في مشهد سياسي يشبه زلزالاً يهز أركان الحزب الديمقراطي الأمريكي، تتصاعد الأصوات المطالبة بانسحاب الرئيس جو بايدن من السباق الرئاسي المقبل، إذ ان هذه الدعوات، التي تأتي من شخصيات بارزة داخل الحزب وخارجه، تُشكل تحدياً غير مسبوق لرئيس في منصبه وتُثير تساؤلات عميقة حول مستقبل الديمقراطيين وفرصهم في الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة. من أروقة الكونجرس إلى استوديوهات هوليوود، ومن غرف تحرير الصحف الكبرى إلى مكاتب كبار المانحين، يبدو أن عاصفة سياسية قوية تهب على البيت الأبيض، محملة برسالة واحدة، وهي حان الوقت للتغيير. برلمانيون يرفعون راية التمرد في تطور دراماتيكي يعكس عمق الأزمة داخل الحزب الديمقراطي، انضم عشرة من أعضاء مجلس النواب الأمريكي إلى صفوف المطالبين بانسحاب بايدن من السباق الرئاسي. وكما أفادت صحيفة فورين أفيرز، فإن هؤلاء النواب يمثلون طيفاً واسعاً من التيارات داخل الحزب، من التقدميين إلى المعتدلين، مما يشير إلى أن المخاوف بشأن ترشح بايدن تتجاوز الانقسامات الأيديولوجية التقليدية. وقد عبر هؤلاء النواب عن قلقهم العميق إزاء قدرة الرئيس الديمقراطي على الفوز في مواجهة محتملة مع دونالد ترامب، خاصة بعد ما وصفوه ب"الأداء الكارثي" لبايدن في المناظرة الرئاسية أمام الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في 27 يونيو. هيلاري شولتن النائبة عن ولاية ميشيجان وكانت النائبة عن ولاية ميشيجان، هيلاري شولتن، آخر من انضم إلى هذه طليعة المتمردين، إذ دعت الرئيس صراحة إلى "تسليم الشعلة" لشخص آخر "من أجل خير ديمقراطيتنا". هذه الخطوة من قبل أعضاء في الكونجرس تعتبر غير مسبوقة في التاريخ السياسي الحديث، حيث من النادر أن يتحدى أعضاء من الحزب الحاكم رئيسهم بهذه الطريقة العلنية. مجلس الشيوخ يدق ناقوس الخطر لم تقتصر الدعوات على مجلس النواب، بل امتدت لتشمل المجلس الأعلى للكونجرس الأمريكي، إذ أصبح السيناتور عن ولاية فيرمونت، بيتر ويلش، أول عضو في مجلس الشيوخ يدعو صراحة الرئيس بايدن إلى الانسحاب من السباق الرئاسي. وفي مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست، حذر ويلش من أن استطلاعات الرأي الأخيرة تظهر تزايداً مقلقاً في الخطر السياسي على الديمقراطيين. بيتر ويلش السيناتور عن ولاية فيرمونت وأشار ويلش إلى أن الوضع بات خطيراً لدرجة أن بعض الولايات التي كانت تعتبر حتى وقت قريب معاقل تقليدية للحزب الديمقراطي، بدأت تميل نحو الجانب الجمهوري. هذا التحول في الرأي العام، وفقاً لويلش، يستدعي إجراءً حاسماً من قبل الحزب لضمان فرصه في الاحتفاظ بالبيت الأبيض. إن دخول أعضاء مجلس الشيوخ على خط المطالبة بانسحاب بايدن يضيف بُعداً جديداً للأزمة، فمجلس الشيوخ، بطبيعته المحافظة وتقاليده العريقة، عادة ما يكون أكثر حذراً في مثل هذه المواقف. لكن خروج سيناتور بارز عن هذا النمط يشير إلى عمق القلق داخل أعلى مستويات الحزب الديمقراطي. نجوم هوليوود يسطعون في سماء السياسة في تطور لافت يعكس تأثير الثقافة الشعبية على السياسة الأمريكية، انضم عدد من نجوم هوليوود البارزين إلى حملة الضغط على بايدن للانسحاب، وكان على رأس هؤلاء الممثل الشهير جورج كلوني، المعروف بدعمه الطويل للحزب الديمقراطي، إذ وجه الأخير ضربة قوية لبايدن في مقال مؤثر نشره في صحيفة نيويورك تايمز. جورج كلوني خلال لقاء مع جو بايدن وكتب كلوني: "أحب جو بايدن، أعده صديقاً، وأؤمن به... لكن المعركة الوحيدة التي لا يستطيع الانتصار فيها هي المعركة ضد الزمن". وأضاف بحزم: "لن نفوز في نوفمبر مع هذا الرئيس". هذه الكلمات من شخصية محبوبة ومؤثرة مثل كلوني لها وزنها الخاص، خاصة وأنها تأتي من داخل المعسكر الديمقراطي نفسه. ولم يكن كلوني وحيداً في موقفه، فقد حظيت دعوته بدعم من شخصيات أخرى بارزة في عالم الترفيه، إذ أيده المخرج الشهير روبرت راينر، وهو أيضاً من الديمقراطيين النافذين، حيث كتب على منصة اكس (تويتر سابقاً): "عبّر صديقي جورج كلوني بوضوح عما يقوله كثيرون منا... تواجه الديمقراطية تهديداً وجودياً. نحن بحاجة إلى شخص أصغر سناً... على جو بايدن أن يتنحى". كما انضم الممثل المخضرم مايكل دوجلاس إلى هذه الأصوات، حيث أعرب عن "قلق عميق" بشأن ترشح بايدن، رغم أنه استضاف سابقاً حملة لجمع التبرعات لصالح الرئيس في هوليوود. وفي خطوة مفاجئة، أعلن الكاتب الشهير ستيفن كينغ أيضاً دعمه لفكرة انسحاب بايدن. إن دخول نجوم هوليوود بهذه القوة على خط النقاش السياسي يضيف بُعداً جديداً للقضية، فهؤلاء النجوم لديهم تأثير كبير على الرأي العام، خاصة بين الشباب والناخبين المترددين. الإعلام ينضم إلى الحملة في تطور بالغ الأهمية، انضمت بعض أهم المؤسسات الإعلامية في الولاياتالمتحدة إلى الأصوات المطالبة بانسحاب بايدن، وكان أبرز هذه المؤسسات صحيفة نيويورك تايمز، التي تعتبر من أعرق وأكثر الصحف الأمريكية تأثيراً، إذ دعت هيئة تحرير الصحيفة، وهي مجموعة من كتاب الافتتاحيات المعروفين الذين يعكسون قيم الصحيفة، الرئيس بايدن مرتين إلى الانسحاب من السباق الرئاسي. هذه الخطوة من قبل نيويورك تايمز تعتبر ذات أهمية استثنائية، فالصحيفة، المعروفة بميولها الليبرالية وتأييدها التقليدي للحزب الديمقراطي، نادراً ما تتخذ موقفاً معارضاً بهذه الحدة ضد رئيس ديمقراطي. إن انضمام مؤسسة إعلامية بحجم وتأثير نيويورك تايمز إلى هذه الحملة يضفي عليها مصداقية إضافية ويضمن استمرار النقاش حول مستقبل بايدن في صدارة الأجندة الإعلامية والسياسية في الأسابيع والأشهر القادمة. المانحون يهددون بإغلاق محافظهم في تطور يضيف بُعداً اقتصادياً للأزمة السياسية، أعلن عدد من كبار المانحين للحزب الديمقراطي عن نيتهم تعليق تبرعاتهم طالما بقي بايدن في السباق الرئاسي. وكان من أبرز هؤلاء أبيجيل ديزني، المنتجة والوريثة المعروفة لإمبراطورية ديزني، التي أعلنت صراحة عن نيتها وقف الدعم المالي للحزب ما لم ينسحب بايدن من الانتخابات الأمريكية. أبيجيل ديزني المنتجة والوريثة المعروفة لإمبراطورية ديزني لكن الموقف الأكثر لفتاً للأنظار جاء من ريد هاستينجز، أحد أكبر المانحين للحزب الديمقراطي والمؤسس المشارك لشركة نتفليكس العملاقة، الذي دعا بايدن صراحة إلى الانسحاب من السباق "لإفساح المجال أمام زعيم ديمقراطي لهزم ترامب". هذا الموقف من شخصية بوزن هاستينجز في عالم الأعمال والسياسة يضع ضغطاً إضافياً على بايدن والقيادة الديمقراطية.