بقلم : محمد سرساوى بدأت فكرة هذا الكتاب عندما أجرى الكاتب الصحفى حمدين حجاج حوارا مع الموسيقار الكبير محمد سلطان، يلقى الضوء على عدة محطات من حياة هذا الفنان القدير، الأمر الذى دفع الكاتب الصحفى محمد توفيق -بعد أن قرأ هذا الحوار- إلى اقتراح إعداد كتاب عن حياة الموسيقار محمد سلطان وزوجته كروان الشرق المطربة الكبيرة الراحلة فايزة أحمد، وهكذا ولد كتاب «فايزة وسلطان..عشنا عمرنا أحباب» الصادر عن دار ريشة.. ويتحدث «حمدين» عن بداية سلطان حين قابل موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب الذى انبهر بعزفه على البيانو، وطلب من سلطان مقابلة أهله وقال لهم: هذا الطفل هو الذى جاء بى إلى هنا، لأوصيكم عليه، غدا لأنه سيصبح مثلى بل أفضل منى، سيكون له مستقبل عظيم. ويحكى المؤلف عن ميلاد فايزة أحمد فى لبنان عام 1934، ويرصد كيف اكتشفت والدتها موهبتها حيث دعت ربها أن تصير ابنتها مثل أم كلثوم، وكيف علمها الموسيقى حبيب الدين تأدية فن الموشحات والتراتيل الدينية، وكيف انضمت إلى الإذاعة اللبنانية. وكانت أولى أغانيها «ليه تخونى؟»، وكذلك أول «دويتو» غنانى بصحبة جارة القمر فيروز-التى كانت تعمل ضمن كورال الإذاعة- وكانت الأغنية من ألحان حليم الرومى، بعدها انتقلت فايزة إلى الإذاعة المصرية، وكانت أولى أغانيها باللهجة المصرية «أنا قلبى إليك ميال» من ألحان محمد الموجي. وبدأت تجربتها مع الملحن بليغ حمدى بأغنية «ما تحبنيش بالشكل ده».. ويحكى الموسيقار الكبير كيف قابل فايزة أول مرة فى بيت الفنان الكبير الراحل فريد الأطرش ثم تطورت علاقتهما مع الأيام ويقول:« تقابلنا معا، ووجدت فايزة وقد تحولت من كروان إلى صقر جارح ينتظر فريسته للانقضاض عليها. فقد رأيتها تبكى بمرارة قبل أن تتوقف دموعها للحظات لتحدثنى بلهجة حادة: أنا سمعتى بقت فى الأرض، وأنا أهم شىء عندى اسمى وفنى وللأسف أنت لا تخاف علي! وقتها لم أدر ماذا أفعل، ولا بماذا أرد؟ فقط حاولت التخفيف من آثار الحزن الذى بدا على وجهها، فوجدتها قد صمتت فترة ثم استأنفنا الحديث، وغيرنا الكلام إلى موضوعات أخرى، وفى اليوم التالى دعتنى إلى مصاحبتها فى جولة للتسوق وشجعتنى على الخروج معها بقولها: تعالى معي... أنت ذوقك حلو، فذهبت، وحين انتهت من شراء احتياجاتها، وبمجرد ركوبنا السيارة، وجدتُها تبكى مرة أخرى، لكن بحرقة موجعة، فسألتها عن سر بكائها، فأجابت: أنت قضيت علي... كل الناس تعيد وتزيد عن علاقتنا، فقلت لها على الفور: طيب تتجوزيني؟! اندهشت ثم ردت: هل تتكلم جد؟... كيف أنت لا تحبنى؟!، فقلت: سأحبك... سأظل!، وذهبنا إلى الشهر العقارى لعقد القران لأنها غير مصرية، وبعد أن كتبنا الكتاب وجدتها تبكى مجددا فسألتها عن سبب البكاء فأوضحت: من الفرحة. فعقبت: المفروض تضحكى من الفرحة... فردت: بصراحة أبكى لأنك لا تحبنى!، حقا لم أكن أحبها! ولم أكن أنوى الزواج منها مطلقا، فعلاقتنا كانت فى حدود العمل والصداقة، لكنى طمأنتها مبينا أننى لن أندم، لكنى فعلا أنا لست مغرما بك بل استلطفك وأعجب بأخلاقك وتدينك وسعيد بأنك إنسانة تعرفين ربنا»، ويواصل الموسيقار الكبير حكيه قائلا: لذلك فى ساعات الصفاء حين استرجع ذكريات. أيامى الماضية أتعجب كيف جمعنى الهوى والحب مع «فايزة» دون سابق ترتيب، بوادر إعجاب، لكن بعد أن يغلبنى التفكير وتحيرنى العلل، أردد مع نفسى أن هذا التعارف لم يكن ليتم إلا تنفيذا لمشيئة الله فى لوحه المحفوظ وأمره حين يقول للشيء كن فيكون. نتائج المقارنة تظهر أن مبرراتى نحو رفض الارتباط بها أكثر من دوافعى للقبول، وبالتفكير بعقلانية فى أمر تلك العلاقة أجد ميزان علاقتنا غير متساو؛ فهى سيدة كانت متزوجة من قبلى، ولم تكن تتمتع بجمال فائق، فقط بدا لشخصيتها سحر وتأثير على الذى يعرفها ويقترب منها، وأعترف بأننى واحد من الذين تأثروا بهذا السحر كملحن، قبل أن يأسرنى لاحقا كزوج ومحب، وقد وجه الله قلب فايزة إلى حبي، ثم أمال فؤادى إليها لاحقا، فتولدت أحاسيس الحب بيننا، وتوهج العشق داخلنا. وعندما أيقنت صدق حبها أضاء على الفور مشعل الزواج. اقرأ أيضا | محمد بغدادى يكتب : مكالمة أخيرة.. ولقاء