«برامج الأحزاب السياسية» في جلسة حوارية ل المجلس القومي لحقوق الإنسان    وزير الدفاع يلتقي وزير خارجية جمهورية بنين    وعي المصريين الحصان الرابح ضد أكاذيب أجندات الإخوان الإرهابية على سوشيال ميديا    البنك المركزي يعلن ارتفاع معدل التضخم الأساسي إلى 13.1 خلال مايو    لضبط التنقيب العشوائي.. إزالة 32 طاحونة ذهب بوادي عبادي في حملة موسعة بإدفو    «الإحصاء»: 16.5% معدل التضخم السنوي خلال مايو (تعرف على نسبة زيادة السلع والخدمات)    «مدبولي» يوجه باتخاذ التدابير اللازمة خلال فترة إجازة عيد الأضحى المُبارك    الحكومة توافق على تعريفة التغذية الكهربائية لمشروعات توليد الطاقة    الدفاع الروسية تعلن استيلاء قواتها على قرية "ريدكودوب" شرقي أوكرانيا وقرية "كيندراتيفكا" في منطقة "سومي"    الشيخ محمد بن زايد يستقبل الرئيس السيسي في أبو ظبي وناقشا أهمية وقف النار بغزة    بورتو منافس الأهلي يكشف عن زيه الاحتياطي فى مونديال الأندية.. فيديو    الأهلي يعلن عن صفقة جديدة.. أحمد شوبير يكشف    نجم الزمالك السابق يحذر من خماسي بيراميدز قبل نهائي الكأس    الرعب في نفوس المنافسين.. السر وراء "هانيبال" في تقديم صفقة بن رمضان    الزمالك يفسخ التعاقد مع مدافع الفريق رسمياً    ختامها غش..انتهاء امتحانات الشهادة الإعدادية وتداول الأسئلة على مواقع التواصل    ارتفاع تدريجي ل درجات الحرارة.. بيان مهم بشأن حالة الطقس يوم عرفة (تفاصيل)    نادية الجندي تنعى سميحة أيوب وتستعيد ذكريات "سكر زيادة"    بالصور.. تامر حسني يتألق بحفل عالمي فى ختام العام الدراسي للجامعة البريطانية.. ويغني مع محمد ثروت "المقص"    «نوباتيا ملحمة الحب والخيال».. ضمن عروض الموسم المسرحي بأسوان    مي كساب تمازح جمهورها من كواليس فيلم "آخر رجل في العالم" (فيديو)    أدعية يوم التروية.. لماذ سُمّي بهذا الاسم؟    بيان مهم من الصحة بشأن موقف مرضى مستشفى "هرمل"    الصحة: قرارات فورية لتيسير علاج المرضى ب"جوستاف روسي"    هل يكفي إنتاج مصر من اللحوم لسد احتياجاتنا؟.. الحكومة تجيب    أول تحرك من «الطفولة والأمومة» بعد تداول فيديو لخطبة طفلين على «السوشيال»    البابا تواضروس الثاني يهنئ فضيلة الإمام الأكبر بعيد الأضحى المبارك    البابا تواضروس يهنئ رئيس الوزراء بعيد الأضحى المبارك    تزايد الضغط داخل مجلسي الكونجرس الأميركي لتصنيف جماعة الإخوان "إرهابية"    مجلس الأمن يصوت اليوم على مشروع قرار لوقف إطلاق في غزة    «مياه سيناء» ترفع درجة الاستعداد لاستقبال عيد الأضحى    بالأسماء.. 58 مركزًا لإجراء فحوصات المقبلين على الزواج في عيد الأضحى    28 فرصة و12 معيارًا.. تفاصيل منظومة الحوافز الاستثمارية للقطاع الصحي    «الزراعة» تشارك في فعاليات النسخة الثالثة للمؤتمر الدولي للمناخ    سيد رجب يشارك في بطولة مسلسل «ابن النادي» إلى جانب أحمد فهمي    أوقاف الشرقية تُسلم 2000 شنطة سلع غذائية للتضامن لتوزيعها على الأسر الأولى بالرعاية    تحرير 911 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    مسابقة لشغل 9354 وظيفة معلم مساعد مادة «اللغة الإنجليزية»    «مباشرة لا عن طريق الملحق».. حسابات تأهل العراق ل كأس العالم 2026    «جبران»: قانون العمل الجديد يرسخ ثقافة الحقوق والحريات النقابية    محافظ أسيوط يشارك أطفال معهد الأورام فرحتهم بقرب حلول عيد الأضحى    فرصة للترقية.. حظ برج العذراء في شهر يونيو 2025    أنشطة ثقافية ومسرح وسينما فعاليات مجانية لوزارة الثقافة فى العيد    أحكام الحج (12).. علي جمعة يوضح أعمال أول أيام التشريق    مباحثات تركية أوروبية لتعزيز التعاون التجاري    تكبيرات عيد الأضحى 2025.. تعرف على حكم التكبير فى العيدين بصيغة الصلاة على النبى    أيام الرحمة والمغفرة.. ننشر نص خطبة الجمعة المقبلة    «اللهم املأ أَيامنا فرحًا ونصرًا وعزة».. نص خطبة عيد الأَضحى المبارك 1446 ه    زلزال بقوة 5.3 درجة يضرب جزيرة سيرام الإندونيسية    مصرع شخص وإصابة 13 آخرين إثر انقلاب ميكروباص بالصحراوي الغربي في أسيوط    موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 في الجيزة ترم ثاني    كامل الوزير: انتقال زيزو للأهلي احتراف .. وهذا ما يحتاجه الزمالك في الوقت الحالي    وزير خارجية إيران: تخصيب اليورانيوم داخل أراضينا هو خطنا الأحمر    رشوان توفيق عن الراحلة سميحة أيوب: «مسابتنيش في حلوة ولا مرة»    مصرع وإصابة 17 شخصا في انقلاب ميكروباص بالمنيا    ظهور وزير الرياضة في عزاء والدة عمرو الجنايني عضو لجنة التخطيط بالزمالك (صور)    «شعار ذهبي».. تقارير تكشف مفاجأة ل بطل كأس العالم للأندية 2025    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



« جزيرة غمام ».. رؤية ملحمية لواقع ممتد
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 24 - 04 - 2022

دون شك، يأتى مسلسل "جزيرة غمام" ليشكل علامة فارقة فى دراما رمضان هذا العام، بل ولأعوام كثيرة اشتقنا فيها لعمل تليفزيونى عميق شكلا ومضمونا، فهو يحمل فكرا يتجاوز حتى ما حدث قبل مائة عام طبقا لمجريات ما ذكره تتر العمل، وأيضا لا يقف عند حدود المكان الذى ذكر بقلب الصعيد، فأنا أشعر أن المؤلف الكبير عبدالرحيم كمال يشرح بواقعية غير معهودة ما حدث، ومازال فى المجتمع، وهو التشريح الذى طال الإنسان والزمان والمكان أمس واليوم وربما غدا.
فى باطن التفاصيل وظاهرها أمور كثيرة ، تكشف ما أصاب المجتمع من أوجاع، وأمراض، وأوهام وأحلام غير مشروعة ومشروعة بذكاء وحنكة وإبداع، وكأن العمل ملحمة إنسانية، أى كان موطن هذا الإنسان، هناك مناطق كثيرة، يخترقها المسلسل منها جذور العنف الدينى، والنفوذ الصاعد على أهواء الغرائز، وصدام الخير والشر فى صراع السلطة والمال، وغسيل العقول بالنزوات تارة، والأفكار المسمومة تارة، وبالإغواء الشيطانى تارة أخرى، وهناك على الطرف الآخر من يتمسك بالفضيلة، وأعتقد أن حالة التشويق والشغف الكبرى التى لا تتوقف رغم هدوء الايقاع، ستضعنا فى النهاية أمام تساؤل كبير من سوف ينتصر، الحق أم الباطل؟!.
الصورة تكشف المكنون بكل ايحاءات زواياها، وبالقطع المخرج حسين المنباوى استوعب رسالة وفكر المؤلف وقدمتها فى أبهى حالة درامية ممتعة، كل جملة حوار لها قيمتها وموقفها وكأنها لطمات ولكمات توقظ عقل المشاهد وأيضا تلهم مشاعره.
نسج من الحوار بين العوالم المتعددة دراما مبهرة بمفردات فنية مدهشة فى طزاجتها، ورؤيتها فى غزل نسيج العمل من تصوير، وإضاءة، وموسيقى، وأداء ملهم لنجومه.
نحن أمام عوالم متعددة، عالم "الشيخ عرفات" الصوفى الذى يحاول أن يغرس فى الجيل الجديد قيم الحق والحب والإخاء المساواة والحياة بفطرتها ويجسده بإقتدار وتميز "أحمد أمين".
عالم الغجر والإغواء والشر الذى يتمثل فى خلدون الذى يجسده طارق لطفى و"العايقة" مى عز الدين، وهو يشتبك مع عالم التطرف الدينى فى شبه عاركة والذى يقوده الشيخ محارب "فتحى عبدالوهاب"، وكم شاهدنا مباريات ملهمة وموحية فى الأداء يأخذنا بإبداع إلى منطقة أخرى من التقمص والتشخيص ، أبهرنا فيها طارق لطفى وفتحي عبدالوهاب، الأول يحمل فكر اقرب الى الشيطانى فى تغير واقع سكان الجزيرة ، وتشتيت افكارهم ، يستغل العايقة التى تحاول التأثير على الكثير من بيوت الجزيرة، من خلال تجميل الفتيات وتجهيزهن حتى يرون العرسان وتقوم بضرب الودع لهن وقراءة بختهن، وتقوم بجذب الرجال لها اعتمادًا على جمالها لتنفيذ جميع رغباتها،قبل ان تنقلب وجدانيا على افكار خلدون ، والثانى يستغل فتيان الجزيرة لتطبيق خطة أطماعه بغسيل عقولهم وتركهم يحاكمون المجتمع بحجة الخروج على شرع الله، وأعتقد أن القادم سيحمل مفاجآت.
وعالم الحج عجمي وابنته الذى يجسده كبير الجزيرة المخضرم رياض الخولى، الحائر بين الجميع وهو يحاول تحقيق العدل وفق منظومته، وعالم الشيخ يسرى الذى يقدمه بتمكن "محمد جمعه" الذى يرث البيت الكبير ويساعد الناس، ولكن فجأة تتحول شخصيته وتتبدل ويبدأ فى ألاعيبه الشريرة ويفرق بين الأشقاء ويعالج النساء بالسحر.
بين تلك العوالم هناك حالة اشتباك درامى فى الصراع لشخصية "بطلان " التى منحها الفنان محمود البزاوى بريقا خاص وقدرة على التلوين والتلاعب ، ومن ناحية اخرى نجد "هلالة " الفنانة وفاء عامر التى دافعت عن كبريائها ومشاعرها فى لحظة اداء متوهجة وهى تنفصل عن "عجمى"، وأعتقد أن قرب المخرج والممثلين من النص سبب رئيسي في نجاح العمل والمشاهدين دائما ما ينتظرون من الكاتب المقرب إليهم أن يروا عملا يشبه أرواحهم وهو ما وجدوه فى جزيرة غمام وأقبلوا عليه وما اعتادوا عليه.
أحداث المسلسل تدور في صعيد مصر فى قرية "القصير " على ساحل البحر الأحمر في عشرينيات القرن الماضي، وبالتالى نعيش فى شبه أسطورة وحكاية شعبية لكنها مختلفة بوجودها على ساحل البحر، وليس فى حضن جبل ومليئة بالاسقاطات الرمزية حول الصراع الأبدى بين رجال السلطة والدين والمال، رغم أن مؤلفه أشار فى بداية التتر أنه واقع يصنعه خيال أو أنه لا يمت للواقع بصلة، فالقصة تنطلق من أمام قصة بيت شافع الشيخ مدين "عبدالعزيز مخيون"، وأبنائه وتابعيه "محارب ويسرى وعرفات" الذين يتشابكون في صراعات وأطماع وخلافات، ليبدأ المأزق والتفرقة من الداخل، قبل أن يأتيهم من الخارج ليزداد الأمر شتاتا وغماما فى انتظار طاقة نور.
فالشيخ مدين توفى تاركا إرثه لثلاثة من مريديه وتلاميذه، منح سره وكتاب أسراره لعرفات، الذى يميل إلى النزعة الصوفية، ومحارب الذى يتخذ طريق الجهاد الدينى، ويسرى الذى تحركه أهواءه، وفى المشهد التالى لزلزلة القرية تأتى أمواج البحر محملة بالغجر الذين يقلبون الحال رأسا على عقب ويغوون حتى رجل الدين.
الأدوات الفنية منحت العمل مصداقية كبيرة وقربته من وجدان المتلقى مثل نهج أداء الشخصيات وطبيعة عوالمهم من ديكوات وملابس وزوايا تصوير كأنها ملحمة بصرية شاعرية كشفت تفاصيلها الطمع تارة والأمان تارة اخرى، وهى الدلالات التى قصدها المؤلف بنصه الكلاسيكى ذو النزعة الصوفية الزاخم بالأفكار لنعيش واقع من قلب الخيال.. الحاضر فى صورة الماضى.. ولنذيب غمام الرؤية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.