سألت نفسى على من يقع اللوم حينما تخترق الشتيمة والألفاظ الخارجة آذان أطفال وشباب الأسرة الآمنة داخل مسكنها وتريد شيئًا من الهدوء، فلا ذنب لها سوى أن حظها العاثر أوقعها بجوار أحد السناتر الدراسية التى يرتادها طلبة من مراحل تعليمية مختلفة. وكأن هذه الألفاظ تظل محشورة فى حناجرهم ما إن ينتهى يومهم الدراسى حتى يتم الإفراج عنها بمجرد الخروج إلى الشارع الذى يصبح منصة لإطلاق المقذوفات الشتائمية الحارقة التى تخترق الجدران وتشق الآذان وكأنها مسابقة خاصة بشتائم الأم والأب يظهر فيها مطلقها براعته، حيث يعتبرها من علامات القوة التى تشعره بالزهو والافتخار والإحساس بأنه يواكب عصر التقدم وهو لا يعلم أنه تقدم إلى الخلف. هذه النوعية رأت أن هناك تطورًا حدث فى الشتيمة ولابد من استخدامه ككل شىء دخيل مثل تقطيع البنطلون وعرعورة الديك. تقدم مذهل حدث إلى الخلف فى قاموس الألفاظ والشتيمة وقلة القيمة التى تتعرض لها الأمهات والآباء ويتعرض لها أيضًا كل من يعمل بسخاء ويمشى فى طريق البناء. التقدم والوسائل الحديثة بريئة مما يحدث، فلم نكن نتمتع بتلك الوسائل من اتصالات وطاقة ومواصلات وبناء وتعمير إلا أننا أطلقنا عليه (الزمن الجميل) لأننا لم نكن نرى هذه النوعية التى تطلق للسانها العنان وتتخيل أن من بعدها الطوفان فلم نكن نركب السيارة لكننا كنا نسعد بمشاهدة الطائرة النفاثة وهى تترك خلفها شريطًا من الدخان. حتى حينما كان الحمار على رأس وسائل المواصلات وأطلق العنان لساقيه كان يفهم أن لسانه للتنبيه وليس للسفالة والزعيق. للأسرة الدور الأساسى فى الرقابة ومتابعة أبنائهم فى غدوهم ورواحهم، حتى لا يرون جهدهم تذروه الرياح، وتصاب جيوبهم بالخواء، من جراء تلك الأخطاء.