كل عام ومصر وشعبها بخير، تبدأ اليوم أول أيام شهر رمضان الكريم الذى نرجوه شهراً هادئاً يريح القلوب المتعبة والنفوس القلقة، ونرجوه شهراً بلا منغصات ولا مفاجآت، نعود فيه لمحاولة شفاء الروح من مكابدة الحياة ومصاعبها، ومجاهدة النفس لتحمل عناء ما مضى من سنوات عصيبة. قد تكون أولى الأمنيات هى الترفق بحال الناس فى الشوارع المزدحمة أغلب الأوقات، والتى يزيد زحامها مع اقتراب ساعة الإفطار، وهو ما يتكرر كل عام حتى يحتار المرء كيف نعجز عن تنظيم المرور وتحقيق الانسياب المطلوب مع كل ما تم تنفيذه من طرق جديدة، وما تم تطويره بتوسعة الشوارع وخلق محاور جديدة للمرور، ورغم ذلك تتكدس السيارات بالشوارع خاصة مع إغلاق بعضها لتنفيذ أعمال وإنشاءات، وقد تتسبب حادثة سير أو مرور أحد المسئولين فى تعطل طريق بأكمله دون وجود مخرج للهروب من هذا الزحام. وقد تكون الأمنية الأعز هى القدرة على التعامل مع انفلات الأسعار بلا مبرر واضح رغم تأكيد الحكومة على توفر كل السلع الأساسية بكميات تكفى الإحتياجات خاصة فى شهر رمضان، ورغم ذلك ترتفع أسعارها عدة مرات خلال نفس الاسبوع! وقد يفلح أسلوب المقاطعة مع بعض السلع ولكنه لا يفلح مع بعضها الآخر، كالبيض والألبان والخبز على سبيل المثال، ولا داعى للحديث عن اللحوم والدواجن والأسماك التى أصبحت للغالبية سلع ترفيهية. أما وسائل الإعلام التى لا غنى عنها فى أى مكان وزمان، فهى مطالبة بتغيير وجهتها إلى مراعاة مشاعر الناس والتخفيف عنهم، وتقليل مصادر الإزعاج سواء فى برامجها أو أداء بعض مقدمى هذه البرامج الذى يتسم بالصخب والمبالغة والاستخفاف بالمشاهد والمستمع، ومطالبه بحسن الاختيار فيما تقدمه خلال هذا الشهر الكريم، بما يناسب الذوق والحس السليم. دعونا نستلهم من هذا الشهر الرحمة والتسامح والتكافل بيننا، ولا تحملونا ما لاطاقة لنا به، فالمصريون يستحقون تحقيق أمنياتهم بما صبروا عليه وبما تجاوزوا عنه.