ضوء عملية التقارب التركى السورى التى تجرى برعاية روسية، يأتى كل ذلك مع استمرار وجود قوات أمريكية فى شمال شرق سوريا، ومن المتوقع أن تعزز واشنطن من وجودها بسوريا ليس فقط لدعم حلفائها من «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، ولكن أيضًا للحفاظ على أمن الحليف الإسرائيلي.. ودون إصلاح الأممالمتحدة سيكون من الصعب تغيير حالة العالم.