قادت مصر، بثقلها وعلاقاتها الدبلوماسية ملحمة قوية كانت بمثابة حائط الصد المنيع أمام محاولات تهجير الفلسطينيين من غزة. واستخدمت مصر، قوتها الدبلوماسية وثقلها الإستراتيجي وعلاقتها المتعددة للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وإنهاء معاناته المستمرة مُنذ اندلاع الصراع بين سلطات الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية. وبالتزامن مع مرور 100 يوم من الحرب على غزة، تستعرض بوابة أخبار اليوم من خلال التقرير التالي أبرز جهود مصر لإنهاء الحرب على غزة، ومنع محاولات تهجير الفلسطينين خارج أرضهم، هذا بخلاف ما تقوم به مصر من جهد إنساني لتخفيف معاناة الأشقاء في غزة، بجانب ما قامت السلطات المصرية من جهود دبلوماسية لكشف الحقيقة والضغط لإنهاء الحرب. منع التهجير أعلنت مصر مُنذ اندلاع عملية طوفان الأقصى، إنه لا حل للقضية الفلسطينية إلا بحل الدولتين، وشددت مصر على رفض واستهجان سياسة التهجير أو محاولات تصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار. وحذر الرئيس عبدالفتاح السيسي من محاولة تصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار. وأكد الرئيس السيسي خلال كلمته التي ألقاها في مؤتمر القاهرة للسلام، الذي استضافته مصر لإنهاء الحرب على غزة، أن مصر تدين، بوضوح كامل، استهداف أو قتل أو ترويع كل المدنيين المسالمين وفي الوقت ذاته. واستنكر السيسي معبرًا عن دهشته البالغة من أن يقف العالم متفرجًا على أزمة إنسانية كارثية يتعرض لها مليونان ونصف المليون إنسان فلسطيني، في قطاع غزة يفرض عليهم عقاب جماعي وحصار وتجويع وضغوط عنيفة للتهجير القسري في ممارسات نبذها العالم المتحضر الذي أبرم الاتفاقيات، وأسس القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، لتجريمها، ومنع تكرارها مما يدفعنا لتأكيد دعوتنا، بتوفير الحماية الدولية، للشعب الفلسطيني والمدنيين الأبرياء. وأضاف قائلًا: "أكرر أؤكد للعالم بوضوح ولسان مبين بوضوح ولسان مبين عن إرادة جميع أبناء الشعب المصري فردًا فردًا: إن تصفية القضية الفلسطينية، دون حل عادل، لن يحدث وفي كل الأحوال "لن يحدث على حساب مصر أبدًا ". وتشدد مصر دائمًا على رفضها القاطع لسياسات التهجير القسري للفلسطينيين، أو تعمد حجب المساعدات الإنسانية والخدمات الضرورية بما يخلق أوضاعًا غير محتملة على كاهل المدنيين، أو السماح بتصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار. هذا بخلاف ما يدور في أروقة الدبلوماسية المصرية من عشرات الاتصالات واللقاءات التي يقوم بها وزير الخارجية سامح شكري، وهو ما يؤكد الدور المصري تجاه القضية الفلسطينية والتأكيد مع كل المسؤولين في مختلف دول العالم على حقوق الشعب الفلسطيني في العيش بسلام وآمن على أرضه. زيارات مكوكية ويقود سامح شكري وزير الخارجية جهود مصر الدبلوماسية بشتى الطرق بداية من الاتصالات المكثفة التي يقوم بها، وعشرات اللقاءات، والحوارات، هذا بخلاف ما شارك فيه من قمم من أجل إنهاء الحرب على غزة وإيصال المساعدات الإغاثية لسكان القطاع دون أي عرقلة؛ بناءً على توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي وجه منذ الساعات الأولى من عملية طوفان الأقصى واندلاع التصعيد بين فصائل المقاومة الفلسطينية وسلطات الاحتلال الإسرائيلي، بتكثيف اتصالات مصر مع جميع الأطراف ذات الصلة للحد من الصراع. فقد قام الوزير شكري بعدة جولات لعدد من عواصم الدول أصحاب العضوية الدائمة بمجلس الأمن، بمشاركة وزراء خارجية عدد من الدول العربية والإسلامية، إسنادًا لقرارات اللجنة المشكلة من القمة العربية الإسلامية، للدفع بمسار وقف الحرب على غزة. تأتي هذه الجولة بهدف الدفع بمسار وقف الحرب الدائرة في قطاع غزة، والتعامل مع الأوضاع الإنسانية المتردية في القطاع، كما تأتي الجولة في سياق انطلاق أعمال اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية، بهدف بلورة تحرك دولي لوقف الحرب المستعرة على غزة. جدير بالذكر أن اللجنة تشكلت بموجب القرار الصادر عن القمة العربية الإسلامية التي عُقدت بعاصمة السعودية الرياض الأسبوع المُنصرم، وتضم اللجنة وزراء خارجية كلًا من مصر والأردن وقطر وتركيا وإندونيسيا ونيجيريا وفلسطين وأمين عام جامعة الدول العربية وامين عام منظمة التعاون الإسلامي، ويبدأ الوزراء جولتهم من الصين. وكانت القمة العربية الإسلامية الطارئة التي استضافتها العاصمة السعودية الرياض في 11 نوفمبر الجاري، قد قررت تكليف وزراء خارجية السعودية بصفتها رئيس القمة، بالإضافة إلى مصر، والأردن، وقطر، وتركيا، وإندونيسيا، ونيجيريا، وفلسطين بالتحرك فوريًا باسم جميع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي بالدفع لإنهاء الحرب على غزة بشكل فوري، والضغط من لإطلاق عملية سياسية جادة لتحقيق السلام الدائم والشامل وفق المرجعيات الدولية المعتمدة. دخول المساعدات تكللت الجهود الدبلوماسية التي استمرت في مفاوضات طويلة وصعبة وصلت ل26 يومًا بالنجاح في النهاية واحترام رغبة الدولة المصرية في فتح معبر رفح لدخول المساعدات الإغاثية للأشقاء في فلسطين. فاستطاعت جهود الدبلوماسية المصرية في فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني وإدخال شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة، كما عملت مصر على استقبال عدد من المصابين ذوي الحالات الحرجة، كما سمحت للرعايا الاجانب ومزدوجي الجنسية من العبور. وبحسب آخر الإحصائيات الصادرة عن رئيس الهيئة العامة للاستعلامات ضياء رشوان، بلغ حجم المساعدات الطبية التي دخلت إلى غزة من معبر رفح خلال 100 من الحرب الدامية التي يشهدها القطاع، 7 آلاف طن، والمساعدات من المواد الغذائية 50 ألف طنا، وحجم المياه 20 ألف طنا، فضلا عن 1000 قطعة من الخيام والمشمعات والمواد الإعاشية، بالإضافة إلى 11 ألف طنا من المواد الإغاثية الأخرى، وعدد 88 سيارة إسعاف جديدة، وقد تم إدخال 4.5 ألف طن من الوقود وغاز المنازل خلال نفس الفترة. قال رشوان، إن إجمالي عدد الشاحنات التي عبرت من معبر رفح إلى قطاع غزة حوالي 9000 شاحنة منذ بدء دخول المساعدات إلى قطاع غزة من الجانب المصري للمعبر خلال أيام الحرب. وأكد رشوان في بيان له الأحد 14 يناير، أن مصر بذلت أقصى جهودها لاستمرار دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية للأشقاء في فلسطين، موضحًا أن دخول هذه المساعدات عبر معبر رفح من الجانب المصري، قد واجه منذ البداية عقبة أولية وهي أن المعبر غير مخصص ولا مهيأ إنشائيًا لدخول البضائع ولكن للأفراد فقط، وهو ما تغلبت عليه مصر بجهود فنية كثيفة وعاجلة ليسمح بمرور الشاحنات. وأوضح رئيس الهيئة العامة للاستعلامات أن معبر رفح لم يغلق لحظة واحدة طوال أيام العدوان وقبلها من الجانب المصري، وهو ما أكدت عليه مصر عشرات المرات في تصريحات رسمية بدءًا من رئيس الجمهورية ووزارة الخارجية وكل الجهات المعنية والمسؤولة بالبلاد. جدير بالذكر أن مصرأنشأت مخيم إغاثي في مدينة خان يونس لتخفيف الأزمة الإنسانية بقطاع غزة؛ تتضمن المرحلة الأولى للمخيم إقامة 300 خيمة تستوعب أكثر من 1500 شخصًا. تبادل الأسرى تكللت جهود الدبلوماسية المصرية بالنجاح مع الوساطة القطرية للتوصل لاتفاق هدنة إنسانية مؤقته، تم خلالها وقف إطلاق النار لمدة 4 أيام وتم تجديدها عدة مرات. ونصت بنود اتفاق الهدنة على وقف إطلاق النار من الطرفين، ووقف كل الأعمال العسكرية لجيش الاحتلال في كافة مناطق قطاع غزة، ووقف حركة آلياته العسكرية المتوغلة في قطاع غزة، وإدخال مئات الشاحنات الخاصة بالمساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية والوقود، إلى كل مناطق قطاع غزة، بلا استثناء شمالًا وجنوبًا. كما نصت على إطلاق سراح 50 من محتجزي الاحتلال من النساء والأطفال دون سن 19 عام، مقابل الإفراج عن 150 من النساء والأطفال من أبناء الشعب الفلسطيني من سجونه الاحتلال دون سن 19 عامًا وذلك كله حسب الأقدمية. كما جرى الاتفاق على وقف حركة الطيران في (الجنوب)على مدار الأربعة أيام، ووقف حركة الطيران في (الشمال) لمدة 6 ساعات يوميا من الساعة 10:00 صباحا حتى الساعة 4:0 مساء، وخلال فترة الهدنة يلتزم الاحتلال بعدم التعرض لأحد أو اعتقال أحد في كل مناطق قطاع غزة، إلى جانب ضمان حرية حركة الناس (من الشمال إلى الجنوب) على طول شارع صلاح الدين. وحتى الآن لم تدخر مصر جهدًا لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني؛ ومازالت تنادى السلطات المصرية بضرورة دخول المزيد من المساعدات الإغاثية والطبية والغذائية للأهالي في غزة نظرًا لما يشهده القطاع من كارثة تفوق الوصف، والوقف الفوري الغير مشروط لإطلاق النار.