◄ ازدواج المعايير الغربية يكشف الوجه القبيح لديمقراطيتهم "الكاذبة" ◄ خبراء: استخدام المرتزقة في الحرب الأوكرانية مخالف للقوانين والأعراف الدولية شبكات التواصل الاجتماعي تتبنى خطاب «العنف» ضد روسيا في استثناء عجيب لقواعدها القانون لا يطبق إلا على الضعفاء.. ودول «الفيتو» متخصصين في خرق ميثاق الأممالمتحدة منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، تتجه أنظار جميع دول العالم إلى حيث البقعة المشتعلة بالأحداث ودوي المدافع وطلقات الرصاص، والتي بات لها تأثير كبير على معظم دول العالم على مختلف الأصعدة، تلك الحرب التي كشفت الكثير من الحقائق وأظهرت الوجه الحقيقي للغرب، ومن أهم تلك الحقائق أن الغرب يطبق معايير مزدوجة ويتعامل مع الشعوب بتحيز وعنصرية ويكيل بمكيالين في التعامل مع أي أزمة وفق مصلحته فقط، فقوة المبادئ تتجلى في تطبيقها على الجميع دون تمييز، والغرب يضعف تلك المبادئ عندما يطبقها بشكل متحيز طبقا لمصالحه. وقد شهد شاهد من أهلها، فقد كتب الصحفي والكاتب البريطاني المعروف بيتر أوبورن، أحد أدواتهم والذي استخدمه الغرب كثيرًا في السابق للهجوم على من يريدون مهاجمته، مقالًا قال فيه إن الغرب اندفع لمساعدة أوكرانيا ضد روسيا، لكن لم تكن لديه رحمة على غزة واليمن وسوريا وميانمار، ووصف "أوبورن" الغرب بالنفاق، فإدانة حرب روسيا على أوكرانيا من الغرب تتطلب في الوقت نفسه إدانة كل أشكال العدوان على الشعوب ورفض انتهاك حقوقها في الحرية والديمقراطية، وقد لاحظ الرئيس الروسي "بوتين" ذلك النفاق الغربي واستغله في الهجوم على الغرب وعلى وسائل الإعلام الغربية، فقال إن الغرب يهتم بالأوكرانيين لأنهم ذوو بشرة بيضاء، مشيرًا إلى تعليق قناة "سي بي إس" الأميركية بأن أوكرانيا دولة أوروبية متحضرة ليست مثل العراق وسوريا. وما يؤكد تحيز الغرب وتعاملهم بعنصرية، ما فعلته الدبلوماسية الشهيرة والسفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة سابقًا سامانثا باور، حينما ذهبت لتوزيع المعونات الأميركية على اللاجئين الأوكرانيين الذين فروا من الحرب إلى الحدود البولندية، حيث قالت إنهم يشبهوننا، وهذا ما يسبب لنا صدمة، فالحرب لم تعد تستهدف الشعوب البعيدة الفقيرة، مع العلم أن "سامنثا باور" حينما كانت تعمل سفيرة بالأممالمتحدة كان بإمكانها المساعدة في وقف الحرب على اليمن، لكنها لم تفعل، وفضلت سياسة الصمت، ولم تحاول إدانة القنابل التي تدمر المستشفيات والمدارس اليمنية، ولم تعبر عن أي تعاطف مع شعوب اليمن وسوريا وغزة وميانمار . اقرأ أيضا| حرب عالمية مصغرة في أوكرانيا.. مرتزقة محتملون من جنسيات مختلفة يشعلون المعارك حرب إلكترونية تعرض الإعلام الروسي إلى ما يشبه حرب إلكترونية من منصتي التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر ومحرك البحث GOOGLE، وتعرضت قناة روسيا اليوم ووكالة سبوتنيك إلى سلسلة إجراءات من حظر أو تقييد انتشارها بحجة دعمها لقرار الحرب الروسي، وانضم بعدها إلى تلك الإجراءات موقع YouTube ، حيث أعلن أنه سيحجب قنوات وسائل الإعلام الحكومية الروسية في جميع أنحاء العالم، وصدر بيان عن الموقع جاء فيه أن منصة مشاركة الفيديو تريد إزالة المحتوى الذي ينكر أو يقلل من أهمية أحداث العنف الموثقة جيدًا، لأنه يتعارض مع المعايير الخاصة به، مشيرًا على وجه التحديد إلى المحتوى المتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية الذي اعتبره ينتهك هذه السياسة، وأعلن YouTube أنه سيوسع نطاق هذه الرقابة ليشمل الكوكب بأكمله، بما في ذلك جميع القنوات المرتبطة بوسائل الإعلام الروسية التي تمولها الدولة. وفي الوقت ذاته اتخذت شركة ميتا المالكة لشبكات التواصل الاجتماعي في 11 مارس قرارًا غير مسبوق من خلال السماح بنشر معلومات تحتوي على دعوات للعنف ضد المواطنين الروس عبر شبكات التواصل الاجتماعي فيسبوك وإنستجرام وتويتر، ويتم تداول رسائل عبر شبكات التواصل الاجتماعي تشجع وتحرض على أعمال عنف ضد الروس، أي أن وسائل التواصل الاجتماعي تسمح باستخدام منصاتها لنشر كل ما هو ضد روسيا حتى لو كان مخالفا لسياسيتهم وقواعدهم، وفي الوقت ذاته تحجب أي وسائل إعلام روسية عبر منصاتها، وهو ما يكشف بوضوح التحيز لوجهة نظر واحدة والتعامل بعنصرية مع الحرب الروسية الأوكرانية . وأيًا كانت أسباب الحرب فنحن لا نريد من هذا التحقيق تبنى وجهة نظر معينة للأطراف المتحاربة، ولكننا نسلط الضوء فقط على ازدواجية المعايير لدى الغرب، وكشف كذب إدعاءاتهم وإطلاقهم دعوات بالحرية وعدم التدخل في شئون الآخرين ودعوات الديمقراطية الزائفة، كل هذا وذاك فيما لا يتعارض مع مصالحهم فقط، ولكن حينما تصل الأمور إلى مصلحتهم فإنهم لا يبحثون سوى عن مصلحتهم فقط، ولا يتلفتون لأي مبادئ أو معايير أو حتى قوانين، ويدهسون كل ما في طريقهم من أعراف أو قوانين أو مبادئ لتحقيق مصالحهم... وفي السطور التالية نستعرض آراء بعض الخبراء المتخصصين في الشأن الدولي للتعرف على تجاوزات الغرب في هذا الشأن واتباعهم لمبدأ الكيل بمكيالين . اقرأ أيضا| القنابل النووية المحدودة.. سلاح تكتيكي قد يدخل الخدمة بالحرب الأوكرانية الروسية استخدام المرتزقة أكد د. أحمد الهاشمي، الباحث في العلاقات الدولية والمتخصص في الشأن الأوروبي، أن أزمة الحرب الروسية الأوكرانية أظهرت مدى ازدواجية المعايير في المواقف الغربية على أكثر من اتجاه، فمبدأياً سمحت الشركات الغربية وعلى رأسها شركة "ميتافيرس" باستخدام خطاب يحرض على العنف إذا كان موجهاً للطرف الروسي على منصات التواصل الاجتماعي والتي تشمل فيس بوك وانستجرام في استثناء عجيب لقواعدها المعلنة مسبقاً والتي تطبقها بشكل صارم. وأضاف في تصريحات خاصة ل"الأخبار" أن الأمر لم يقتصر على ذلك، بل امتد ليشمل غض البصر عن منصات مختلفة عملت على جمع عدد من المرتزقة من المقاتلين السابقين ببعض الجيوش الغربية وتسهيل إيصالهم إلى الأراضي الأوكرانية، وهو أمر مخالف تماماً للمواقف الغربية في هذا الشأن، أو ادعاءات الغرب التي اعتادت دائمًا انتقادها لمسألة توظيف المرتزقة في الصراعات الدولية، كما أن ذلك يعد مخالفة صريحة لمبادئ القانون الدولي والأعراف الدولية في هذا الصدد. وأوضح "الهاشمي" أن أكبر مظاهر الازوداجية في تعامل الغرب مع تلك الأزمة تجلت في الحالة البريطانية، حيث قام عدد من الضباط البريطانيين بالحصول على إجازات من وزارة الدفاع البريطانية، ومن ثم سافروا للمشاركة في الأعمال القتالية بالجبهة الأوكرانية، واكتفت وزارة الدفاع البريطانية بدعوتهم إلى العودة لبلادهم، وهو أمر يتنافى ليس فقط مع القانون الدولي وضعاً في الاعتبار أن بريطانيا ليست في حالة حرب مع روسيا، بل أيضاً مع المبادئ العامة للانضباط العسكري. وأشار الباحث في العلاقات الدولية إلى التضييق أيضًا على عدد من رجال الأعمال الروس الذين يعملون في الدول الغربية، الأمر الذي يعد ضربًا لقيم الليبرالية المرتبطة بحرية السوق وحرية رأس المال في مقتل، كما يتجاوز بشكل واضح بعض المبادئ القانونية العامة منها عدم مسئولية الأفراد عن سياسات حكوماتهم، وعدم جواز العقوبات الجماعية على أساس الجنسية وغيرها من المبادئ القانونية التي تعتبرها الدول الغربية درة الفكر الليبرالي. التضليل المعلوماتي من جانبها علقت د. إيمان زهران، مدرس العلوم السياسية والمتخصصة فى العلاقات الدولية والأمن الاقليمي، بأن أحد أهم المآخذ على أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، ما تم صياغته من إزدواجية بالمعايير والقيم الغربية خلال ممارسات الغرب الخارجية في التعامل مع الأزمة . وأضاف في تصريحات خاصة ل"الأخبار" أن تلك الممارسات انعكست في عدد من المشاهد، أبرزها الإزدواجية الغربية فى الحديث حول أهمية إلتزام الدول بقواعد القانون الدولى، وما تضمنه ميثاق الأممالمتحدة حول تبني الدول للنظام الديموقراطى واحترام حقوق الإنسان، وهو ما لم يتم الالتفات إليه فى الإدارة الغربية لأبعاد الأزمة الأوكرانية، إذ تم التغاضي عن تلك المعايير مقابل الأجندات الجيوسياسية والاقتصادية الغربية، على سبيل المثال، إنجرفت المنظومة الغربية نحو المطالبة بإبعاد روسيا الاتحادية من عضويتها الدائمة في مجلس الأمن الدولي حتى لا تتمكن من استخدام حق النقض "الفيتو" للحيلولة من إدانتها من قبل الولاياتالمتحدةوبريطانيا. وأشارت "زهران" إلى الإزدواجية الغربية أيضًا عبر توظيف آلية "التضليل المعلوماتى"، من خلال مجموعة متنوعة من الأدوات، مثل التصريحات الرسمية المتقابلة، وتوظيف وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها أداة في حرب المعلومات ضمن ما يُعرف بدبلوماسية تويتر Twiplomacy، وكذلك وسائل الإعلام المفتوحة المصدر، مثل التقارير الإعلامية، والخرائط، وصور الأقمار الصناعية؛ للكشف على تطورات الصراع. وأوضحت أن الإزدواجية الغربية تجلت أيضًا فى ترسيم "الصورة الذهنية" حول "أبعاد المعادلة الأمنية" بالأزمة الأوكرانية، وذلك مقارنة بكافة الأزمات التى تسبب بها قوى الغرب بمناطق الإضطراب فى الشرق الأوسط، وعلى سبيل المثال في الوقت الذى تم اعتبار غزو الولاياتالمتحدة إلى العراق "تحريرا"، فإن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ينظر إليها الإعلام الغربي على أنها "غزو باطش"، إذ أن القوى الغربية "تختار معاركها" وتعيد ترسيم "الصورة الذهنية" للمجتمعات الفرعية بما يتوافق وأجنداتها الخاصة الجيوسياسية والاقتصادية والسياسية، دون النظر لأى إعتبارات قيمية أو قانونية. وأكملت د. إيمان زهران، بأن أحد مشاهد الازدواجية الغربية أيضًا، بدا واضحًا فى توصيف "المقاومة الاوكرانية"، ومدى الثناء عليها عند الحديث عن إدارة الأزمة الأوكرانية وإمدادهم بالمال والسلاح والمساعدات الانسانية، وهو ما لم يتم على الجانب الآخر، وذلك بالنظر للإدانة الغربية لقوى المقاومة الفلسطينية إلى حد وصفهم بالإرهابيين، وتقديم المساعدات المتباينة للجانب الإسرائيلي، وعلى سبيل المثال رصد حالة "الخلل" في التعامل الغربى مع ملف المقاومة وذلك عند مقارنة هذا الأمر بالنظر للقضية الفلسطينية، مقابل ما تم بالقضية الأوكرانية من السماح بجمع عدد من المرتزقة من المقاتلين السابقين ببعض الجيوش الغربية وتسهيل إيصالهم إلى الأراضي الأوكرانية للمشاركة في أعمال القتال، وقيام عدد من الضباط البريطانيين بالحصول على إجازات من وزارة الدفاع البريطانية وسفرهم للمشاركة في أعمال القتال أيضًا بأوكرانيا، ولم تتخذ وزارة الدفاع البريطانية ضدهم أي إجراء بل اكتفت بمخاطبتهم للعودة إلى بلادهم فقط بما يتنافي مع القانون الدولي. اقرأ أيضا| بوتين وبايدن يحددان الخط الأحمر.. و4 دول المساس بها يشعل الحرب العالمية الثالثة النفاق الغربي وفي ذات السياق أكد طارق البرديسي، خبير العلاقات الدولية والمحلل السياسي، أن ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين لدى الغرب معروفًا ويعتبر من الأمور "الكلاسيكية" وليس جديدًا عليهم ولا يدعو للتعجب، والأمثلة على ذلك كثيرة والتاريخ حافل بمثل هذه المواقف، وليس هناك أي عجب من أن يدعي الغرب أمورًا ويدعو إليها في الوقت الذي لا يطبقها على نفسه ويخالفها في شتى المواقف . وأضاف في تصريحات خاصة ل"الأخبار" أن من أمثلة ازدواجية المعايير لدى الغرب عبر التاريخ وتعاملهم بهذا "النفاق الغربي" موقفهم خلال حرب السويس وعدوان فرنساوبريطانيا على مصر عام 1956، والغزو الأمريكي لكلًا من أفغانستان وللعراق، وتدخل "الناتو" في ليبيا وسوريا والتدخل في شرق الفرات، مؤكدًا أن فكرة "الدهس" على القانون والأعراف الدولية يتبعها الغرب منذ قديم الأزل . وأوضح "البرديسي" أن عدم الانصياع لأحكام القانون الدولي يتجلى بوضوح مثلا في القضية الفلسطينية، حيث يضرب الغرب عرض الحائط بكل مقررات الشرعية الدولية، فالغرب ليس لديه مكيال واحد بل يتبع مكاييل كثيرة حسب المصلحة، وفكرة وجود خمسة دول كبار فقط لهم حق النقض "الفيتو" هي أيضًا ضد مبدأ المساواة وضد الديمقراطية والعدالة، خاصة أن تلك الدول الخمسة الكبار متخصصين في خرق ميثاق الأممالمتحدة، والقانون لا يطبق إلا على الضعفاء والدول العادية . وأشار إلى أن الدول العظمى لا تتحدث عن الشرعية والمساواة إلا حينما تتعارض المواقف مع مصالحها، وما نراه اليوم في الأزمة الأوكرانية نجد أن تلك الازدواجية أدت إلى عدم تعاطف رجل الشارع العادي مع "الناتو" أو الولاياتالمتحدة، بل بالعكس تجده مؤيد لوجهة نظر روسيا، ولسان حاله يتمنى أن يتجرع الغرب مرارة نفس الكأس، موضحًا أن تلك الأزمة كشفت أيضًا كذب ادعاءات الغرب حول حرية التعبير والرأي وحرية الإعلام، بعد أن أخرسوا وسائل الإعلام الروسية، وهو ما يؤكد أنهم كاذبون ولا يعترفون بالديمقراطية طالما تعارضت مع مصالحهم . وتابع "البرديسي" أن "الناتو" دائما ما يدعي ويدعو لعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول في الوقت الذي يتدخل هو في شئون الدول الأخرى، باستثناء الدول التي تمتلك "النووي" مما يؤكد عدم تطبيق القانون إلا على الضعفاء فقط، مشيرًا إلى أن أيضًا فكرة استخدام "المرتزقة" تعد خرقًا للقانون الدولي العام و"دهسًا" للسيادة الوطنية للدول والتدخل في شئونها، وهو أيضًا يكذب ادعاءات الغرب بالحيادية أو التزام القانون، ويكشف مدى ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين لديهم .