الدكتور محسن صالح عميدا لكلية الآثار لمدة ثلاث سنوات    وكيل الأزهر: القضية الفلسطينية يجب أن تشغل موقعًا مهمًا في نفوس الشباب    مواعيد امتحانات الفصل الدراسي الثاني للمرحلة الإبتدائية بكفر الشيخ    مجلس مدينة الحسنة يواصل إزالة الآثار الناجمة عن السيول بوسط سيناء    مكافحة العدوى الطفيلية ب«طب القصر العيني»    محافظ قنا يضع حجر الأساس لمحطة مياه الكلاحين بقفط    تطوير منطقة الكيت كات أبرزها.. تفاصيل لقاء محافظ الجيزة رئيسَ "التنمية الحضرية"    السيسي يؤكد ضرورة التركيز على زيادة احتياطي النقد الأجنبي وخفض مديونية الموازنة    «فتحي»: «السياحة» تواكب التطورات التكنولوجية في المواقع الأثرية والترويج للمنتجات    عاجل- الرئيس السيسي يجتمع مع رئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزي ووزير المالية    وزير الخارجية: كل ما يتردد عن توسيع العدوان الإسرائيلي على غزة مرفوض تماماً    الرئيس اللبناني يتسلم دعوة من نظيره الفرنسي للمشاركة في قمة نيس    القوات الروسية تستهدف نقطة تمركز مؤقتة للجيش الأوكراني بصواريخ موجهة    نتنياهو: تابعت الهجوم على الحوثيين من مقر سلاح الجو وسنواصل العمل ضدهم    باكستان: استخدام الهند اتفاقية نهر السند كورقة ضغط غير مقبول    اتصال هاتفى لوزير الخارجية والهجرة مع المفوض الأوروبي للاقتصاد    الزمالك يستقر على توجيه الشكر ل عبدالواحد السيد مدير الكرة    الزمالك: نعمل على سداد مستحقات بوطيب وباتشيكو لحل أزمة القيد    في ذكرى وفاته ال23.. المايسترو صالح سليم حاضر في قلوب الأهلاوية وإرثه يلهم الأجيال    الأرصاد تكشف موعد ذروة ارتفاع درجات الحرارة    ضبط 12 طن مصنعات وأجزاء دواجن منتهية الصلاحية يتم إعادة تدويرها بمصنع بالخانكة    تعليم السويس يعلن جدول امتحانات الشهادة الإعدادية    18 مايو.. بدء محاكمة مرتضى منصور في اتهامه بسب خالد يوسف وزوجته    المشدد 5 سنوات ل3 أشخاص بتهمة استعراض القوة في المنيا    أحمد سعد يشعل الأجواء في حفل افتتاح أحد المشروعات المصرية بالعراق |صور    ادعوله بالرحمة.. وصول جثمان الفنان نعيم عيسى مسجد المنارة بالإسكندرية.. مباشر    داليا البحيري تشارك جمهورها مقطع فيديو من زيارتها لأسوان    مركز السينما العربية يكشف عن برنامجه في مهرجان كان السينمائي ال78    عن ويلات الحروب.. عرض «قضية أنوف» بالمهرجان الختامي لنوادي المسرح (صور)    6 عروض بمشاركة دول عربية وأجنبية بالدورة الثانية من «SITFY-POLAND» للمونودراما    أبرز اللقطات من داخل عزاء زوج كارول سماحة | صور    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    الصحة: تقديم الخدمات العلاجية ل339 ألف مواطن من خلال القوافل الطبية خلال الربع الأول من العام الجاري    محافظ أسوان يترأس اجتماع المجلس الإقليمى للسكان    زيادة السولار والبنزين تعمق من انكماش أداء القطاع الخاص بمصر بأبريل    البيئة: خط إنتاج لإعادة تدوير الإطارات المستعملة بطاقة 50 ألف طن    "هذه أحكام كرة القدم".. لاعب الزمالك يوجه رسالة مؤثرة للجماهير    كم يوم متبقي حتى عيد الأضحى 2025 ؟    شوبير: الأهلي استقر على مدربه الجديد من بين خمسة مرشحين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 6-5-2025 في محافظة قنا    فضيحة جديدة بسبب سيجنال ووزير الدفاع الأمريكي.. إليك الكواليس    قرار عاجل من التعليم لإعادة تعيين العاملين من حملة المؤهلات العليا (مستند)    مدير التأمين الصحى بالقليوبية تتابع جاهزية الطوارئ والخدمات الطبية بمستشفى النيل    وزير الثقافة يطلق مشروع "أهلا وسهلا بالطلبة" بتخفيض 50% للمسارح والمتاحف    مدرب كريستال بالاس: هذا ما يجب علينا تقبله    ضبط (18) طن دقيق مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء    فاضل 31 يوما.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    «الداخلية»: ضبط شخص عرض سيارة غير قابلة للترخيص للبيع عبر «فيس بوك»    إيران: نحتاج الطاقة النووية للاستخدام السلمى وعلى الطرف الآخر إثبات حسن نيته    صور حديثة تكشف أزمة بسد النهضة، والخبراء: التوربينات توقفت وإثيوبيا تفشل في تصريف المياه    «الصحة» تستعرض إنجازات إدارة الغسيل الكلوي خلال الربع الأول من 2025    السعادة تغمر مدرب جيرونا بعد الفوز الأول بالليجا منذ 3 أشهر    رحيل بيسيرو يكلف خزينة الزمالك 7 ملايين جنيه ومفاجأة حول الشرط الجزائي    «العمل» تعلن عن 280 وظيفة للشباب بالشركة الوطنية لصناعات السكك الحديدية    ما علاقة الشيطان بالنفس؟.. عالم أزهري يوضح    تشغيل وحدة علاجية لخدمة مرضى الثلاسيميا والهيموفيليا في مستشفى السنبلاوين العام بالدقهلية    هل يجوز الحديث مع الغير أثناء الطواف.. الأزهر يوضح    مؤتمر منظمة المرأة العربية يبحث "فرص النساء في الفضاء السيبراني و مواجهة العنف التكنولوجي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



1055 عامًا| القاهرة عاصمة المجد.. «بنت المعز» منارة التاريخ وملتقى الحضارات وصانعة الانتصارات
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 08 - 07 - 2024

في شوارعها وحاراتها العتيقة يكمن تاريخ عمره 1055 عامًا، إنها القاهرة مدينة العزة والانتصارات قاهرة الأعداء، التى رسمت بين أسوارها التراثية تاريخ مصر، وبين الماضى والحاضر لا تزال شامخة تواكب التطور بمشروعات عملاقة تناسب مكانتها وتخدم أهلها. وتتزامن هذه الفترة مع احتفالات المصريين فى 6 يوليو من كل عام بذكرى إنشاء القاهرة، هذه المدينة القابعة فى قلوب الجميع وتحظى باحترام ومحبة الجميع سواء فى مصر أو العالم، وفي عيدها القومي تحتفل «الأخبار» بقاهرة المعز وتسلط الأضواء على تاريخها وما تشهده من تطورات في الحاضر والمستقبل.
◄ التاريخ مر من هنا.. المعز أكبر متحف مفتوح.. والدرب الأحمر يحكي الأمجاد
عام 969م أسس جوهر الصقلي القاهرة فى عهد الخليفة المعز لدين الله الفاطمي، الذى أرسل الصقلى إلى مصر لفتحها، ووضع أساسًا لها فى الشمال الشرقى للفسطاط، فبنى سورًا خارجيًا من الطوب اللبن يحيط بمساحة تبلع 340 فدانًا، جعل سبعين منها للقصر الكبير مقر الحكم والسلطان، وخمسة وثلاثين فدانًا للبستان، ومثلها للميادين.
وعن سبب تسمية القاهرة، اختلفت الأقاويل حولها، فالبعض يرى أن كلمة القاهرة تعنى «كاهى رع» بمعنى موطن الإله رع، والبعض يعتقد أنها سميت على اسم قبة فى قصور الفاطميين تسمى القاهرة.
والبعض يقول إنها سمّيت نسبة إلى الكوكب القاهر والمعروف باسم كوكب المريخ، وقيل إن جوهر الصقلي سمى المدينة في أول الأمر المنصورية تيمنًا باسم مدينة المنصورية، التى أنشأها خارج القيروان المنصور بالله والد المعز لدين الله، واستمر هذا الاسم حتى قدم المعز إلى مصر فأطلق عليها القاهرة، وذلك بعد مرور أربع سنوات على تأسيسها، وتشتهر القاهرة بأسماء عدة منها المحروسة، قاهرة المعز، ومدينة الألف مئذنة.
◄ باب النصر
في أروقة وشوارع القاهرة ينبض التاريخ مشكلاً لوحات من التراث لا تنسى، وتضم أيضًا معالم تشهد على انتصارات أرض الكنانة، فالأمثلة كثيرة، ولعل من أبرزها «باب النصر» الذى شيده الفاطمى جوهر الصقلي، ثم أطلق عليه لاحقاً اسم «باب العز»، ولكن ظل القاهريون يرددون الاسم الأصلى «بوابة النصر»، وما زالت مستخدمة إلى يومنا هذا.
ومن خلال هذا الباب، مر سلاطين تاريخيون مثل الأشرف خليل والمنصور والناصر قلاوون، يحملون معهم النصر لمصر بهزيمة أعدائها، لذلك يعد من أهم المباني الحربية الإسلامية الباقية بمصر.. وفى معلم تراثى مشابه أيضًا، يعد «باب الفتوح» رمزا للقوة والكبرياء، إذ تعلقت أفراح القاهرة بهذا الباب عندما يخرج الأهالى لتحية الجيوش الفاتحة، فهو من الأبواب التاريخية الشاهدة على انتصار المصريين وهزيمة أعدائهم.
■ د. عبد الرحيم ريحان
أنشأ الصقلى «باب الفتوح» عام 1087، ثم جدده الأمير بدر الجمالى فجعله فى موضعه الحالى بمدخل شارع المعز لدين الله الفاطمى بجوار جامع الحاكم بأمر الله، وهو مكون من برجين مستديرين يتوسطان المدخل، ويوجد بجوارهما طاقتان كبيرتان فى فتحتيهما حلية مزخرفة بأسطوانات صغيرة، ويتصل بباب النصر بطريقين أحدهما من فوق السور والآخر من تحته.
ومن الأماكن التاريخية الشاهدة على أمجاد القاهرة، شارع الدرب الأحمر، الذى شهد خروج وعودة الجيوش الفاطمية المنتصرة، أما شارع أمير الجيوش فقد أسسه بدر الجمالى فور دخوله مصر عام 1074، وهو الرجل الذى أنقذ الدولة الفاطمية من أزمتين، المجاعة التى استمرت لسبع سنوات، ونفوذ الأتراك والبرابرة الذين استغلوا ضعف الخليفة الفاطمي.
وهناك أيضًا شارع صلاح الدين الأيوبي، الذى شهد أحداثا سياسية وتاريخية مؤثرة خاصة فى تاريخ مصر الإسلامي، فعلى أرضه فكر أحمد بن طولون فى استقلال مصر عن الخلافة العباسية، وصعد إليه السلاطين المماليك بعد أن هزموا التتار وتقلدوا حكم مصر من الأيوبيين.
القاهرة مليئة بالأماكن الأثرية التاريخية، وهو ما يؤكده د. عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بوزارة السياحة والآثار، قائلاً إنها تضم مناطق تعكس عظمة التاريخ المصري، والدولة مهتمة بتطوير القاهرة الإسلامية كمنطقة تراث عالمى استثنائى منذ عام 1979 التى تشمل الآثار الإسلامية والقبطية فى ثلاثة نطاقات هى منطقة القلعة وابن طولون، الجمالية والمنطقة من باب الفتوح إلى جامع الحسين، منطقة الفسطاط والمقابر والمنطقة القبطية والمعبد اليهودي، إذ اعتمدت حدود واشتراطات منطقة القاهرة الإسلامية من المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية طبقًا للقانون رقم 119 لسنة 2008 ولائحته التنفيذية 2011.
ويقول إن القاهرة التاريخية تعد بتكوينها وأسوارها من روائع العمارة الإسلامية، إذ تتكامل فيها وظائف متعددة بتفرد شديد، كما أنها نموذج لمدينة سكنية متكاملة بكل وظائفها مثلت تفاعل الإنسان مع بيئته، فأنتجت تراثا متميزا يعكس طبقات زمنية متلاحقة فى تناغم شديد.
◄ إنشاء الفسطاط
ويشير ريحان إلى أن معالم القاهرة شهدت التغيير منذ عام 1116م عندما خرجت عن أسوارها القديمة ليصل تخطيطها إلى القلعة، وبعدها أصبحت قاهرة محمد على 1805م لتصل إلى عصر النهضة، الذى شهد تطورا للعمارة وتاريخ المدن حتى أصبحت القاهرة باريس الشرق فى عام 1862م خلال عهد الخديو إسماعيل.
ومن أشهر أماكن القاهرة التاريخية خان الخليلي، وهو اسم حى أثرى هام أطلق على مجموعة من الأبنية القديمة والمتعاقبة عليها فى أزمنة مختلفة، وكونت طرقا وأزقة بها تجار، ويؤكد مدير عام البحوث والدراسات الأثرية أن تاريخ إنشاء هذا الحى يرجع إلى القرن الثامن الهجري، عندما قام الأمير جهاركس الخليلى ببناء خان فى هذا الموقع عام 879ه / 1474م، وبعد ذلك تحول الموقع إلى سوق للرقيق حتى جاء السلطان الغورى عام 1511م، حيث آلت إليه ملكية الخان فأمر بهدمه وإعادة بنائه لينشئ به حواصل وحوانيت.
وعن تفاصيل شارع المعز وأسراره، يوضح ريحان، أن الجزء الشمالى من شارع المعز لدين الله يبدأ ببوابة الفتوح ويضم شارع الخيامية والمغربلين وباب النصر، كما يمتد الشارع إلى شارع الجمالية من ناحية الشرق ويتقاطع عرضيًا مع شارع جوهر القائد وشارع الأزهر.
◄ «أهل كايرو».. أصالة وشهامة| الترابط الإنساني والتسامح والبهجة وحب الحياة أهم صفات سكانها
لكل مكان طباع وسمات يتميز به أهله، وعندما نتحدث عن قاهرة المعز وجذورها التاريخية العميقة لا يمكن أن نغفل سمات المواطن القاهري، التى استمدها من ثقافة مصرية عريقة ثابتة على مر العصور كالشهامة والمروءة والشجاعة وغيرها.
وعندما تحدث ابن خلدون عن الشخصية المصرية وصفها قائلاً: «إن أهل مصر يميلون إلى الفرح والمرح والخفة والغفلة عن العواقب»، وبالطبع شخصية القاهرى تعد أحد أهم أجزاء المجتمع المصري، فأهل المجتمع الواحد والمدينة الواحدة تجمعهم عادات وتقاليد متشابهة فى الزواج والأفراح والمآتم واللهجة وحتى طرق الطبخ والمأكولات وطريقة المباركات والتهانى وكذلك فى المواساة.
■ د. وليد هندي
ويفسر المفكر الراحل جمال حمدان، الشخصية الذى أكد أيضًا أن الشخصية المصرية التى جزء منها القاهرية، هى شخصية متعددة الأبعاد والآفاق مما يثرى الشخصية الإقليمية والتاريخية، ففيها البعد الآسيوى والبعد الإفريقى والبعد النيلى والبعد المتوسطي، والشخصية المصرية هى أيضًا المحبة للمرح التى سرعان ما تتراجع عنه بعد لحظات الضحك الصاخب فيقولون «اللهم اجعله خير» وكذلك هى الشخصية التى تحمل الكثير من المتناقضات بحسب ما يحلله معظم دارسى علم النفس. يتأثر بناء الإنسان بالبيئة، التى ينشأ فيها ويؤثر فيها، وبما أن القاهرة مرت عليها العديد من الحضارات والثقافات المتوارية تأثرت بها شخصية القاهرى سواء كانت فى فترات الازدهار أو فى فترات الاضمحلال والضعف، وعلى الرغم أن لكل إنسان شخصية ينفرد بها عن غيره إلا أنه اوقات كثيرة يتشارك أبناء المجتمع الواحد فى بعض السمات التى تميزهم، فالمناطق الشعبية على سبيل المثال فى القاهرة يتميز أبناؤها بالبساطة والجدعنة والشهامة وحبهم ورغبتهم فى خدمة الآخرين، ويتميزون أيضًا بالانفتاح على ثقافات المجتمعات الأخرى.
◄ الهوية والأصالة
في هذا الصدد، يقول د. وليد هندي، استشارى الصحة النفسية، إن الإنسان الذى يمتلك تاريخا يمتلك أيضًا الهوية والأصالة وبالتالى الشخصية القوية، ولذلك عندما نتأمل سنرى أن هناك 18 مدينة حول العالم تحمل اسم القاهرة ولكن تبقى قاهرة المعز هى درة المدن التى تحمل اسم القاهرة على مستوى العالم لأنها تحمل التاريخ والثقافة والهوية والمضمون، وهذا ينعكس على طبيعية المجتمع القاهرى وشخصيته التى لها شكل ومضمون وملامح مختلفة تماما عن أى شخص آخر، متأثرة بالتاريخ العريق. ويضيف ل»الأخبار» أن الإنسان المصرى يمتلك هوية تاريخية، ودائمًا ما نرى أن سكان أى محافظة يحملون من اسمها وصفاتها ما يميزهم عن غيرهم، كذلك القاهرة التى يعيش بها 20% من سكان مصر مما يعطى للقاهرى احساسا بالقوة والعزوة كما يتميز المجتمع القاهرى بالترابط الإنسانى رغم كبر المساحة، وسهل ذلك أيضًا شبكة الطرق التى شهدتها فى السنوات الأخيرة، التى قربت المسافات بين الأهل والأصدقاء.
ويشير هندى إلى أن المجتمع القاهرى يتميز بفعل الواجب والتمسك بالعادات والتقاليد العريقة، ويتمتع المواطن فيها بالشعور بتميز الذات دون استعلاء، باعتبار القاهرة هى العاصمة وقبلة السياح والزائرين من مختلف المحافظات، لذلك يتميز ببشاشة الوجه وحسن الاستقبال وسعة الصدر ومهارة البيع والشراء، وكذلك القدرة على قهر أى أزمات ومشكلات وتحمل الصعاب.
ويتابع بأن المواطن فى القاهرة يتمتع بحرصه على حسن مظهره وحبه للجمال، وهو المتدين دون مغالاة ويستوعب كل المذاهب الدينية والفكرية، وكذلك المتسامح الذى يستوعب اختلاف الآراء، فنجد المسجد بجوار الكنيسة، وحالة الترابط بين المسلمين مع الأقباط، ومن السمات التى يتميز بها أيضًا العطاء وهو رمز للأدب والثقافة وانتشار المنابر الفكرية والثقافية المختلفة، فالمواطن القاهرة الأصيل هو بمثابة امتداد لتاريخ يبلغ 1055 عامًا يسير على الأرض.
◄ المرونة الفكرية
بدوره يقول د. جمال فرويز، أستاذ علم النفس، إن هناك سمات مشتركة بين الرجل القاهرى والرجل الريفى فى انهم يتميزون بالشهامة والمرونة الفكرية والأصل وحب الخير والسلام، كما أنهم لا يميلون إلى العنف والعصبية.
ويوضح، أنه لا يوجد أى تمييز بين الرجل القاهرى والرجل الريفي، فكل منهما لديه شخصية ينفرد بها عن الاخر وتتميز بمجموعة سمات، ولكن يرجع الاختلاف بينهما إلى عدة عناصر منها البيئة الاجتماعية، التى نشأ فيها كل منهما والخبرات الحياتية والجينات الوراثية، فمن الممكن أن يكون المجتمع القاهرى مغلقا كما قد يكون المجتمع الريفى مفتوحا وهذا يرجع إلى طبيعة الأسرة والنشأة ومجموعة من الظروف.
ويتابع فرويز، أنه بالنسبة إلى المرأة لا يوجد اى سمات تميز بين المرأة، التى تعيش فى المناطق الراقية بالقاهرة، والمرأة التى تعيش فى إحدى المناطق الشعبية بالقاهرة، لكن تتميز بسمات تجمعهما طيبة مبنية على الشخصية المصرية الأصيلة المحبة للوطن والعاشقة لتراب هذا البلد، وكذلك الودودة والمحبة للخير.
◄ حلم المهاجر.. «نداهة المحروسة» تخطف أبناء الأقاليم
على مدار عقود، جذبت أضواء القاهرة سكان الأقاليم والريف الباحثين عن فرص حياتية أكثر جاذبية وراحة، وهو ما كشفت عنه آخر دراسة من الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، إذ كشفت بيانات الحركة الجغرافية للسكان بين الحضر والريف خلال العشر سنوات السابقة لتعداد 2017، أن إجمالى الهجرة الداخلية على مستوى الجمهورية بلغ نحو 8.1 مليون مهاجر، موزعة بواقع 5 ملايين من المهاجرين انتقلوا إلى حضر المحافظة من حضر محافظة أخرى أو من حضر نفس المحافظة أو ريف محافظة أخرى أو ريف نفس المحافظة.
■ د. وسام منير
◄ الحلم القاهري
ونالت محافظة القاهرة أكبر عدد من المهاجرين إليها على مستوى المحافظات الحضرية، إذ بلغ عدد المهاجرين إليها 58.5 ألف مهاجر بنسبة 8.6% من إجمالى المهاجرين، فما الأسباب وراء هذه الهجرة، أهى البحث عن الحلم القاهرى في حياة أفضل؟
ترى د. وسام منير، المتخصصة فى الاستشارات النفسية والعلاقات الأسرية، أن هجرة ظاهرة هجرة سكان الأقاليم والريف إلى القاهرة قديمة وليست مستحدثة، ولها أسباب عديدة لعل أهمها البحث عن فرص عمل جيدة، وكذلك عدم توافر الرعاية الصحية اللازمة فى القرية أو الريف بشكل عام، والبحث عن رفاهية المعيشة والفرص التعليمية المناسبة، بالإضافة إلى الهروب من العادات الصعبة للمكان.
وتشير إلى أن مَن يهجر القرى والريف لم يجد بها متطلباته الأساسية أو طموحه، فهو طوال الوقت يشاهد فى وسائل الإعلام الحياة الجيدة فى القاهرة ووسائل الرفاهية والمدينة المتطورة وغيرها، فأصبحت هجرتهم إلى القاهرة بمثابة الحل الأمثل للخروج من ضيق الحياة المعيشية داخل القرية.
◄ الزحام الشديد
وتوضح أن لهذه الظاهرة سلبيات لعل أبرزها الزحام الشديد داخل القاهرة والانفجار السكانى والتلوث البيئى وضعف أجر فرص العمل نتيجة لوفرة الأعداد فى الوظيفة أو الصنعة المطلوبة، مع العلم بأن النطاق الجغرافى للمدينة كان لا يستحمل كل هذه الأعداد وبالتالي تتعدد سلبياتها.. وفيما يتعلق بالإيجابيات، تقول «منير» إنها تتمثل فى رغبة الفرد بتطوير ذاته وتحسين معيشته، فقد تستفاد المدينة من عقول وإمكانات بعض المهاجرين من الريف والنماذج كثيرة، لكن للحد من ظاهرة الهجرة غير المبررة إلى القاهرة لا بد من تحسين جودة الحياة فى الريف والقرى، حتى ترجع الحياة الزراعية لرونقها القديم.
◄ أرواح في المدينة.. مشروع يحكي قصة الحجر والبشر ويوثق التراث
على مدار أجيال يتوارث التمسك بتراث القاهرة وتاريخها بين الأجيال، وهو ما يعكسه مشروع «القاهرة عنواني» الذى يستعرض تاريخ المدينة ويستحضر القصص والشخوص والأماكن والأصوات والفنون، وكذلك شخصية المدينة الآسرة التى يبحث عنها المشاركون فى ندوات حملت اسم «أرواح فى المدينة».
يقول الكاتب محمود التميمي، إن المشروع يسمى «القاهرة عنواني» وهو قائم على الاحتفاء بفنون وتراث ومبدعى القاهرة، إذ أنتج سلسلة ندوات تحت عنوان «أرواح فى المدينة»، والمقصود هنا القاهرة ليس بمفهوم المحافظة مترامية الأطراف وإنما المدينة بين الأربعة أسوار التى بناها جوهر الصقلي، الصغيرة جدًا فى مساحتها ولكنها عميقة للغاية بمعناها الحضارى والعمراني.
■ جانب من ندوة أرواح في المدينة
ويشير خلال حديثه ل«الأخبار» إلى أن القاهرة مرت بمراحل تطور بعد 3 عواصم أنشئت في العصر الإسلامي وهى الفسطاط ثم العسكر ثم القطائع ثم القاهرة، ولأسباب عديدة منها السياسى والاجتماعى والعسكرى اختفت ال3 عواصم القديمة، فلم تعد الفسطاط على نفس الشكل التى بنيت عليه نتيجة حريق شهير بنهاية عصر الفاطميين، وكذلك لم يبق العسكر والقطائع على صورتهما الأساسية، لكن المدينة الواحدة التى بقيت إلى اليوم ثم أدخل عليها تعديلات وتجسينات من كل العصور كانت القاهرة، ولذلك أصبحت ذات معنى تراثي.
■ محمود التميمي
ويضيف التميمي أن القاهرة تضم تراثا مصريا اجتمع فى محيط واحد ليس فقط المباني، وإنما البشر والحجر تتمثل فى العادات والتعاملات بين الناس، فالقاهرة بين أسوارها وحواريها وأزقتها كانت بمثابة حماية طبيعية لنمط الحياة المصرى داخل القاهرة القديمة، مؤكدًا أن كل حارة كانت بمثابة مجتمع مستقل بذاته لها باب يغلق ليلاً، ويمكن أن نرى ذلك فى ثلاثية نجيب محفوظ «السكرية- بين القصرين - قصر الشوق».
ويتابع أن هناك شيئا ملهما في القاهرة عبر عنه نجيب محفوظ وحسن الإمام وجمال الغيطانى وكثير من المبدعين، وهذا أشبه بسر داخل القاهرة يتوارثه الأجيال ومن هنا جاءت فكرة «القاهرة عنواني» كمشروع يحكى قصة الحجر والبشر من خلال سلسلة «أرواح فى المدينة» إذ نستلهم الأرواح التى عاشت فى القاهرة وقصتهم المرتبطة بأماكن وظروف معينة.
القاهرة عنواني
ويؤكد التميمى أن «القاهرة عنواني» مشروع لحفظ الذاكرة الوطنية للمصريين من خلال التنقيب فى أرشيف المبدعين، الذين تركوا إرثا عبر 150 عامًا وهو تاريخ نشأة الصحافة المصرية، وذلك بدءًا بما كتب في الصحف ثم السينما ثم الراديو وبعدها التليفزيون، وكل ذلك عبارة عن أرشيف لحفظ تراث المصريين وبالتنقيب فيه نجد الأهمية الكبيرة للقاهرة.
ويوضح أن السؤال المطروح هل المبدع هو مَن يعطى للمكان سماته مثل مؤلفات نجيب محفوظ «السكرية- بين القصرين- قصر الشوق»، أم هو مَن عبر عما فيهم من مقومات؟ وهذا ما يحاول المشروع الإجابة عنه فى ندوات مستمرة منذ سنتين، ونفذت ما بين دار الأوبرا المصرية وصندوق التنمية الثقافية والمسرح الصغير وأماكن كثيرة نتيجة زيادة أعداد المشاركين.
ويطالب التميمي كل مَن لديه حب للقاهرة سواء الجهات الرسمية أو الأهلية أن تتعاون فى هذه الفعاليات من أجل المجهود المشترك لنشر الوعى بتراث هذه المدينة.
◄ حاضر مضىء ومستقبل مشرق.. مشروعات عملاقة أحدثت طفرة في الإسكان والنقل وقضت على العشوائيات
شهدت القاهرة طفرة غير مسبوقة وتطوير مستمر وانشاء مدن جديدة وتطوير للعشوائيات وتأسيس العديد من المشروعات الضخمة، التى غيرت شكل المحافظة وجعلت منها درة تتلألأ وسط مصر ويحيط بها معالم الحضارة القديمة والحديثة والنيل يحتضنهم جميعًا كشريان للحياة.
واجتاحت ثورة المشروعات القاهرة، وتنوعت فى مجالات عدة سكنية وطرق وكباري، وغيرها من المدن الذكية الجديدة إضافة إلى العاصمة الإدارية الجديدة، وافتتاح العديد من المشروعات الصناعية الضخمة والزراعية.
وقطعت الدولة المصرية شوطا كبيرا فى ملف تطوير العشوائيات ولعل أبرز المناطق، التى غيرت العشوائيات ملامحها هى محافظة القاهرة، حيث كانت تمثل العشوائيات أكثر من 50% من مساحتها، وهو ما جعل الجهود تتضاعف بالعاصمة للتخلص من العشوائيات واستعادة شكلها ومكانتها الحضارية والتاريخية، بالإضافة لتوفير سكن ملائم لسكان تلك المناطق ونقلهم إلى مجتمعات حضارية بها كل الخدمات لتوفير حياة كريمة.
◄ المشاريع السكنية
وتمكنت محافظة القاهرة من إنقاذ 23421 أسرة من السكن بالعشوائيات المهددة للحياة وتسكينهم بوحدات مفروشة ومجهزة بالكامل بالمشاريع السكنية، التى تم تنفيذها لسكان تلك المناطق، إذ كانت توجيهات الرئيس السيسى بأن يتم تجهيز الشقة بكل الفرش والمرافق حتى يجد المواطن سكنا ملائما يوفر له حياة كريمة.
وأنشأت محافظة القاهرة 13 مشروع إسكان بتكلفة 11 مليار جنيه، بدون احتساب قيمة الأرض، بإجمالى 42 ألف وحدة سكنية وتم الانتهاء من تسكين 9 مشاريع منها، وهى «الأسمرات 1 و2، وأهالينا 1، وروضة السيدة 1، وبدر»، كما يتم الاستمرار فى تسكين «الأسمرات 3، والمحروسة 1 و2، وأهالينا 2 «، و»أرض الخيالة، ومعًا 1 و2»، وجارٍ العمل فى مشروعات أخرى.
وبعيدًا عن مشروعات الإسكان، حرصت الدولة أيضًا على انشاء العديد من المشروعات العملاقة، وتطوير الطرق وتأسيس الكبارى وكذلك تحديث شبكة المواصلات، والاستثمار فى المدن الجديدة، ليشهد التاريخ على الحضارة والمجهودات التى تبذلها مصر فى سبيل تيسير الحياة وتخفيف ضغط التكدس على القاهرة القديمة والقاهرة الكبرى.
ولعل تأسيس العاصمة الإدارية الجديدة خير دليل على ذلك، فضلاً عن مشروع المونوريل «مونوريل العاصمة الإدارية- مونوريل 6 أكتوبر» وسيلة جديدة للنقل الجماعي، لربط إقليم القاهرة الكبرى بالعاصمة الإدارية، لتحدث بذلك نقلة حضارية كبيرة فى قطاع نقل الركاب، ويبدأ من مدينة نصر إلى العاصمة الإدارية الجديدة، ويصل طوله إلى 56.5 كم.
لم تقف التطورات عند ذلك الحد، بل إن تطوير الطرق والكبارى وتأسيس شبكة حديثة من أبرز التطورات، ومثال على ذلك مشروع تطوير الطريق الدائرى ليكون الطريق مكونا من 7-8 حارات بتكلفة 8 مليارات جنيه لتطوير القطاعين، وكذلك تطوير طريق القاهرة/ أسوان الصحراوى الغربى، بجانب مشروعات تطوير شرق القاهرة (مدينة نصر- مصر الجديدة)، حيث جرى تطوير 30 طريقا، بالإضافة إلى إنشاء 26 كوبري، وغيرها من المشروعات الضخمة التى غيرت شكل القاهرة، وقللت الازدحام.
القاهرة الإسلامية
وبالتزامن مع المشروعات العملاقة فى المجالات كافة، يجرى الآن العمل على مشروع إحياء القاهرة التاريخية، بما فيها من مناطق «القاهرة الخديوية، القاهرة الفاطمية، القاهرة العباسية»، لإعادة الرونق التاريخى للقاهرة الخديوية، كما يتم تطوير مسجد الحاكم، وباب زويلة، ودرب اللبانة، حارة الروم، والحسين.
يهدف المشروع إلى إعادة جمال القاهرة ورونقها مع الحفاظ على النسيج العمرانى للقاهرة التاريخية، كما أن هناك إنجازات لتطوير القاهرة الإسلامية ومنها مشروع ترميم وإعادة توظيف قصر السلطان حسين كامل الشهير بقصر السلطانة ملك بحى مصر الجديدة.
كما جرى ترميم قصر البارون إمبان القصر الفريد فى عمارته بتكلفة 100 مليون جنية ساهمت فيها الحكومة البلجيكية بمنحة تبلغ 15 مليون وهو قصر بُنى على طراز العمارة الهندية، أسسه المليونير البلجيكى البارون إدوارد إمبان، ويقع القصر فى شارع العروبة بمنطقة مصر الجديدة فى القاهرة، بالإضافة إلى رفع كفاءة إضاءة شارع المعز لدين الله الفاطمى بحى الجمالية، وذلك فى إطار خطة تطوير ورفع كفاءة عدد من المناطق الأثرية.
وفي بداية عام 2021، افتتح جامع الفتح الملكى بحى عابدين بالقاهرة بعد مشروع كبير لترميمه بتكلفة 16 مليون جنيه، وشمل ترميم الأرضيات الرخامية بصحن المسجد، وترميم وتنظيف التجاليد الرخامية للحوائط، وأعمال تنظيف وترميم المنبر والمحراب وكل الأعمدة الرخامية والجرانيتية بالمسجد، والقباب والقباوات من الداخل وإنهاء الأعمال الزخرفية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.