«المركزي»: ارتفاع ودائع العملاء بالبنوك إلى 10,6 تريليون جنيه بنهاية فبراير    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء في القطاع إلى 37202 منذ بداية الحرب الإسرائيلية    الداخلية البحرينية: قوات الدفاع المدني تواصل إخماد حريق سوق المنامة القديم    بعد فوز السويس وسبورتنج.. تعرف علي ترتيب دورة الترقي للممتاز    "اليوم" يستعرض معايير انضمام شباب السياسيين لتنسيقية الأحزاب    فيفا يعلن جدول 103 مباريات فى كأس العالم 2026 وأماكن التدريب ب25 مدينة    مدارس بديلة للثانوية العامة لطلاب الإعدادية 2024 .. 35 مدرسة تقبل من 140 درجة    بقيادة رونالدو.. 5 نجوم يخوضون كأس أمم أوروبا لآخر مرة في يورو 2024    عقب تبادل إطلاق النار.. ضبط بؤرة إجرامية شديدة الخطورة بأسيوط ومصرع عنصريين إجراميين    الهروب من الحر إلى شواطئ مطروح قبل زحام العيد وارتفاع نسب الإشغال.. فيديو    استنونا.. نور إيهاب تروج ل مسرحية "ميمو"    بابا الشغلانة.. سعد الصغير يطرح أحدث أغانيه (فيديو)    نائب مدير فرع التأمين الصحي بالشرقية يتفقد عيادة ههيا    ابتعدوا عنه في عيد الأضحى.. 7 مخاطر لتناول هذا النوع من اللحوم    الكويت.. ارتفاع عدد ضحايا حريق الأحمدي إلى 49    موعد خضوع نجم الزمالك لجراحة الرباط الصليبي    أسعار فائدة شهادات البنك الأهلي اليوم الاربعاء الموافق 12 يونيو 2024 في كافة الفروع    أفضل الأدعية وتكبيرات العيد مكتوبة.. أدعية يوم عرفة 2024    خالد الجندي للمصريين: اغتنموا فضل ثواب يوم عرفة بهذه الأمور (فيديو)    أوكرانيا تصد هجمات جوية روسية شديدة على كييف    كشف غموض مقتل سيدة مسنة داخل شقتها بشبرا الخيمة    أبو الغيط يدعو إلى هدنة فورية في السودان خلال عيد الأضحى المبارك    بشأن «تصريح مزاولة المهنة للأجانب».. نقيب الأطباء يشارك في اجتماع «صحة الشيوخ» (تفاصيل)    لطلاب الثانوية العامة.. شروط الالتحاق بالكلية العسكرية التكنولوجية ونظام الدراسة    محافظ الغربية يستقبل الأنبا أغناطيوس أسقف المحلة للتهنئة بعيد الأضحى    الدنماركي بريسك يخلف سلوت في تدريب فينورد    استجابة ل«هويدا الجبالي».. إدراج صحة الطفل والإعاقات في نقابة الأطباء    72 عامًا من العطاء    صحة غزة: ارتفاع إجمالي الشهداء إلى 37 ألفًا و202 أشخاص    بلغت السن المحدد وخالية من العيوب.. الإفتاء توضح شروط أضحية العيد    بلينكن: نعمل مع شركائنا فى مصر وقطر للتوصل لاتفاق بشأن الصفقة الجديدة    اتحاد الكرة يرد على رئيس إنبى: المستندات تُعرض أثناء التحقيق على اللجان وليس فى الواتساب    محافظ المنيا يشدد على تكثيف المرور ومتابعة الوحدات الصحية    مبابي: أحلم بالكرة الذهبية مع ريال مدريد    القوات المسلحة توزع كميات كبيرة من الحصص الغذائية بنصف الثمن بمختلف محافظات    بالأسعار.. طرح سيارات XPENG الكهربائية لأول مرة رسميًا في مصر    الجلسة الثالثة من منتدى البنك الأول للتنمية تناقش جهود مصر لتصبح مركزا لوجيستيا عالميا    هيئة الدواء تعلن تشكل غرفة عمليات لمتابعة وضبط سوق المستحضرات الطبية في عيد الأضحى    مواعيد تشغيل القطار الكهربائي الخفيف ART خلال إجازة عيد الأضحى 2024    أسماء جلال تتألق بفستان «سماوي قصير» في العرض الخاص ل«ولاد رزق 3»    جامعة سوهاج: مكافأة 1000 جنيه بمناسبة عيد الأضحى لجميع العاملين بالجامعة    مساعد وزير الصحة لشئون الطب الوقائي يعقد اجتماعا موسعا بقيادات مطروح    عفو رئاسي عن بعض المحكوم عليهم بمناسبة عيد الأضحى 2024    وزير الإسكان يوجه بدفع العمل في مشروعات تنمية المدن الجديدة    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لصفقة الطرح المسوّق بالكامل لشركة «أرامكو» بقيمة 11 مليار دولار في سوق الأسهم السعودية    «الأوقاف» تحدد ضوابط صلاة عيد الأضحى وتشكل غرفة عمليات ولجنة بكل مديرية    رئيس جامعة أسيوط يفتتح صيدلية التأمين الصحي لمرضى أورام الأطفال    "مواجهة الأفكار الهدامة الدخيلة على المجتمع" ندوة بأكاديمية الشرطة    رئيس الحكومة يدعو كاتبات «صباح الخير» لزيارته الحلقة السابعة    «الخدمات البيطرية» توضح الشروط الواجب توافرها في الأضحية    "مقام إبراهيم"... آية بينة ومصلى للطائفين والعاكفين والركع السجود    اليونيسف: مقتل 6 أطفال فى الفاشر السودانية.. والآلاف محاصرون وسط القتال    حبس شقيق كهربا في واقعة التعدي علي رضا البحراوي    النمسا تجري الانتخابات البرلمانية في 29 سبتمبر المقبل    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    «اتحاد الكرة»: «محدش باع» حازم إمام وهو حزين لهذا السبب    نجم الأهلي السابق: مجموعة منتخب مصر في تصفيات كأس العالم سهلة    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 12-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. محمود عطية يكتب: متعة التسول..!
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 31 - 08 - 2022

« ثم ينتقل لعربة أخرى بالمترو بمنتهى السلاسة والخفة ليفسح المجال لامرأة تحمل طفلا وتبكى بحرقة..»
الجمعة:
وسط لهيب الحر
علماء النفس يدركون مدى تعقد النفس الإنسانية ويؤكدون أنه لا شيء يخلو من متعة فى حياة الإنسان .. ولذلك لم يستشعروا حرجا فى القول بأن البنى آدم يجد متعه أحيانا فى تلقى العذاب من الآخرين ويرغب فى المزيد منه.. وحالة التمتع بالعذاب مرصودة فى كتب الأمراض النفسية تحت اسم المازوشية، والمتابع البسيط لأحوال ومستجدات الشارع المصرى لا يجد صعوبة فى رصد هجمة تسوليه «شحاته» مستعرة وسط لهيب الحر الذى يكاد يشوى الوجوه مما يجعلنا نجزم بأن التسول فى هذه الحالة هو إحد تجليات المازوشية..
كما أن المتسول لايجد غضاضة فى التعرض لازدراء الآخرين وتلقى الاهانة.. وتجده يستعذب ما يحدث له بصدر رحب وكأنه يتلذذ باسقاط «برقع الحياء» كما يردد التعبير الشعبى.. ويتفنن فى استعمال أدوات بدائية يشوه بها وجهه ويرتدى ملابس رثة وممزقة لإتقان تسوله.. ومنهم من يظل بملابسه الأنيقة حتى يبدو كأنه يجابه ضيقا ماليا حديثا..ومن يرفع روشتات دوائية ادّعاء بأنه مريض..ولا يجدون حرجا فى استغلال الأطفال وذوى الهمم فى التسول لمزيد من الابتزاز العاطفى.
الأحد:
حلوان المرج
غالبا ما استخدم مترو الأنفاق فى تنقلاتى نظرا لسرعته وانضباطه ..لكن ما ينغص عليا ارتياده أن عربات مترو الأنفاق باتت مكانا مفضلا لأرباب التسول والباعة الجائلين وخاصة «خط حلوان المرج» فى الفترة المسائية والأشد غرابة أن عدد المتسولين والباعة فى ازدياد لا ينقطع يكاد يفوق عدد الركاب .. وتتنوع طرق التسول والشحاته مما يقطع بأنها تجارة رائجة وممتعة.. والا ما كان ذلك الإقبال عليها رغم الحر الشديد والعرق والاجهاد.. وتجد كل الأعمار من بداية الطفولة حتى الكهولة.
وليس مستغربا أن ترى داخل عربة المترو «متسول شاب» ممسكا بروشته فى الغالب مضروبة ويتدلى منه كيس دم وهو يردد انه فى حاجة لمجموعة أدوية وعملية سريعا..
ولا تتعجب كيف خرج من المستشفى بهذه الهيئة.. ثم ينتقل لعربة أخرى بالمترو بمنتهى السلاسة والخفة ليفسح المجال لامرأة تحمل طفلا وتبكى بحرقة لأنها تريد شراء لبن لطفلها وزوجها عاجز بالمنزل وصغارها ينتظرونها لتحضر لهم الطعام..
ومن بعد يأتى طفل دون العاشرة ومعه عدة مصاحف بحجم اصبع اليد وبحركة منتظمة مستقيمة يبدأ فى توزيع المصاحف على حجر الجالسين بالمترو دون التفوه بأى كلمة.. ثم يدور عليهم ليجمعها أو يأخذ وهبتها كما يردد..
ثم تصعد امرأة أو رجل يسير ببطء داخل عربات المترو بملابس رثة بلون تراب الأرض الممزج بالماء وتفوح منه رائحة تزكم الأنوف ويردد عبارات تسوليه مليئة بالتهديد والوعيد لنا إن لم نعطه «..يارب ما يحرمك من عينك وعفيتك.. يارب ما تشوفش حاجة وحشه فى اولادك.. مايحرمك من نظرك.. يرجعك لبيتك سليم لأولادك.. يبعد عنك ولاد الحرام.. ما يشمت فيك العدوين» وبالطبع يقشعر بدنك وتطلب النجاة بما تجود به..!
وتجد صورة مستحدثة من التسول على باب محطات المترو تصطدم بطفل أو طفلة منكبة على كراسة وبجانبها علبة مناديل وكتاب وكأنها تكتب الواجب المدرسى.. صورة تبتزك عاطفيا بهذا التسول الحضارى..ثم هناك المتسول الجالس على قارعة الطريق ومن تجلس على الرصيف وتسلط عليك ابنتها الصغيرة – متسولة تحت التمرين غالبا- والبنت لازقه فى رجلك ولن تتركك حتى تبعد عنك رزالتها بأى فكه، وتحاول الفرار منها لكنها فى كعبك..
واشكال التسول متعددة ويجرى تحديثها بشكل يكاد يومي.. ويبدو انه لا كساد للتسول كحرفة فى القريب لانه متعة بما يحققه من اللف كسياحة داخلية والمكاسب المالية الوفيرة بلا عناء.. وحين تخرج من محطة المترو تصادف نوعا آخر من التسول وهو «تسول المقشة» وهم بعض من كناسى الميادين والشوارع ببدلهم الزرقاء ينظرون إليك بصعبانية مرددين كود التسول الخاص بهم «كل سنة وانت طيب» وهى عبارة يفهمها كل لبيب بالاشارة.
الثلاثاء:
التسول إلكترونيا
وكنت اظن - وليت ظنى كان إثما - أن التسول مجاله الحيوى الطرقات ووسائل المواصلات لكنه ولج عصر الفضاء الإلكترونى بكل اخلاص من خلال شبكات التواصل الاجتماعى.. واحدث تسول تم رصده وضبطه كان بطله نصاب «أرارى» يملك خبرة مزدوجه فى التسول والنصب..فقد قام بإنشاء موقع إلكترونى لتسويق منتجات دوائية وتلقى ثمنها مسبقا من ضحاياه واستولى على أموالهم، وعلى شبكة أخرى قام بدعاء مرضه الشديد وحاجته الماسة لإجراء عمليات جراحية ويستجدى مساعدات إنسانية..وبالفعل انهالت عليه تبرعات.. وحين فاحت رائحته تم تقنين الاجراءات القانونية من قبل الإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة، بالتنسيق مع قطاع الأمن الوطنى وامكن تحديد موقعه.. وضبط بحوزته 17 شهادة طبية «مزورة» باسمه تفيد بإصابته بالعديد من الأمراض منسوبة لعدد من المستشفيات ممهورة بخاتم مزور لشعار الجمهورية ، وتبين أن ما تحصل عليه من التسول بلغ حوالى 6 ملايين جنيه.. وامرأة أخرى تم ضبطها تستخدم رسائل واتس اب وماسنجر» لجمع أموال لعلاج أمها المريضة بالسرطان وتبين أن أمها ليست على قيدالحياة..!
الخميس :
المستريح متسولا
وترتقى حرفة التسول لتجد أرضا بكرا وضحايا جددا وتتخفى تحت اسم «المستريح» وهى طريقة تسوليه لجمع الأموال وتوظيفها تستغل الجشع والجهل .. وتسعى إلى الأموال دون استجداء وبكل لهفة تضع تحويشة العمر بين يديه ما بين راغب فى جنى مزيد من المال أو خائف من فتاوى أموال البنوك..ويجهر المتسول أى المستريح بإعلانه عن أرباح تفوق التجارة والبنوك..فيضع الجميع أمواله وهم على قلب رجل واحد داخل «عب المستريح»..وببساطة كأى متسول جاءه المال دون كد أو عمل.. وخلال شهور قليلة نسمع صرخات الضحايا..والمثير ان «مستريح جديد» يظهر كل فترة.. وينسب لقب المستريح لأول متسول ظهر باسم «احمد المستريح» وكان قد استولى على 30 مليون جنيه..ثم تكاثر المستريح فى قرى وصعيد مصر ..
فمستريح بالمنوفية تمكن من حصد 200 مليون جنيه..وآخر بالسويس تمكن من الاستيلاء على 40 مليون جنيه ..وكأننا مخدرون ولانتابع قصص نصبهم عبر أجهزة الإعلام للتصدى لظاهرة المستريح المبطنة بغلاف توظيف الأموال فى مشاريع تدر أرباحا خيالية..لكن النهاية مع المستريح دائما محزنة..!
وعلى حد معلوماتى فإن قانون التسول صدر فى القرن الماضى وتحديدا عام 1933 ولم يظهر تعديل له أو قانون جديد يواكب الأشكال الجديدة للتسول ولتتدخل الحكومة لردع من تسول له نفسه النصب على المواطنين بالتسول خاصة أن آثاره سلبية على الاقتصاد القومى ويضعف الثقة بالمحتاج الحقيقي، ويقلل من التكافل الاجتماعي، كما يخلق فئة خاملة عاطلة عن العمل مما يمثل عبئا على المجتمع وزيادة معدلات الجريمة .. لماذا لا تخصص شرطة لمكافة تلك الظاهرة وتقوم بضبط أى متسول وتتحقق هل له مصدر دخل.. وإذا كان بلا دخل ومحتاج فعلى الحكومة ان توفر عملا له اذا كان قادرا أودخلا إذا كان غير قادر.
السبت:
وعلى كل لون
وعبر الإنترنت فى «بوابة دار المعارف» قرأت ملخص دراسة حديثة ترصد الوانا للتسول منها ثمانية أشكال: التسول الصريح وفيه يستجدى المتسول المال، ويتم عن طريق ارتداء ملابس رثة ومتسخة أو مد اليد للناس المارة فى الشوارع أو إظهارِ عاهة مستديمة لدى المتسول..
تسول غير المباشر وفيه يتستر المتسول خلف خدمات رمزية يقدمها للناس؛ كدعوتهم واستجدائهم لشراء بعض السلع الخفيفة كالمناديل الورقية أو مُمسح زجاج السيارات أو الأحذية وغيرها..
التسول الإجبارى وفيه يجبر المتسول على ممارسة هذا الفعل كحالات إجبار الأطفال على ذلك بأنواع ضغوط مرفوضة إنسانيا تسوقهم إلى القيام بالتسول الاختيارى وهو بالرغبة وليس بالاجبار وفيه يكون المتسول يسير وراء رغبته فى كسب المال..
ثم هناك التسول الموسمى ويزدهر فى الأعياد والمواسم وشهر رمضان..
وهناك تسول عارض ويكون لظروف طارئة حلت بالشخص؛ كمن ضل طريقه أو أضاع أمواله فى الغربة.. و»تسول الجانح» ، وهو المصحوب بأفعال إجرامية كالسرقة لتغطية التسول، فضلاً عن وجود أسباب لتزايد الظاهرة منها زيادة معدلات الفقر والبطالة.. والرغبة فى متعة التسول.
بعض مما قيل:
الأغنياء الذين يعتقدون الفقراء سعداء ليسوا أكثر غباء من الفقراء الذين يعتقدون أن الأغنياء سعداء.
«مارك توين»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.