ليبيا ازمة مفتوحة على كل الاحتمالات تراوح مكانها تهدأ الامور أحيانا وتتصاعد المواجهات بأشكالها حتى العسكرية أحيانا أخرى ولكنها بلد غاب عنه الاستقرار يبحث عن حل ومخرج ولكن عوامل مختلفة تعيق التوصل اليه بعضها داخلى بين فرقاء ومكونات ورموز سياسية وآخرى خارجية لكثرة اللاعبين الدوليين والاقليميين بمصالحهم المتناقضة التى تنعكس سلبا على الداخل خاصة ويكفى ان آخر استحقاق انتخابى عاشته ليبيا عام 2014 ولعل الرصد الامين للأزمة الليبية فى الاسابيع الاخيرة يكشف عن تعدد وجوهها ولم تعد سياسية بل زادت الى وجوه آخرى متعددة نتوقف عند بعضها وهى كالتالى : الوجه الاول المخاوف من تجدد المواجهات العسكرية بعد ان نفت حكومة طرابلس انباء عن هجمات بطائرات مسيرة على قاعدة الخروبة الجوية الواقعة على بعد 150 كيلو عن بنغازى القوات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق الوطنى قالت انها تحترم وقف اطلاق النار الموقع عليه فى اكتوبر 2021 واعتبر رئيس الاركان اللواء محمد الحداد الامر بأنها محاولة لإشعال الحرب بين الاشقاء وتوريط ليبيا فى صراع إقليمى وفى نفس الاطار جاءت تصريحات المشير خليفة حفتر لقواته بالوقوف على أهبة الاستعداد لأى مهام يتم تكليفهم بها فى المرحلة القادمة وان كانت على خلفية حديثه عن قضيته اعادة توزيع عائدات النفط ومنح مهلة حتى اغسطس القادم لغلق هذا الملف ومن جهته حذر عبدالله باتيلى المبعوث الاممى لليبيا من دورة جديدة من العنف مالم يتم بحل الخلافات المتعلقة بالقوانين المنظمة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية الوجه الثانى ازمة توزيع الثروة : والتى تفاقمت فى الاونة الاخيرة وتهدد بانفجار واسع فحقيقة الازمة فى ان حقول النفط فى الشرق حيث تصل نسبة انتاجها حوالى 65 بالمائة بينما تقع كافة المؤسسات المالية فى الغرب البنك المركزى ومؤسسة النفط وفى ظل الخلافات السياسية ووجود حكومتين الاولى فى طرابلس معترف بها برئاسة عبدالحميد دبيبة وآخرى حكومة الاستقرار التى وافق عليها مجلس النواب برئاسة اسامة حماد والذى هدد بوقف وتصدير النفط والتى اعتبرتها الخيار الاخير اذا لم يتمكن الحارس القضائى من ممارسة عمله لدى المؤسسة والمصرف الليبى الخارجى وفرض الحظر الادارى على ايرادات النفط وسط اتهامات من حكومة الاستقرار للحكومة الوطنية بصرف مليارات بشكل مبالغ فيه فى إهدار المال العام واستغلال عائدات النفط فى شراء الولاءات فى الداخل والخارج من أجل البقاء فى السلطة وتنتج ليبيا مليونا و200 الف برميل بالاضافة الى حولى اثنين مليار و700 مليون قدم من الغاز يوميا ووقف الانتاج والضخ سيؤثر على انتاج الكهرباء كما قال وزير النفط الليبى محمد عون بالاضافة الى امكانية فقد المستوردين والذين سيبحثون عن جهات آخرى لتدبير احتياجاتهم وتفاقمت الازمة بعد دخول المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبى على خط الازمة حيث اشار الى ان مايحدث من نهب للمال العام لم يحدث فى التاريخ المعاصر لليبيا امام عجز الاجهزة الرقابية داعيا الى تشكيل لجنة عليا لادارة عائداتها خلال المدة القليلة المقبلة ومنح مهلة حتى اغسطس القادم لبدء عمل اللجنة وكشف عن ماوصفه بفساد يضرب مؤسسات الدولة بما يفوق 200 مليار دينار خلال عامين وفقا لتقارير دولية وكشف النقاب عن حصول الشركات الخاصة على اعتمادات بقيمة 10 مليارات دينار سبعة بالمائة منها للمنطقة الشرقية واثنان للجنوبية وهما معا مصدر انتاج النفط محذرا من تعثر عملها فسيكون الشعب فى الموعد للمطالبة بحقه وفى نفس الاطار أيد مجموعة من نواب طبرق يصل عددهم الى 73 عضوا أيدوا هذا التوجه وسعى حكومة الاستقرار للحجز على ايرادات النفط وان كان عدد منهم استنكر وضع اسمه فى القائمة وقد نفت حكومة الدبيبة تلك الاتهامات وقال ان 80 بالمائة من ايرادات النفط يتم توزيعها بشكل عادل ومباشر لجميع المواطنين ايرادات النفط تزيد عن 16 مليار دينار ليبى ومع ذلك فقد بدأت الحكومة تحركات ملحوظة للتعامل مع التهديدات الجدية بوقف ضخ النفط ومهلة اغسطس التى أعلن عنها المشير حفتر وكان من الملاحظ الاجتماع الذى عقده عبدالحميد دبيبة مع رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة للنأى على مبدأ الشفافية فى الانفاق الحكومى وتمكين المواطنين من مناطق البلاد جميعها من الاستفادة من عائداتها كما ناقش مسألة زيادة الانتاج وتطوير القطاع كما اجتمع مع محافظ مصرف ليبيا المركزى الصديق الكبير حيث دعى بضرورة الافصاح عن كل المصروفات الحكومية خلال العام الجارى وضرورة ان يشمل ذلك كل مؤسسات الدولة دون استثناء وقال ان مايزيد عن 80 بالمائة من الميزانية يذهب الى المواطنين مباشرة وقال هناك اتفاق بين وزارات المالية والتخطيط والمصرف لعرض كل المصروفات بشكل تفصيلى ليعرف المواطنون اين تذهب المخصصات المالية وفى محاولة لايجاد حل لنزع فتيل الازمة أصدر المجلس الرئاسى بتشكيل لجنة برئاسة محمد المنفى رئيس المجلس وفرحات بن قدارة نائبا له وعضوية 16 عضوا بينهم وزراء ومسئولون مهمتها اعتماد ترتيبات مالية ومتابعة الاتفاق الحكومى الى جانب ضمان توزيعه العادل ومتابعة الايرادات العامة وكفاءة تحصيلها وسلامة الانفاق الحكومى وكفاءته الوجه الثالث الخلاف حول قرار انشاء المحكمة الدستورية وقد بدأت الازمة منذ جلسة مجلس النواب الليبى فى 26 يونيو الماضى حيث تم بعدها الاعلان عن تصويت المجلس بالاجماع على اختيار رئيس واعضاء المحكمة الدستورية وفقا للقانون رقم 5 لسنة 2023 دون اشارة من المتحدث الرسمى من مجلس النواب عن عدد او اسماء الاعضاء الذين شاركوا فى التصويت الجلسة كانت سببا لازمة مزدوجه مع عدد من النواب من جهة ومجلس الدولة من جهة آخرى حيث شكك البعض فى دستوريتها وسط تهديد بمقاطعة جلسات المجلس من 47 نائبًا واعتبروا ان ماجرى خلالها غير دستورية وقالوا ان ماحدث لا يرقى لمستوى تشريع او قرار برلمانى واعلنوا انهم بصدد عقد جلسة تشاورية فى طرابلس يصدر عنها قرارات مصيرية مالم يتراجع مجلس النواب عن قراراته خاصة وان المحكمة العليا قضت بعدم دستوريتها الجلسة كانت سببا لازمة جديدة بين مجلس النواب والدولة بسبب تمسك الاول بقراره تشكيل أعضاء ورئيس المحكمة الدستورية حيث أعلن خالد المشرى تمسك المجلس بحكم دائرة الدستورية فى المحكمة العليا بعدم دستورية القانون رقم 5 الذى تم على اساسه الاختيار وارسل رسالة بهذ المعنى الى المستشار عقيلة صالح ودعى مجلس النواب الى التراجع واشار الى انه سيتخذ الاجراءات القانونية لمنع تنفيذه ومنها دعوته الى السلطة القضائية بالامتناع عن تطبيقه وكان المشرى فى ديسمبر الماضى قد أوقف التواصل بين المجلسين بعد إقرار مجلس النواب قانون إنشاء المحكمة وبعدها بأيام أعلن المشرى وصالح على اتفاقهما على عدم اصدار القانون الخاص باستحداث المحكمة الدستورية حتى لا يتعارض مع مخرجات القاعدة الدستورية وتتعدد الوجوه الفرعية لأزمات ليبيا خاصة على تشكيل حكومة موحدة مهمتها الاشراف على الانتخابات وسط مواقفة حكومة الاستقرار فى بنغازى ورفض حكومة الوفاق