span style="font-family:" Arial","sans-serif""فوجئ ممدوح فوزي – أمس - بالموت يدخل عليه، ويستفرد به في بيته، ويطلب منه روحه، فلم يتردد، وقدمها له بسخاء، وممدوح من أكرم الناس، لم يرد طلبا لإنسان في ضيافته أبدا، فما بالك لو كان ملاكا قادما من السماء، والدعوة من الله! span style="font-family:" Arial","sans-serif""أحدهم كتب خبر وفاته، وجميعا لم نصدقه، اتصلنا بممدوح - نفسه - لنطمئن على حياته، لكن هاتفه – لأول مرة – نجده مغلقا في وجوهنا، وكل منا اتصل بالآخر وهو غارق في الصدمة يسأله: * span style="font-family:" Arial","sans-serif""هو صحيح ممدوح فوزي مات؟! span style="font-family:" Arial","sans-serif""وحين تأكد الجميع من الفاجعة، انفجرت دموع الأصدقاء على صفحاتهم مصحوبة بصور ممدوح، وحكاياته معهم، ورسائله إليهم، وأشعاره التي لا يستطيع أن يقرأها إنسان إلا وذكر الله من شدة جمالها. span style="font-family:" Arial","sans-serif""اختار ممدوح أن يعيش حياته وسط الزحمة، ويموت وحيدا، خصص بيته للفنانين والكتاب والشعراء والصحفيين والبسطاء، يعرّف هذا على ذاك، ويحكي لذاك عن هذا، ويلضم الجميع بالمحبة، وكأنه يلضم مسبحة من الأحجار الكريمة في خيط واحد. span style="font-family:" Arial","sans-serif""وممدوح فوزي من أغزر المبدعين إنتاجا، يتنفس الهواء ويزفر الشعر، ولكنه من أقل الكتاب نشرا، لم يصدر إلا ديوانا واحدا، ولم يصدره إلا بعد إلحاح الأصدقاء وضغطهم عليه. span style="font-family:" Arial","sans-serif""أول ما سيلفت انتباهك في بيت ممدوح صورة "الشيخ ياسين التهامي" المعلقة، سيأخذك إليها بمجرد أن تدخل من عتبة البيت وتقول: «يارب ياساتر»، وعندما يشير إليه سوف يتحدث عنه بكلام معسول دون توقف، وأنت أيضا تتمنى ألا يصمت! span style="font-family:" Arial","sans-serif""وإذا كان ياسين التهامي على رأس الرجال الذين أحبهم ممدوح، فإن أمه "فاطمة" هي ست النساء في حياته، بفضل دعواتها اتفق الناس على محبته، وببركتها كانت تتيسر أموره، وكلما تعرف على صديق جديد أخبرها، فإن أذنت له استمر في معرفته، وإن لم تأذن – ونادرا ما تفعل - انقطع عنه للأبد! span style="font-family:" Arial","sans-serif""أما البنت التي عشقها ممدوح فوزي بإخلاص، وكلما نطقت اسمها أمامه اهتز من فرط الهيام، وتوسط وجهه ابتسامة جاذبة، وترقرقت في عيونه دموع الفرحة فهي ابنته الوحيدة "ضي". span style="font-family:" Arial","sans-serif""بقلب فاطمة الحلو الذي يفتح ذراعيه للبشر والحجر والطير والشجر، وبعيون "ضي" البريئتين، عاش ممدوح فوزي، يرصد الجمال في كل شخص يقابله، ويصادق المباني والشوارع، ويتحول إلى شجرة إذا صادف في طريقه عصفورا يبحث عن عش. span style="font-family:" Arial","sans-serif""لم يترك ممدوح فوزي ثروة طائلة لابنته الوحيدة "ضي"، بل ما هو أعظم من كنوز الدنيا الزائلة، ترك لها محبة الناس الدائمة لوالدها، وعطفه على الفقراء، وبرّه بالأصدقاء، وعشقه الكبير للإنسانية والفن. span style="font-family:" Arial","sans-serif"""ضي" تبكي أبيها اليوم، ولن يستطيع أحد أن يعوضها عنه، وسوف تحزن عليه حتى تلحق به، فهل سنسدد ديون المحبة لابنته ؟ّ!.. أم أن ضي سوف تكون شاهدة على نكراننا وعقوقنا لممدوح فوزي بعد موته؟!