تقدمت محكمة جنايات المنصورة الدائرة الرابعة، برئاسة المستشار بهاء الدين المري، رئيس المحكمة، بكلمَةٍ إلى المجتمعْ قبلَ النُطقِ بالحكم على المتهم بقتل طالبة المنصورة نيرة أشرف. حيث قالت المحكمة، "قبلَ النُطقِ بما انتهت إليهِ المُداولة، تُقدمْ المَحكمةُ بكلمَةٍ إلى المجتمعْ، تَراها في هذا المَقامِ واجبة "دُنيا مُقبلةٌ بزخَارفِها، وإنسانٌ مُتكالبٌ على مَفاتِنها، وماديةٌ سَيطرَت، فاستلبَت العُقولَ وصارَ الإنسانُ آلة، ويَقينٌ غابَ، وباطلٌ بالزَّيف يَحيَا، وتَفاهاتٌ بالجَهر تَتواتَر، وبَيتٌ غابَ لسببٍ أو لآخر، والمؤنسِاتُ الغالياتُ صِرن في نظر المَوتُورينَ سِلعة، والقواريرُ فَواخير، ونَفسٌ تَدثَرت برداءِ حُبٍ زائفٍ مَكذوب. تأثرت بثقافةِ عَصر اختَلطت فيه المَفاهيمُ.
واستكملت المحكمة كلمتها ب "الرغبةُ صَارت حُبًا، والقتلُ لأجلهِ انتصارًا، والانتقامٌ شَجاعةً، والجُرأةَ على قِيَم المُجتمع وفُحشِ القَولِ والعلاقاتُ المُحرَّمةُ، تُسمَّى حُريةً مَكفولة، ومن هذا الرَّحم وُلدَ جَنينًا مُشوَهًا، وَقُودُ الأمَّةِ صارَ حَطبَها، وباتَ النشءُ ضَحيةَ قُدوةٍ مُشوهة، وثقافاتٍ، مَسمُوعةٍ ومَرئيٍّةٍ ومقروءة، هذا هو حالُها، ومن فَرْطِ شُيوعهِ، واعتباره من قبلِ كثيرين كشفًا لواقع، زُيِّنَ لهم فَرأَوهُ حَسنًا، فكان جُرمِ اليوم له نِتاجَا، أفََتذهبُ نَفسُنا عليهم حسَرات؟!، إنَّ هذا الخَللَ، إنْ لم نأخذ على أيدي المَوتورينَ ومُروِّجيهِ؛ استفحَلَ ضَرَرُه، وعَزَّ اتقاءُ شَرِّه، واتسَع الرَّتقُ على الراتق.
وأوضحت المحكمة كلمتها قائلة " ولكلِّ ما تَقدمَ، تُطلِقُ المَحكمةُ صَيحَة، يَا كُلَّ فِئاتِ المُجتمعِ لابُدَّ مِن وَقفَة، يا كُلَّ مَن يَقْدرُ على فِعلِ شَيءٍ هَلُمُوا، اِعقدوا مَحكمةَ صُلحٍ كُبرَى بين قُوَى الإنسانِ المُتابينةْ، لنُنَمِّيَ فيهِ أجملَ ما فيه، أعيدُوا النَشءَ المُلتوي إلى حَظيرةِ الإنسانية، عَلِموهُم أنَّ الحبَّ قَرينُ السلامْ، قَرينُ السَكينةِ والأمانْ، لا يَجتمعُ أبدًا بالقتلِ وسَفكِ الدماء، أنَّ الحبَّ ريحٌ من الجَنةِ، وليس وَهَجًأ من الجَحيم، لا تُشوهوا القُدوةَ في مَعناها فتَنحلَّ الأخلاقْ، عَظِمُوها تَنهضُ الأمَّة، هكذا يكونُ التناولَ، بالتربيةِ، بالموعظةِ الحَسنَةِ، بالثقافةِ، بالفَنِون، بمنهجٍ تكونُ الوَسَطَيةُ وسيلتَه، والتَسامُحُ صِفتَه، والرُشدُ غايَتَه.
كما وجهت المحكمة كلمة إلى الآباء والأمهات " لا تُضيِّعوا من تَعُولون، صَاحِبُوهم، ناقِشُوهُم، غُوصُوا في تفكيرهم، لا تتركُوهُم لأوهامِهم، واغرسُوا فيهم القِيَم.
بينما وجه رئيس المحكمة كلمة إلى القاتلِ وقال له: " جئتَ بفعلٍ خَسيس هزَّ أرضًا طيبةً أَسَرَت لويس، أَهرَقتَ دَمًا طاهرًا بطعَناتِ غَدرٍ جَريئة، وذبَحتَ الإنسانيةَ كلها، يومَ أنْ ذبَحَتَ ضَحيةً بريئة، إنَّ مَثَلَكَ كمَثلِ نَبتٍ سامٍ في أرضٍ طيبة، وكُلما عَاجَلَهُ القَطعُ قبلَ أن يَمتدَ، كان خيرًا للناسِ وللأرضِ التي نَبتَ فيها.