رئيس "دفاع النواب": 30 يونيو ثورة أنقذت مصر من التفتت    مجلس النواب يقف دقيقة حدادًا على أرواح فتيات كفر السنابسة بالمنوفية    رئيس النواب يدعو لجنة النقل بإعداد تقرير عن حادث الطريق الإقليمي    انتخابات مجلس الشيوخ| الهيئة الوطنية تعلن التفاصيل "الثلاثاء المقبل"    أسعار الأسماك اليوم الأحد 29 يونيو 2025    محافظ أسيوط يفتتح قاعة اجتماعات مجلس المحافظين بالديوان العام للمحافظة    وزير الكهرباء يزور مجموعة شركات هواوي الصينية لتعزيز التعاون في مجالات الطاقة    لتبادل الخبرات.. رئيس سلامة الغذاء يستقبل سفير اليابان بالقاهرة    مئات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال    زلزال بقوة 4.5 درجة يهز باكستان.. وتحذيرات من خطورته    الحكومة الإيرانية: مقتل 72 امرأة وطفل إثر العدوان الإسرائيلي على البلاد    إسرائيل تعلن اغتيال المسؤول عن الصواريخ المضادة للدروع بحزب الله    القوات الجوية الأوكرانية: مقتل طيار وفقدان طائرة مقاتلة إف-16    إسرائيل: المجلس الوزاري الأمني المصغر يجتمع لبحث الحرب في غزة    وكالة تسنيم: إيران تشكك في استمرار وقف إطلاق النار مع إسرائيل    اليوم.. مواجهات نارية في ثمن نهائي كأس العالم للأندية 2025 بمشاركة باريس سان جيرمان وبايرن ميونخ    كومباني: مواجهة فلامنجو تُضاهي ليالي دوري الأبطال    ركلات الترجيح تحمل هندوراس إلى قبل نهائي الكأس الذهبية    والد مصطفى أشرف: الزمالك تعامل معنا بعدم احترافية وهذا سبب فشل الصفقة    يوريتشيتش يجدد تعاقده مع بيراميدز    إصابة شخصين في حادث تصادم أسفل الكوبري العلوي بالفيوم    الثانوية العامة 2025.. طلاب: الإنجليزي في مستوى المتوسط وشكاوى من القطعة    نائب يطالب باستدعاء وزير النقل بعد حادث الطريق الإقليمي    متحدث محافظة المنوفية: الطريق ليس تحت ولايتنا وتسميته بالموت مجرد تريند    شيرين تلبي طلب معجبة بغناء "على بالي" في ختام مهرجان موازين    طارق الشناوي عن خلاف أحمد السقا وطليقته مها الصغير: "التصعيد الحالي لا يليق بمكانته"    "مواهبنا مستقبلنا".. انطلاق اختبارات الموسم الثاني بمسرح 23 يوليو في الغربية    رسائل تضامن وصور شهداء.. "كايروكي" يحيي حفلا تاريخيا لدعم غزة باستاد القاهرة| فيديو    جامعة القاهرة: "EZVent" أول جهاز تنفس صناعي مصري يحصل على الترخيص التجاري    نجاح زراعة منظم ضربات قلب مزدوج لمريض بمستشفى رأس سدر    «الصحة» : دعم الرعاية الحرجة والعاجلة ب 713 حضانة وسرير رعاية مركزة    محافظ الدقهلية يتفقد عيادة التأمين الصحي الشاملة بشربين    عقاب قاسٍ على سرقة هاتف.. ضبط زوجين اعتديا على طفلهما بسبب السجائر في الشرقية    طالبات القليوبية: امتحان الإنجليزي في متناول الجميع رغم صعوبة القطعة    ارتياح بين طلاب الدقي بعد امتحان الإنجليزي: سهل يتقفل    علماء بريطانيون يتوصلون إلى تأثير سلبي لأحماض أوميجا 3 الدهنية على الالتهابات    هل النمل في البيت من علامات الحسد؟.. أمين الفتوى يجيب    الأزهر للفتوى يوضح معني قول النبي" الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ"    تصل 100%.. تعرف على خصومات أبناء الشهداء والمصابين بتنسيق الجامعات 2025    دعم نفسي.. تحرك من "الصحة" بشأن أسر ضحايا حادث المنوفية    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    بالصور| كريم محمود عبدالعزيز وأسماء أبو اليزيد وأحمد غزي في العرض الخاص ل"مملكة الحرير"    كارمن سليمان تتألق في أحدث ظهور لها (صور)    أفضل الأدعية لطلب الرزق مع شروق الشمس    مي عمر شعبية في مسلسلها الجديد برمضان 2026    حدث ليلًا | تشيلسي يتأهل.. وتل أبيب تشتعل.. ومسيرات إسرائيلية بإيران    45 دقيقة تأخيرات القطارات بين قليوب والزقازيق والمنصورة    ما أفضل صدقة جارية على روح المتوفي.. الإفتاء تجيب    رحلة نقل ملكية السيارة تبدأ من هنا.. إليك المستندات المطلوبة    مدرب بالميراس: سنقاتل حتى النهاية من أجل حلمنا في كأس العالم للأندية    بكام الطن؟.. أسعار الأرز «الشعير والأبيض» اليوم الأحد 29 يونيو 2025 في أسواق الشرقية    النائب عاطف مغاوري: أزمة الإيجار القديم تحل نفسها.. وستنخفض لأقل من 3% في 2027    هل يجوز الخروج من المنزل دون الاغتسال من الجنابة؟.. دار الإفتاء توضح    بعد توقف 116 دقيقة.. تشيلسي يفوز برباعية ويتأهل لربع نهائي مونديال الأندية على حساب بنفيكا    «لسة اللقب ماتحسمش».. مدرب بيراميدز يتشبث بأمل حصد الدوري المصري    5 أبراج «ناجحون في الإدارة»: مجتهدون يحبون المبادرة ويمتلكون رؤية ثاقبة    بعد فشل توربينات سد النهضة، خبير جيولوجي يحذر من حدوث فيضانات بالخرطوم قريبا    تنسيق الثانوية العامة 2025 محافظة كفر الشيخ.. الحد الأدنى للقبول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مادونا عسكر: الكتاب هو عالم المعرفة و هذا العالم يمنح الإنسان الخبرة النّظريّة الّتي تساعده على الانفتاح على العالم الخارجي
نشر في شموس يوم 15 - 06 - 2013

هي نجمة تضيء من العلاء ، عمادها و نورها من السماء عطاء، وهبها الخالق بهاءا لبسته كساء و حباها المولى بحسن المنطق لتكون ثقافتها في ثراء. سُقي إحساسها بماء الكمال و أنبتت روحها حميد الخلال لتكون مع مكارم الأخلاق في وصال، الموصل بها إلى صياغة الكلام نظما بجمال. اتخذت من الحرف وطن تحنّ فيه إلى السكن، فبرعت في حذق بلاغة اللسان، فطالما نطق، بقول صدق، لتكون كلماتها في رقّة النسيم إذا هبّ و في سخاء الغيم إذا صبّ. لأفكارها القلم يرضخ، فميدان كتاباتها فرسخ، فلا يستعصي عليها تحليل جوهر و لا وصف مظهر، فتبرع في شرح العلل و تفسير أسباب الزلل، ليشرق على معانيها سنا الابتداع المستدعي لمفاهيمها الأسماع و لتترك للأذهان أثر، هي البيروتية، الشاعرة و الكاتبة اللبنانية، مادونا عسكر.
أهلا و سهلا و مرحبا بك سيدتي
أهلا ومرحبا بك
"الكلمة مفتاح الإنسان إلى عوالم قد تكون خفيّة عنه وهي إن أثّرت في عقله و لمست قلبه، سار بخطى ثابتة نحو البحث عن الحقّ والخير والجمال"، رفقة الشاعرة و الكاتبة "مادونا عسكر" للكلمة ما هي ملامحها و بماذا تتّصف؟
الكلمة هي النّعمة المقدّسة الممنوحة لنا لنستخدمها في تأمّل أنفسنا أوّلاً ثمّ في تأمّل الآخر و كلّ ما يحيط بنا. و الكلمة نعمة مقدّسة لأنها تسمح لنا إذا ما أجدنا استخدامها، أن نصل إلى كل قلب، كما انّها و مع الوقت و الخبرة، توصلنا إلى ملامسة الحقيقة.
كتبت الروائية الانجليزية "جورج إليوت" أو "ماري آن إيفاس" تقول "لكلماتنا أجنحة لكنها لا تطير حيث نشاء"، هل تتفاعلين إيجابيا مع هذا المعتقد؟ و أي المجالات تحسين أن كلماتك تنحاز إليها أكثر؟
أفضّل أن نقول أنّ لكلماتنا أجنحة تطير حيث نشاء لكنّها لا تلقى تفاعلاً من أيّ كان لأنّه لا يمكن أن نجذب الجميع بكلماتنا، و لكن يمكننا بالتأكيد أن ننثرها على نطاق واسع.
أحبّ أن أكتب في كلّ المجالات إلّا أنّني و في كلّ ما أكتب من فلسفة و نقد و نصوص وجدانية و قصائد لا بدّ أن أترك بصمة محبة، و لا بدّ أن يلمسها القارئ لأشعر أنّني نجحت إلى حدّ ما.
يصرّح الكاتب و الأديب و المصلح الاجتماعي المصري "قاسم أمين" أنه "لا تكمل أخلاق المرء إلا إذا استوى عنده مدح الناس و ذمهم له"، في مجال الكتابة هل تجدين هذا الرأي بنّاء أم هدّام لشخصية الكاتب؟
المدح مهمّ كدافع لاستمراريّة العطاء شرط ألّا يتعدّى حدود العقل بمعنى ألّا يشكّل هاجساً للكاتب، و الأفضل أن يكون مدحاً يسلّط الضوء على مواطن القوة في العمل. و أمّا الذّم فليبحث عن مواطن الضّعف و بالتّالي يستفيد الكاتب، فيطوّر نفسه و يصوّب أخطاءه. يجب أن يصبّ المدح و الذّم في نوعية العمل و إن أردنا أن نمدح فليكن للدلالة على نجاح العمل و بالتالي نجاح الكاتب في إبراز عمله، و إن أردنا أن نذمّ فليكن بمحبة لأننا نريد أن يستمرّ هذا الكاتب في البحث المستمر عن الجمال.
هنالك مثل يقول "كلما ازدادت ثقافة المرء ازداد بؤسه"، كيف تتفاعلين مع هذا المعتقد؟
كلّما ازدادت ثقافة المرء ازداد بؤسه، لأنه بالمعرفة و الفهم الحقيقي للحياة و الواقع تزداد تساؤلاته و بحثه عن الحلول و الخلاص، و المؤلم حقّاً هو عندما يدرك المرء حقيقة ما و يريد أن يوصلها إلى الآخر في حين أن الآخر يعتبرها مجرد وهم.
فكيف تفسرين إذن ما قيل "إن بيتا يخلو من كتاب هو بيت بلا روح"؟
الكتاب هو عالم المعرفة و هذا العالم يمنح الإنسان الخبرة النّظريّة الّتي تساعده على الانفتاح على العالم الخارجي. هو خلاصة لمعرفة معينة يحملها الإنسان معه بشكل شخصي و يتغذّى منها فكرياً و روحيّاً. فإن خلا بيت من كتاب فيشبه هذا خلوّه من الخبز، فكما أنّ الخبز يحيي جسد الإنسان، كذلك المعرفة تحيي فكره وروحه.
إلى أي مدى تعتقد الشاعرة و الكاتبة "مادونا عسكر" أنها مشبعة فكريا و قادرة على أن تشبع أرواحا من حرفها النّقيع؟
أعتقد أنني مشبعة بالمحبة التي تساعدني أن أسعى دائماً لأطوّر فكري وأغذّي روحي و بالتالي أغذي أرواح الآخرين.
قال الأديب اللبناني "بشير يموت" "إن الشعر العربي النسائي مهضوم الحق مهيض الجناح قديما و حديثا"، إلى أي حدّ توافق الشاعرة "مادونا عسكر" هذا الرأي و إلى أي سبب يعزى هذا الوضع حسب رأيها؟
لعلّ السّبب يعود قديماً إلى عدم السّماح للمرأة بتثقيف نفسها، و اعتقادها أنّها مكرّسة فقط للبيت والزوج و الأولاد، أمّا اليوم فلا أجد سبباً لذلك، لأنّ المرأة باستطاعتها أن تخرج جمالها الدّاخلي و تبدع في ترجمته شعراً، و لا يمنعها من ذلك أيّة مسؤولية إذا أحسنت فهم أمر مهم ألا و هو أنّها متى أدركت جمالها الدّاخلي تمكّنت من أن تبدع في كلّ ما هو موكل لها من مسؤوليات.
تعددت الآراء حول فاعلية دور المرأة في المجتمع، فمنها المؤيد و المشجع كرأي الأديب اللغوي و المؤرخ التونسي "حسن حسني عبد الوهاب" حيث قال " أن تبلغ المرأة المستوى المرموق و اللائق بمركزها في الهيئة الاجتماعية فتكون عضوا صالحا على الارتقاء المنشود و المرمى المقصود" و منها من أعلن حربا لا هوادة فيها عليها مثل معتقد الفيلسوف الألماني "آرثر شوبنهاور حيث كتب يقول " ألا يحتاج المرء سوى أن ينظر إلى كيفية تكوين المرأة ليدرك أنها لم تخلق لأداء أعمال ذهنية أو بدنية عظيمة لكنها تمسح ذنوب الحياة لا بالعمل بل بتحمل العذاب ابتداء من آلام الولادة ثم العناية بالطفل و أخيرا بالخضوع للرجل الذي يجب عليها أن تكون له الخليلة الصبورة البشوشة"، بماذا تصفين هذا التضارب في الآراء؟
من يشجّع المرأة على تأدية دورها الاجتماعي هو من نظر إلى المرأة الإنسان، بمعنى أنّه أدرك أنّ هذا الإنسان يملك في داخله طاقة إبداعيّة تساهم في توازن المجتمع و في كلّ المجالات، كما أنّه آمن بأنّها و إن حقّقت ذاتها اجتماعيّاً ستنجح في تنشئة جيل متّزن. أمّا من أعلن حرباً عليها فلأنه رأى في المرأة الأنثى فقط، و هذه الأنثى وجدت برأيه لتمنحه القدرة على أن يكون " السّيّد". يعود هذا التّضارب لسبب مهم جدّا ألا و هو التّربية، فالتّربية لها تأثير مهم جدا على نظرة الرّجل للمرأة، كما أن السبب يعود لخبرة كلّ شخص في هذا الموضوع.
متى تقول الشاعرة و الكاتبة "مادونا عسكر" ابتل عود ثقابي فصرت رمادا قبل أن تزوبع ناري؟
لا أذكر موقفا دفعني لقول ما تعنيه هذه العبارة، ربما لأني أحاول ألا أصير رمادا.
قال الرئيس الأمريكي الخامس و الثلاثون "جون كندي" " من يجرؤون على الفشل الذريع بإمكانهم تحقييق ما هو عظيم"، الجرأة و الفشل في حياة الشاعرة و الكاتبة "مادونا عسكر" هل هما يدان لرفع نفس الراية؟
إذا فكّرنا بشكل سليم سنبحث في الفشل عن سبيل إلى النّجاح. لا يمكن أن تمرّ حياتنا بدون مراحل و لو قليلة نذوق فيها طعم الفشل، و لا يمكن أن نصل إلى النّجاح ما لم نمرّ بمحطات تسمح لنا بتكرار أمر ما بطريقة مختلفة لننجح.
غالبا ما نضيّع الأمل وسط زحام العجز... فهل من جناحي حلم يمكن أن ينتشلنا من هذا الحجز؟
في كلّ حادث يمرّ في حياتنا علينا أن نبحث فيه عن الوجه الإيجابي. و مع اكتمال النضج، كثيراً ما نكتشف أن أموراً اعتقدنا أنّها أغرقتنا في العجز، إلّا أنّها كانت سبباً لخير ما في حياتنا. أحبّ أن أرى وجه الله في كلّ ما يمرّ في حياتي، إيجابيّاً كان أم سلبيّاً، و بذلك أعلم أنّ كل ما يحدث لي أو من حولي فإنّما هو معدّ لخيري.
لو اعتبرنا الأمل هو اللجام و الحياة هي الفرس، كيف يمكن أن تلامسي صيفات هذا الأخير و لجامه ممزّق؟
ألامسها بمحاولة مستمرة لحياكة اللجام. لا يمكن للحياة أن تستمر بدون أمل، فالأمل هو الإيمان بأن الإنسان قادر على مواجهة التّحديات لأنه يمتلك الإرادة و العقل و الحب.
كيف للأزهار أن تينع بدون غصون
كيف للدمع أن يجنبنا خدش الجفون
كيف للحياة أن تحمينا من بطش الشجون
كيف للأمل أن يفتح باب الحرية في السجون
كيف للروح أن تسكن جسدا هو بالفناء مفتون
كيف؟
...
كن رؤى المستقبل الجميل في ذكريات الماضي الأليم،
كن الزّمن الجميل الآتي و المتصاعد من عمق الحاضر المرير،
كن النّور وسط الظّلام، و اختر الالتزام في ضجيج الفوضى،
كن البسمة على ثغر المحزونين، و الدّواء في جسد المرضى،
كن المعرفة في معتقل الجهل والانفتاح في قوقعة العنصريّة
كن المسؤول في سجن اللّامبالاة و الحرّ في شقاء العبوديّة،
كن أنت الحبّ،
ما هي أيقونة الحب؟
الحب هو الله و أيقونته الإنسان.
يقول الروائي الانجليزي "تشارلز جون هوفام ديكنز" "القلب المحب أصدق درجات الحكمة" و يقول الشاعر و المؤلف و الروائي البرازيلي "باولو كويلهو" " من يملكون الحكمة يملكونها لأنهم يحبون و الحمقى حمقى لأنهم يظنون أنهم يفهمون الحب" و تقول الشاعرة و الكاتبة "مادونا عسكر" "الحبّ هو السّبيل الوحيد إلى الحقيقة، هو القوّة الحريريّة الّتي تدلّ البصيرة على الحكمة"، كيف تفسرين لنا هذا الانسجام في التأكيد على الترابط الوثيق بين الحب و الحكمة؟
الحب هو جوهر الإنسان، و لا يخلو أي إنسان من الحب، إلّا أن البعض لم يبحث عنه أو لم يدرك معناه الحقيقي. إنسان بدون حب هو جثة تتنفّس. بالحب وحده نستحق إنسانيّتنا فهو المغذّي للعقل إذ يمنحه الحرية و الانفتاح على العالم و على الآخر، كما يزيده حكمة إذ إنّ عيون الحبّ لا ترى إلّا الجمال في أي شيء. الحب هو الحياة و بدونه العدم.
"الحياة هي الحبّ و الموت هو الرّبح الأكيد"، أين نجد الإنسانة "مادونا عسكر" بين الحياة و الموت و أين نجد الشاعرة و الكاتبة "مادونا عسكر" بين الحب و الربح؟
ستجدينها في قلب الحب الّذي لا يرى من الموت إلا ربح لحياة ملؤها الحب.
"إن كان يا الحبيب طريق الآلامِ يقصّر إليك المسافاتِ فامنحني الألم داءًِ يعصى على كلّ دواءًِ"، بماذا تتّسم لغة الحوار بين الحب و الألم في دواخل الشاعرة و الكاتبة "مادونا عسكر"؟
الألم هو الكنز العظيم الذي ينير دربنا الذي نسلكه نحو الحب المطلق. الألم يصنع الإنسان و يساعده على اكتشاف جوهره القوي، هو الغوص في أعماق الحياة للسمو إلى العلى.
قالت شاعرة الجاهلية "أم الضحاك المحاربية" "سألت المحبين الذين تحمّلوا تباريح هذا الحب في سالف الدهر، فقلت لهم ما يذهب الحبّ بعدما تبوّأ ما بين الجوانح و الصدر"، بماذا تجيبينها؟
أحب ما يقوله "جلال الدين الرّومي" في كلمات بسيطة:
مَنْ لا يرتمي
في فتنة العشق
يسلك طريقاً
لا شيء فيه حي
يستقلّ الشوق و الحب و الشاعرة و الكاتبة "مادونا عسكر" نفس الركائب، فهل لهم نفس المحطّة؟
الشوق و الحبّ هما رفيقا الدّرب حتّى أعاين الحقيقة.
عطر المساء
رافق نظرتي
المحلّقة في السماء
داعب عيني الوسنى
سلّمني لعالم النقاء
لأحلم
بذلك النور
و يشرب منه قلمي
و يثور
فيزوبع إحساسي
المنثور
لحنا
يقول
...
من لي في مذابح الكون سواك
هنيئاً للبخّور ما برح يغرّد على أغصانك
يطرح الغيث عند أقدامك
خاشعاً يبتهل إليك
من لي في صفحة السّماء غير وجهك
يؤنس دمعتي ببسمة رضاك
على وجهي يطبع سحرك
فأتهلّل على لحن هواك
"كن جميلاً و افرح مع الفرحين و امنح قلبك معزّياً لأناس منسيّين، كن اليد الحنون على أكتاف منحنية، كن صديقاً وفيّاً تكون إنساناً جميلا"، كيف هي علاقة الإنسانة "مادونا عسكر" بالصداقة و كيف تقيّمها؟
الصداقة علاقة نادرة، و قد يمضي الإنسان حياة كاملة دون أن يحظى بصديق، فلقب صديق لا يطلق على أي إنسان، فالصّديق هو الشخص الّذي يمكننا أن نفكر معه بصوت عال و كأننا نتحدث إلى أنفسنا، و محظوظ هو من أنعمت عليه الحياة بصديق.
هل من منطلق مفهومك هذا نفهم مجادلتك لرأي الشاعر العراقي "أبو الطيب المتنبي" عندما قال "و من العداوة ما ينالك نفعه و من الصداقة ما يضرّ و يؤلم"؟
العدو يعلّمنا الكثير و يزيد من خبراتنا في الحياة، بل يساعدنا على اختيار الأشخاص الذين نود مرافقتهم بتأن، لذا يكون وقع ضرره أخف ألما من سلوك صديق إذا ما جرح أو أذى عن قصد أو غير قصد.
ما هي ملامح صداقة اللبنانية "مادونا عسكر" للوطن؟
الوطن ليس الصديق وحسب بل هو الكرامة. فالإنسان بدون وطن هو إنسان تائه في هذا العالم يبحث عن كرامته، هو الحاضن للكيان الإنساني، و المأوى الآمن و الأمين له.
"كلّنا للوطنْ
للعلى للعلمْ
لا
كلّنا للهلاكْ
فلكلّ منّا علمْ
سهلنا والجبلْ
منبت للرّجالْ
قولنا والعملْ
في سبيل الكمالْ
لا
فأرضنا منفى الرّجالْ
وعملنا في سبيل النّقصانْ والإنقسام..."
لماذا الجرح نازف، لماذا الحزن عاكف؟
كتبت هذه الكلمات إبّان حادث حصل في بيروت منذ فترة ليست ببعيدة. أحسست يومها أنّ الحرب لم تنته بعد و كأنّ هناك من هو متعطّش لاستعادة أمجاده المزيّفة، و تأمّلت هذا النّشيد الجميل الّذي ننشده في كل المناسبات و في مدارسنا و معاهدنا، إلّا أنني وجدت أننا ننشده فقط، و لم يتحوّل بعد إلى صلاتنا اليومية.
مازال وجعك يذوب في فمي
يا لبنان يا منبتي و يا منشئي
ماضيك لوّن حاضري
و لسان ألمك يكتبني
أراك لهيبا يلفّ دفاتري
و رمادك المشتعل رحما لأحرفي
أسأل عنك جرحي
و بهذا يجيبني
...
لبنان أرض القداسة
و صومعة النّسّاك
لبنان موطن الأدباء
و قيثارة الأنغام
كالأم تحبّ بلا ملل
و تظلّ تحبّ
حتّى حين يفقد الحبّ وطنه
عندما ينادي لبنان أيها الأبناء، هل من إصغاء لهذا النداء؟
طالما أنّ لبنان يئن تحت وطأة الأحداث المؤلمة باستمرار فهذا يعني أن الإصغاء يكاد يكون معدوماً.
يقول المؤرّخ الإغريقي "بلوتارخوس" " تعلّم كيف تسمع و ستستفيد حتى ممن لا يحسنون الكلام"و تقول الشاعرة و الكاتب "مادونا عسكر " الإصغاء يمنحنا سلطة في التّقرّب من الآخر و هذا ما يعطينا المقدرة على حلّ الكثير من الإشكاليّات و تخطّي الكثير من القلق و الاضّطرابات، و يحوّلنا إلى إنسانيّين متمكّنين من استيعاب ذواتنا و استيعاب ذات الآخر بما يعبّر عنه"، إلى أي حد تعتبرين نفسك قادرة على الإصغاء و الاستماع للآخر؟
بقدر ما أجد من أشخاص يلجئون إليّ كصديقة بقدر ما أشعر أن لدي هذه القدرة على الإصغاء لهم.
دمت صديقة وفية و نجمة عليّة، شكرا لك الشاعرة و الكاتبة اللبنانية "مادونا عسكر" على جمالية لفظك و روعة تواصلك و إلى لقاء قريب إن شاء الله.
الشكر لك على محبتك و تعبك معي، دمت بخير و محبة و سلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.