في قلب قطاع غزة، تتحد مأساة أهلها مع إرادتهم القوية وعزيمتهم الصلبة لبناء حياة طبيعية وسط أشد الظروف قساوةً، غزة، القطاع الضيق المحاصر، أصبحت مشهدًا يوميًا للصراع والقصف اقترانًا بالأحداث الراهنة التي تشهدها منذ اندلاع حركو طوفان الأقصى، في السابع من أكتوبر الجارى وحتى يومنا هذا، وفي أعقاب ذلك بدى هناك سؤالٌ يطرح نفسه، كيف تمر اللحظات والدقائق والأيام لسكان القطاع وهم تحت الحصار؟. ونستعرض لكم خلال ذلك التقرير، يومٌ في قطاع غزة، وكيف تسير حياة أهلها اليومية في وسط الصراع القائم. مع بدء الحرب الأخيرة في غزة في السابع من أكتوبر الماضي، تصاعدت معها أعمال العنف والقصف على القطاع من قِبل العدوان الإسرائيلي، وأصبح يُشكل اليوم الطبيعي تحديًا جديدًا لسكان القطاع يجبرهم على تكييف أنفسهم معه، ويبنون جسورًا من الأمل على الرغم من الصعوبات، ويتمسكون بأمل في أن يحمل لهم الأيام المقبلة حياة أفضل، يعيشون يومهم بشكل لحظي، لا يعرفون ما يحمله لهم المستقبل، لكنهم يواصلون الصمود في وجه كل التحديات. قطع الكهرباء عن القطاع ونفاذ الوقود وفي سياق ذلك، أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي تصريحًا بفرض "حصار كامل" في 9 من أكتوبر، مما أدى إلى قطع الكهرباء والإمدادات الغذائية والوقود عن سكان القطاع، حسبما أفادت شبكة "بي بي سي عربي" الإخبارية. ومع انقطاع التيار الكهربائي، يصبح استخدام الأجهزة المنزلية أمرًا صعبًا لسكان القطاع، الناس يجدون أنفسهم في الظلام أثناء الليل ولا يمكنهم استخدام الأجهزة الكهربائية بشكل طبيعي، وبعض الأسر تعتمد على مولدات كهربائية خاصة، ولكن الوقود الذي يحتاجونه لتشغيل هذه المولدات غالبا ما يكون نادرا. وفي السياق نفسه، أصدر وزير البُنى التحتية في إسرائيل توجيهات بقطع إمدادات المياه عن القطاع، مما أدى إلى تفاقم الأزمة. وتعتمد المستشفيات في غزة بشكل كبير على الكهرباء لتشغيل المعدات الطبية والأجهزة، وانقطاع التيار الكهربائي يعني أن المستشفيات تعتمد على مولدات الكهرباء الاحتياطية، والتي يمكن أن تنفد من الوقود، وهذا يؤدي إلى تدهور الخدمات الصحية وقد يكون له تأثير كبير على القدرة على علاج المرضى. وتوقفت المحطة الوحيدة لتوليد الكهرباء في غزة بعد نفاد مخزون الوقود في 11 أكتوبر الجارى، مما أضر بالمستشفيات التي اعتمدت على مولدات الكهرباء الاحتياطية، وتعامل معها بشكل طارئ، مما يعقد الأوضاع بشكل أكبر على سكان غزة. تبعيات الحصار وفرض القيود ومدى تأثر السكان تحتاج الأسر وموردي الطاقة الكهربائية في غزة إلى الاعتماد على مولدات الطوارئ لمواجهة انقطاع الكهرباء الشديد، ومع ذلك، يصبح من الصعب الاعتماد بشكل أساسي على هذه المولدات بسبب نقص الوقود والصعوبات في الحصول على قطع الغيار اللازمة لصيانتها. وهذا يرجع جزئيًا إلى القيود التي تفرضها إسرائيل على واردات القطاع والتصنيف الذي تضعه على معدات الطاقة والوقود ك "سلع ذات استخدام مزدوج"، مما يجعل الحصول على هذه الموارد أمرًا صعبًا للسكان. وفيما يخص القطاع الصحي، تعاني المنشآت العامة في غزة من تدهور مستمر نتيجة انقطاع التيار الكهربائي المتكرر والنقص في الإمدادات والمعدات الطبية، وهذا يؤثر بشكل كبير على القدرة على تقديم الرعاية الصحية للمرضى، ويمكن أن يؤدي إلى تدهور الخدمات الصحية بشكل عام، بالإضافة إلى ذلك، فإن نقص الرعاية الصحية المتخصصة والعلاجات المتاحة في القطاع يجعل الأشخاص في غزة معرضين لمخاطر صحية كبيرة ويضعف فرص الشفاء. عجزٌ صارخ في مياه الشرب لسكان القطاع أصبح نقص مياه الشرب أمرًا يوميًا ومستمرًا في حياة أهالي غزة اليومية، خاصةً بعد تفاقم الأحداث الأخيرة، انقطاع المياه لم يكن أمر يعيشه السكان لأول مرة، بل امتد على مدار سنوات فائتة، حيث إن حوالي 600 ألف شخص يعانون من نقص حاد في إمدادات مياه الشرب جراء انقطاع المياه، كما تعتمد مضخات المياه المحلية وشبكات الصرف الصحي على الوقود لتشغيلها. ما يعني أن 90 % من سكان غزة، يواجهون نقص في إمدادات المياه النظيفة، ونظرا للاستغلال الجائر لطبقة المياه الجوفية الساحلية، وتسرب مياه البحر والصرف الصحي، أصبحت مياه الصنبور في غزة عالية الملوحة وملوثة، مما يجعلها غير صالحة للشرب، ما يزيد من صعوبة تلبية احتياجات الأسر. ساحات المدارس ملجئ للعائلات تحولت المدارس، التي كانت في العادة تمثل مكانًا للأطفال للالتقاء بأصدقائهم والدراسة واللعب في الساحات، إلى ملاجئ للعائلات النازحة في قطاع غزة، فبعد تصاعد أعمال القصف، أجبر العديد من العائلات على مغادرة منازلها بحثًا عن مأوى آمن، بينما كانت المأوى التقليدية محط هجمات وقصف مكثف، وجد الكثيرون أنفسهم يلجؤون إلى مأوى غير تقليدي، كالمدارس. وبحسب آخر الأرقام، فإن أكثر من 280 ألف مواطن غزي توجهوا إلى ما يزيد عن 92 مدرسة ومرفقًا تعليميًا تابعًا للأمم المتحدة، فيما نزح آلاف آخرون إلى المدارس الحكومية الموجودة في القطاع. وعلى الرغم من أن هذا اللجوء إلى المدارس قدم مأوىً آمنًا نسبيًا من القصف المباشر، إلا أنه خلق تحديات بالغة الصعوبة، فمدارس الأممالمتحدة والمرافق التعليمية أصبحت مكتظة باللاجئين، مما أجبر العائلات على مشاركة محدودة من المواد الغذائية والإمدادات. الحالة النفسية لأهالي القطاع في تدهور شهدت غزة أزمات نفسية متواصلة في السنوات الأخيرة، وبحسب تقرير نشرته منظمة "أنقذوا الأطفال" العام الماضي، فإن حالة الأطفال في قطاع غزة قد تدهورت بشكل كبير، حيث يعاني حوالي 88 % من الأطفال من اضطرابات عاطفية في عام 2022، بالمقارنة مع نسبة 55 % في الأعوام السابقة، ويشمل هذا التدهور زيادة في الاضطرابات النفسية مثل الخوف والقلق والحزن الشديد. ومع كل حرب أو صراع جديد في القطاع يتسبب في زيادة الأعباء النفسية على الأطفال والعائلات، وتحاول بعض المؤسسات غير الربحية مساعدة الأطفال على التعامل مع هذه الصدمات وتخفيف تأثيرها.