كشفت بريطانيا عن مساعدة سرية قدمتها لأوكرانيا للتصدي للهجمات الإلكترونية الروسية التي نفت موسكو الاتهامات أنها نفذتها. وقال مسئولون انه لم يتم الإعلان عن تفاصيل الحزمة السرية البالغة 6 مليون جنية إسترليني من قبل لحماية الامن التشغيلي، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية. اقرأ أيضًا: بريطانيا: روسيا تنقل صواريخ باليستية إلى بيلاروسيا كرسالة للغرب وأفادت مصادر أمنية أن الهجمات الروسية المزعومة جاءت على شكل موجات وتسارعت في النصف الثاني من العام الماضي مع استعداد موسكو لبدء الهجوم. وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية عملت المملكة المتحدة عملت لفترة طويلة مع أوكرانيا في مجال الدفاع السيبراني لكنها تحولت إلى تقديم المساعدة المباشرة بعد الهجوم الروسي. وركزت المساعدة على العمل مع شركاء الصناعة لتوفير قدرات متخصصة في الطب الشرعي لاكتشاف الهجمات والتحقيق فيها بالإضافة إلى تقديم أجهزة وأنظمة أخرى لتعزيز الدفاعات. وصرح وزير أوروبا في مكتب الكومنولث الخارجي والتنمية (FCDO)، ليو دوتشيرتي: "لقد جلبنا بعضًا من خبرتنا للتأثير في مساعدتهم على الدفاع عما كان هجومًا يوميًا من الهجمات الإلكترونية من روسيا منذ بداية الغزو". وكشفت القيادة الإلكترونية للجيش الأمريكي مؤخرًا لبي بي سي عن الطريقة التي ساعدت بها في مطاردة الروس داخل الأنظمة الأوكرانية، على الرغم من انسحاب فريقهم بحلول وقت الهجوم في فبراير. وشمل ذلك استهداف الاتصالات عبر الأقمار الصناعية للدخول إلى الشبكات الحساسة واستخدام شبكات من الوكلاء على الأرض للوصول إلى الأنظمة الرئيسية، وتم العثور على أجهزة USB المصابة والتي تم إدخالها على ما يبدو في أجهزة الكمبيوتر في بعض الحالات، كانت هناك محاولات لتعطيل الوزارات والبنية التحتية. وكشف وزير الخارجية البريطاني، جيمس كليفرلي: "أن دعم المملكة المتحدةلأوكرانيا لا يقتصر على المساعدات العسكرية، فنحن نستفيد من الخبرة البريطانية الرائدة عالميًا لدعم الدفاعات السيبرانية لأوكرانيا"، وأضاف: "معًا، سنضمن هزيمة الكرملين في كل المجالات على الأرض وفي الجو وفي الفضاء الإلكتروني". وفي سياق متصل، في الأشهر الأولى من الحرب ، قيل أيضًا إن الفرق التي تدعمها المملكة المتحدة قد شاهدت استهداف روسي لقواعد البيانات التي تبحث عن معلومات التعريف الشخصية على مستوى القرية والمقاطعة والمدينة، والتي ربما كانت أجهزة استخبارات روسية تسعى لتحديد و تحديد موقع المسئولين. وعلى الأرض، تتواصل العملية العسكرية الروسية في الأراضي الأوكرانية لليوم 23 على التوالي، منذ بدايتها في 24 فبراير المنصرم. واكتسب الصراع الروسي منعطفًا جديدًا فارقًا، في 21 فبراير، بعدما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاعتراف بجمهوريتي "دونيتسك" و"لوجانسك" جمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا، في خطوةٍ تصعيديةٍ لقت غضبًا كبيرًا من كييف وحلفائها الغربيين. وفي أعقاب ذلك، بدأت القوات الروسية، فجر يوم الخميس 24 فبراير، في شن عملية عسكرية على شرق أوكرانيا، ما فتح الباب أمام احتمالية اندلاع حرب عالمية "ثالثة"، ستكون الأولى في القرن الحادي والعشرين. وقال الاتحاد الأوروبي إن العالم يعيش "أجواءً أكثر سوادًا" منذ الحرب العالمية الثانية، فيما فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حزمة عقوبات ضد روسيا، وصفتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأنها "الأقسى على الإطلاق". ومع ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "الناتو" يصران حتى الآن على عدم الانخراط في أي عملية عسكرية في أوكرانيا، كما ترفض دول الاتحاد فرض منطقة حظر طيران جوي في أوكرانيا، عكس رغبة كييف، التي طالبت دول أوروبية بالإقدام على تلك الخطوة، التي قالت عنها الإدارة الأمريكية إنها ستتسبب في اندلاع "حرب عالمية ثالثة". وفي غضون ذلك، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، في وقتٍ سابقٍ، إن اندلاع حرب عالمية ثالثة ستكون "نووية ومدمرة"، حسب وصفه. وعلى مسرح الأحداث، قالت وزارة الدفاع الروسية، في بداية العملية العسكرية، إنه تم تدمير منظومة الدفاع الجوي الأوكرانية وقواعدها وباتت البنية التحتية لسلاح الطيران خارج الخدمة. ولاحقًا، أعلنت الدفاع الروسية، يوم السبت 26 فبراير، أنها أصدرت أوامر إلى القوات الروسية بشن عمليات عسكرية على جميع المحاور في أوكرانيا، في أعقاب رفض كييف الدخول في مفاوضات مع موسكو، فيما عزت أوكرانيا ذلك الرفض إلى وضع روسيا شروطًا على الطاولة قبل التفاوض "مرفوضة بالنسبة لأوكرانيا". إلا أن الطرفين جلسا للتفاوض لأول مرة، يوم الاثنين 28 فبراير، في مدينة جوميل عند الحدود البيلاروسية، كما تم عقد جولة ثانية من المباحثات يوم الخميس 3 مارس، فيما عقد الجانبان جولة محادثات ثالثة في بيلاروسيا، يوم الاثنين 7 مارس. وانتهت جولات المفاوضات الثلاث دون أن يحدث تغيرًا ملحوظًا على الأرض. وقال رئيس الوفد الروسي إن توقعات بلاده من الجولة الثالثة من المفاوضات "لم تتحقق"، لكنه أشار إلى أن الاجتماعات مع الأوكران ستستمر، فيما تحدث الوفد الأوكراني عن حدوث تقدم طفيف في المفاوضات مع الروس بشأن "الممرات الآمنة". وقبل ذلك، وقع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، في 28 فبراير، مرسومًا على طلب انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي، في خطوةٍ لم تجد معارضة روسية، مثلما تحظى مسألة انضمام كييف لحلف شمال الأطلسي "الناتو". وقال المتحدث باسم الكرملين الروسي ديمتري بيسكوف إن الاتحاد الأوروبي ليس كتلة عسكرية سياسية، مشيرًا إلى أن موضوع انضمام كييف للاتحاد لا يندرج في إطار المسائل الأمنية الإستراتيجية، بل يندرج في إطار مختلف. وعلى الصعيد الدولي، صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الأربعاء 2 مارس، على إدانة الحرب الروسية على أوكرانيا، بموافقة 141 دولة على مشروع القرار، مقابل رفض 5 دول فقط مسألة إدانة روسيا، فيما امتنعت 35 دولة حول العالم عن التصويت. وفي الأثناء، تفرض السلطات الأوكرانية الأحكام العرفية في عموم البلاد منذ بدء الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية. وكانت روسيا، قبل أن تبدأ في شن عملية عسكرية ضد أوكرانيا، ترفض بشكلٍ دائمٍ، اتهامات الغرب بالتحضير ل"غزو" أوكرانيا، وقالت إنها ليست طرفًا في الصراع الأوكراني الداخلي. إلا أن ذلك لم يكن مقنعًا لدى دوائر الغرب، التي كانت تبني اتهاماتها لموسكو بالتحضير لغزو أوكرانيا، على قيام روسيا بنشر حوالي 100 ألف عسكري روسي منذ أسابيع على حدودها مع أوكرانيا هذا البلد المقرب من الغرب، متحدثين عن أن "هذا الغزو يمكن أن يحصل في أي وقت". لكن روسيا عللت ذلك وقتها بأنها تريد فقط ضمان أمنها، في وقت قامت فيه واشنطن بإرسال تعزيزات عسكرية إلى أوروبا الشرقيةوأوكرانيا أيضًا. ومن جهتها، اتهمت موسكو حينها الغرب بتوظيف تلك الاتهامات كذريعة لزيادة التواجد العسكري لحلف "الناتو" بالقرب من حدودها، في وقتٍ كانت روسيا ولا تزال تصر على رفض مسألة توسيع حلف الناتو، أو انضمام أوكرانيا للحلف، في حين تتوق كييف للانضواء تحت لواء حلف شمال الأطلسي.