وجهت محكمة جنايات المنصورة برئاسة المستشار بهاء الدين المري، قبل النطق بالحكم في قضية مقتل طالبة جامعة المنصورة نيرة أشرف على يد زميلها المتهم محمد عادل عدة رسائل للأسر المصرية وكافة أطياف المجتمع للحث على التربية وتقويم النشئ .. صيحات أطلقتها المحكمة من داخل أحد صروح العدالة الناطقة باسم الحق والعدل من أجل الحفاظ على الأخلاق والتسامح رسالة المحكمة للمجتمع: قبلَ النُطقِ بما انتهت إليهِ المُداولة، تُقدمْ المَحكمةُ بكلمَةٍ إلى المجتمعْ، تَراها في هذا المَقامِ واجبة: دُنيا مُقبلةٌ بزخَارفِها، وإنسانٌ مُتكالبٌ على مَفاتِنها. ماديةٌ سَيطرَت، فاستلبَت العُقولَ وصارَ الإنسانُ آلة. يَقينٌ غابَ، وباطلٌ بالزَّيف يَحيَا، وتَفاهاتٌ بالجَهر تَتواتَر. وبَيتٌ غابَ لسببٍ أو لآخر. والمؤنسِاتُ الغالياتُ صِرن في نظر المَوتُورينَ سِلعة، والقواريرُ فَواخير. ونَفسٌ تَدثَرت برداءِ حُبٍ زائفٍ مَكذوب. تأثرت بثقافةِ عَصر اختَلطت فيه المَفاهيمُ. الرغبةُ صَارت حُبًا، والقتلُ لأجلهِ انتصارًا، والانتقامٌ شَجاعةً، والجُرأةَ على قِيَم المُجتمع وفُحشِ القَولِ والعلاقاتُ المُحرَّمةُ، تُسمَّى حُريةً مَكفولة. ومن هذا الرَّحم وُلدَ جَنينًا مُشوَهًا. وَقُودُ الأمَّةِ صارَ حَطبَها. باتَ النشءُ ضَحيةَ قُدوةٍ مُشوهة، وثقافاتٍ، مَسمُوعةٍ ومَرئيٍّةٍ ومقروءة، هذا هو حالُها. ومن فَرْطِ شُيوعهِ، واعتباره من قبلِ كثيرين كشفًا لواقع، زُيِّنَ لهم فَرأَوهُ حَسنًا، فكان جُرمِ اليوم له نِتاجَا. أفََتذهبُ نَفسُنا عليهم حسَرات؟! إنَّ هذا الخَللَ، إنْ لم نأخذ على أيدي المَوتورينَ ومُروِّجيهِ؛ استفحَلَ ضَرَرُه، وعَزَّ اتقاءُ شَرِّه، واتسَع الرَّتقُ على الراتق. ولكلِّ ما تَقدمَ، تُطلِقُ المَحكمةُ صَيحَة: يَا كُلَّ فِئاتِ المُجتمعِ لابُدَّ مِن وَقفَة. يا كُلَّ مَن يَقْدرُ على فِعلِ شَيءٍ هَلُمُوا. اِعقدوا مَحكمةَ صُلحٍ كُبرَى بين قُوَى الإنسانِ المُتابينةْ، لنُنَمِّيَ فيهِ أجملَ ما فيه. أعيدُوا النَشءَ المُلتوي إلى حَظيرةِ الإنسانية. عَلِموهُم أنَّ الحبَّ قَرينُ السلامْ، قَرينُ السَكينةِ والأمانْ، لا يَجتمعُ أبدًا بالقتلِ وسَفكِ الدماء. أنَّ الحبَّ ريحٌ من الجَنةِ، وليس وَهَجًأ من الجَحيم. لا تُشوهوا القُدوةَ في مَعناها فتَنحلَّ الأخلاقْ. عَظِمُوها تَنهضُ الأمَّة. هكذا يكونُ التناولَ، بالتربيةِ، بالموعظةِ الحَسنَةِ، بالثقافةِ، بالفَنِون، بمنهجٍ تكونُ الوَسَطَيةُ وسيلتَه، والتَسامُحُ صِفتَه، والرُشدُ غايَتَه. اقرأ أيضا| 28 يونيو.. الحكم على يحيى موسى و9 آخرين بقضية «كتائب حلوان» رسائل المحكمة إلى الأسر المصرية: وإلى الآباء والأمهات نقول: لا تُضيِّعوا من تَعُولون. صَاحِبُوهم، ناقِشُوهُم، غُوصُوا في تفكيرهم. لا تتركُوهُم لأوهامِهم. اغرسُوا فيهم القِيَم. رسالة إلى القاتل وإلى القاتلِ نقول: جئتَ بفعلٍ خَسيس هزَّ أرضًا طيبةً أَسَرَت لويس. أَهرَقتَ دَمًا طاهرًا بطعَناتِ غَدرٍ جَريئة. ذبَحتَ الإنسانيةَ كلها، يومَ أنْ ذبَحَتَ ضَحيةً بريئة. إنَّ مَثَلَكَ كمَثلِ نَبتٍ سامٍ في أرضٍ طيبة. كُلما عَاجَلَهُ القَطعُ قبلَ أن يَمتدَ، كان خيرًا للناسِ وللأرضِ التي نَبتَ فيها. ونعودُ إلى الدعوى: بعد مُطالعة الأوراقِ، وسماع المرافعةِ الشفويةِ والمُداولةْ، فقد اطمأنَّ وجدانُ المحكمةِ تمامَ الاطمئنانِ، وبالإجماع، إلى إعمالِ نصِّ الفقرةِ الثانيةِ من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية.. لذلك قررت المحكمةُ، وبإجماع الآراء إرسالَ أوراقِ القضيةِ إلى فضيلةِ مفتي الجمهورية، لأخذ الرأي في إنزالِ عقوبة الإعدام بالمتهم. وحددت للنطق بالحكمِ جلسة يوم الأربعاء الموافق السادس من شهر يولية 2022.